-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فتّشوا عن الفقراء الجُدد..!

فتّشوا عن الفقراء الجُدد..!
الشروق أونلاين

صرخة تنسيقية مكتب العاصمة لسيارات الأجرة في مراسلتها لوزير النقل قبل يومين، تعبّر عن حالة مُزرية آلت إليها تلقائيّا وضعية مئات الآلاف من العمال الجزائريين اليوميّين، ومن ورائهم عائلات تستغيث لإنقاذها من شبح الجوع، لأنّ مدخولها المالي الوحيد توقف بسبب تداعيات أزمة كورونا.

نداء 200 ألف سائق “طاكسي” عبر الوطن، هو صورة مصغرّة عن وضعية كل العمال اليوميّين والحرفيّين، وكافة المسرّحين الجدد من القطاع الخاص وحتى العمومي الصناعي أحيانا، من الذين أحالتهم التدابير الاحترازية على البطالة الإلزاميّة إلى إشعار آخر غير معلوم، وهؤلاء سيشكلون عبءا إضافيّا في تعداد الفقراء والمحتاجين في هذه الظروف العصيبة على الدولة، ناهيك عن مصير آلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نفسها، وهذا مشكل آخر.

صحيح أنّ الجزائر مثل غيرها من أرجاء المعمورة، قد حلّ بها ما أصاب البشريّة من وباء وبلاء، ولا حيلة آنيّة للسلطات العمومية في مواجهة الوضع الطارئ، لكن وجب في كل الأحوال التكفل بهذه الشريحة والتخفيف من معاناتها قدر المستطاع، ولو في إطار إعادة توزيع مُدخلات التضامن الوطني وإدارته بشكل عادل ومتوازن.

من الواضح أنّ الحكومة حاليّا لا تملك موارد مالية لتقرير إعانات عينيّة مُباشرة للطبقات المتضررة، وحتى لو توجهت نحوها، فالأمور ستأخذ وقتا من الناحية الإجرائية والتقنية الإحصائية، وذلك ما كشف عنه خطاب الوزير الأول، عبد العزيز جراد، في زيارته التفقدية مؤخرا إلى مدينة البليدة، حيث أكد “أن الدولة لن تتخلى عن أي أسرة جزائرية، مهما كان موقعها سواء بالجبال أو المدن أو القرى أو الصحراء”، غير أنه أوضح لاحقًا “أنها وضعت آليات للتضامن عبر فروعها المحلية للاستجابة لاحتياجات الأسر المعزولة والتكفل بكل الذين كانوا يستمدون قوتهم اليومي من فرص عمل يومية والذين منعهم الحجر الصحي من تحصيل مصدر قوتهم اليومي”، ما يعني أن الرهان الوطني الممكن الآن هو تفعيل التكافل المجتمعي بين الجزائريين.

صحيح أن ذلك لن يعفي الدولة بتاتا في حدود قدراتها من الوقوف إلى جانب المواطنين بكل الوسائل المتاحة، وقد شدّد الرئيس عبد المجيد تبّون على مسؤوليتها بهذا الصدد في لقائه الأخير بوسائل الإعلام، في انتظار أن تتضّح الآليات العملية للتنفيذ، وهي بلا شكّ تستوجب التعجيل ولا تحتمل التأخير عن وقت الحاجة إطلاقا، علما أنّ هناك عدّة مقترحات يطرحها الشركاء، ولو أن أغلبها يصبّ في مصلحة المؤسسة أكثر مما يضمن حقوق العامل البسيط.

وفي ضوء هذه المؤشرات الاجتماعية والمعطيات الميدانية، يبقى في اعتقادنا تثمين التكافل التقليدي هو الوسيلة الناجعة لمؤازرة الجزائريين على شدّة الظروف، بمعنى توجيهه إلى مستحقيه الفعليين من “الفقراء الجُدد” في سياق المرحلة القائمة، لأنّ حجم التبرعات والمساعدات التي يتم تداولها اليوم في العمل الخيري هائلة جدا، لكن أثرها التضامني في الواقع سيكون مرهونا بحسن الإدارة والتوزيع.

ليس إقصاء لأي فئة محتاجة، لكن نعتقد أن مساعدات كورونا، إن جاز التعبير، يجب أن تخصص حصريّا لمن أجبرتهم الأزمة المستجدّة على البطالة، فهؤلاء قد لا يأبه بهم المجتمع في ظل الحرج من التسوّل، عوض أن تذهب إلى عائلات تأخذ حظها من الإحسان طوال العام وفي كل المواسم، حتى تزيد الإعانات عن حاجتها، بينما نجد آخرين محرومين بسبب الغفلة عن أوضاعهم البائسة.

كما أنّ على فاعلي الخير أن يلتفتوا إلى مُدنهم وقُراهم وجيرانهم، لأنّ بعض المسؤولين المحليّين يريدون أن يجعلوا من تحويل قوافل الإغاثة نحو أهلنا في البليدة مطيّة يركبونها للاستعراض أمام السلطات العليا، بينما في الواقع لا فضل لهم في شيء سوى السطو على جهود المجتمع المدني!

نظن أنّ ما وصل مدينة الورود من مساعدات شعبية كافٍ، وكان فقط تعبيرا ماديّا ورمزيّا عن تلاحم الجزائريين، لأنّ رجالها وكرامها لن يتركوا إخوانهم في العوز والخصاصة، والآن وجب التفرغ محليّا للمحتاجين في كل ولاية.

من المهمّ كذلك أن تخصص منظمات القطاع الخاص وأرباب العمل مساعداتها للتكفل بالعمّال العاطلين مؤقتا، وأن تهيكل مساعداتها ضمن هذه الفئة، لأنّ الأولويّة المفترضة لديها دومًا هي العامل المتضرر، بدل أن تمنحها إلى وُجهات أخرى أو تتقرّب بها إلى المسؤولين، بينما أقرب الناس إليها جائعون!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ali ben

    Delà l’importance de créer une économie basée sur la transparence et la technologie. Pour veux qui aiment travailler en noir, c’est bien de travailler non-déclaré pour ne pas payer ses impôts à l’État, mais quand il s’agit d’une tragédie mondiale qui affecte les économies des pays, il n’y pas plus important que l’aide de l’état lui-même pour venir en aide aux tranches de la population les plus touchées.

  • لزهر

    حان الوقت لتسجيل كل العائلات الجزائرية المحرومة والمتضررة وذات البعد (الصحراوية) في مراكز الضمان الاجتماعي نهائيا.
    و على القطاع الخاص و أرباب العمل و المهن الحرة تصريح (دفع المشتركات) كل عامل يوظفون .و تسطيره تحت قوانين ردعية لمن يخالفها للحد من الفوضى و اللامبالاة بالمواطن البسيط. بهذه الطريقة نستطيع أن نقول أننا نخلق تواز ن بين هذه الفيئات من المجتمع وكسب ثقتهم و عدم تضمرهم من هذه الوظعية. لان وجود كل العائلة تحت سقف واحد لمدة 24 ساعة يخلق نوعا عدم الاحساس بالراحة. المختصين في الحياة الاجتماعية تدخلهم لا بد أن يكون في الحال