-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فتاوى غلام الله تحت الطلب!

فتاوى غلام الله تحت الطلب!

انجلى مؤقتا غُبار معركة المدرّسين مع وزيرتهم بن غبريط، غير أنّ زوبعة بوعبد الله غلام الله لا تزال تثير السجال الفقهي والمؤسساتي، ذلك أنّ المجلس الإسلامي الأعلى اضطرّ إلى نفي تحريم رئيسه للإضرابات ثلاث مرات في غضون 10 أيام فقط، بعدما تورّط غلام الله في إثارة الفتنة وسط الرأي العام، على خلفيّة الموقف “الشرعي” الذي تبنّاه مؤخرا تجاه احتجاجات الأساتذة والأطباء.

الوزير السابق حاول أن يستدرك سقطته الكبيرة، مؤكدا أنّه تساءل فقط عن شرعيّة الأجور التي يقبضها المضربون عن العمل، التي تدفعها الدولة من الخزينة العموميّة؟ ومثل هذا الكلام يعكس التخبُّط الواضح في موقف أسمى “هيئة إسلامية” في البلاد، لأنّ الرجل شغل الوزارة والإدارة لعقود، فهو يعلم قبل غيره، أنّ قوانين الدولة هي التي تنظم علاقات العمل والوظيفة العمومية، حيث تُعاقب المحتجّين بالاقتطاع من الرواتب، ما يعني أنّ استفهام غلام الله ليس سوى فتوى مبطّنة، نطق بها عن عمد لوضع المعنيّين في حرج أخلاقي، ولكنها لسوء الحظّ جاءت خارج السياق!

خرجة غلام الله غير الموفقة تعيد إلى واجهة النقاش أهمية المؤسسات الدينية ودورها في تكريس ما يعرف بـ”الأمني الاجتماعي” المرتبط بالهويّة الوطنيّة، ذلك أنّ ممارسات تلك الهيئات الرسميّة في الواقع لا تساعد إطلاقا على تثبيتها كمرجعية دينية لدى الجزائريين، الذين تُشير الإحصاءات الصادمة إلى أنهم الأكثر إقبالاً بين سكان المعمورة على فتاوى وبرامج صفحات التواصل الاجتماعي لشيوخ الخليج والمشرق العربي عمومًا.

في مناسبات سابقة وعديدة، عرفت تصاعد الجدل الاجتماعي حول الموقف الفقهي من قضايا كثيرة وشائكة، لاسيما ما تعلّق منها بالسياسات العموميّة، مثل حُكم الدين في قروض الشباب والسكن الإيجاري وسندات الاكتتاب وسواها… كان المجلس الإسلامي الأعلى، وعلى غرار وزارة الشؤون الدينية، يلوذ بالصمت المُطبق، حتى لا يظهر في صورة المشوِّش على برامج الحكومة، ولو كان ذلك على حساب تبْيان الأحكام الشرعيّة للناس، حيث يبرّر مسؤولو المجلس والوصاية عدم ردّهم على انشغالات المُستفتين بالقول: إنّ الصلاحيات التنظيمية لا تخوّل لهم إبداء الآراء الشرعيّة إلا للجهات الرسميّة التي تطلبها!

لكنّ تسويغ ممثلي الهيئات الدينية في بلادنا، وعلى غرابته، لا يصمد في الواقع، لأنّ المؤسسات ذاتها تخرج في الوقت المطلوب لتُصدر فتاويها علانيّة في حقّ المواطنين، فتحرّم “الحرقة” والإضرابات مثلاً، في موقفٍ واضح للاصطفاف مع الإدارة، أمّا حينما تكون الفتوى معاكسة لتوجهات الدولة فإنّ الألسنة تخرُس!

الأمرُ ذاته ينطبق على وضعية الأئمَّة فوق المنابر؛ فهؤلاء ممنوعون من “تسييس” المساجد، عبر تناول قضايا الشأن العامّ الحسّاسة، مثل ظاهرة الفساد والحكم الراشد والإصلاح السياسي… ولكنهم مأمورون في آنٍ واحد بالدعاية الانتخابية والتجنيد لمبادرات السلطة في كل المواعيد!

هذه الازدواجية في المعايير والأدوار هي أكبر تسييس وتحزيب لمؤسسات دستوريّة ودينيّة خطيرة، كان يُفترض أن تؤدي مهامها الأساسيّة وفق رسالتها الحضارية والاجتماعية، لتكون في خدمة الاستقرار العامّ بمفهومه السليم، وليس أداة ضمن أجهزة الحكم والسلطة!

إذا لم نحرِّر تلك المؤسسات من التوظيف السياسي الرسمي والشعبي، سيبقى الجزائريون، وفي مقدمتهم فئة الشباب، أسْرى الغزو الثقافي الديني وضحايا الأفكار المستوردَة، لأنّ الطبيعة تأبى الفراغ. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • zinou

    الى غلام السلطة هل باستطاعته ان يتحدث في المواضيع التالية :
    1تزوير الانتخابات مند الاستقلال الى اليوم
    2غياب رئيس الجمهورية مند 8 ماي 2012 على المستوى الوطني والدولى
    3بنوك الربا
    4 بيع وتصدير الخمور باشراف الدولة

  • عمر

    ذهبت بعيداً

  • عثمان

    في كلّ "سيرك" لا بد أن تجد مهرّجين أو ثلاثة، أما عندنا ففي كل واد تجد "سيركا" ومهرّجين كثرٍ. المشكلة أن "سيركنا" يفتقد العاملون فيه إلى الأناقة و التدريب و حسن أداء العروض سوى أكانت تلك العروض بهلوانية أو رياضية أو فنّية. الكل يتكلم في أمورٍ لا يعلم كنهها. فموضف في الدولة يعزل موضفا آخر لا لشيئ سوى أنه لم يخضع لمراداته و كوابيس أحلامه. يمكن بعاميتنا أن نقول "حك راسك و خرّج لينا قانونا". كثير سلّطوا علينا دون أدنى شرعية و يبتزّوننا "بشرعية" عدم شرعيتهم. نقول لصاحبنا أين أنت من لعبة صندوق الزكاة.

  • صالح بوقدير

    الكيل بمكيالين في تاريخ الأمةعميق فلم يكن وليد الصدفة بل يمتد إلى تاريخ رفع قميص عثمان رضيلع_الحق الذي أريد به باطل_انتفت بعده الشورى وسادالملك العضوض وانتصرالسيف على الحق واستسلم العلماءللأمرالواقع رغم جلاءنصوص الكتاب والسنةأمامن عارض منهم فلقي جزاءه فلم يشفع لابن الزبيراعتصامه بالكعبةولاللحسين قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قامت دولةبني العباس على مبدإ الشك_اقتل كل من شككت فيه_ونفس المبدإقامت عليه الدولةالفاطميةولم تكن الكلمةالحرةحاضرةإلانادراإلى يومنا هذا فلاتستغرب غرائب غلام الله.

  • الطيب

    هذه ليست فتاوى و إنما هي محاولة تقمص شخصية إسلامية " غائبة تمامًا في الواقع و يفترض فيها التأثير على المحتجين !" أي هي بديل يُستعمل كرادع ضد المحتجين الذين يؤمنون بالتحليل و التحريم . بمعنى آخر دغدغة العاطفة الدينية عندهم لكي ينتهوا عن احتجاجاتهم أو عن هجرتهم غير الشرعية !
    ماذا لو قال هذا المفتي:اعطوا للناس حقوقهم أولاً حتى يتوقفوا عن الاحتجاج و عن الحرقة و الإسلام ليس برداء تتسترون به وقت ما تشاؤون و ترمونه وقت ما تشاؤون !؟
    كيف سيكون الموقف بعد ذلك !؟هل يخاصم المحتجون شيوخهم أم ينصتوا إليهم!؟

  • نصيرة/بومرداس

    غريب يخشون الحكومة ولا يخشون الله في فتواهم فيحللون ويحرمون حسب الحاجة

  • جلال

    هل تساءل السيد المفتي عن شرعية الأجرة التي يقبضها كل شهر؟وهل التزوير وأكل المال العام بالباطل والإصطفاف مع أصحاب النفوذ الفاسدين حلال أم حرام؟ إن تبيان الأحكام الشرعية يكون لما شرعه الله لا غير وهؤلاء الكهنة والمتفيقهون في العالم الإسلامي شرعوا من الدين ما لم يؤمر به الله وتعدوا على حاكمية الله فسوف يلقون غيا فمن أين لهم تحريم الحرقة أو الإضراب؟( قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء:97].

  • فوضيل

    إن طبيعة هذه الفتاوى لا يمكن أن يكون القصد منها توعية الشعوب بقدر ما هو تخريب عقولها وإشغالها بأمور ثانوية بدلا من تركيز اهتمامها بالارتقاء بمستواها التعليمي والفكري،وللأسف هاته الفتاوي تجد قبولا عند نسبة كبيرة من الناس،لأن كل ما يغلف بشيء من الدين يجد طريقه سريعا لقلوب الجماهير وقناعاتهم العاطفية وليس العقلية، مما يساهم في تخريب عقولهم...فلتكن لديكم الشجاعة أنتم "كمثقفين" تؤمنون بالمشروع الاسلامي أن تقولوا بصراحة ما يلي ...إن سيطرة الدولة على الدين (أوالعكس) يؤدي إلى إفساد السياسة والدين معا؟

  • زائر

    يا سي عثماني, ومن يكترث اصلا بما يقوله هؤلاء الوزراء واشباههم من البرلمانيين وغيرهم في هذا البلد, لهذا لا تهتم ولا تتحسر بما ينطقون فهم قد باعوا ضمائرهم الحية بملذات الدنيا ونعيم السلطة لارضاء ساداتهم الذين نصبوهم, لهذا فلا تسأل عن تسييس المؤسسات الدستوريّة والدينيّة. اما عن الاحصاءات التي تكلمت عنها فعليك عن تتأكد من مصدرها ومصداقيتها بنفسك, فزمن تخذير وخداع الناس بما تقوله قنوات التلفاز قد ذهب . تغمدنا الله برحمته.