-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فشل حروب أمريكا الاقتصادية

فشل حروب أمريكا الاقتصادية
ح.م

حروب أمريكا الاقتصادية لن تحقق جدواها، فهي أشبه بمراهنات لا تضمن الربح الأكيد، في اعتقادات خاطئة، حروب تأخذ زمنا طويلا، يترقب قادتها تحقيق أهدافها المستحيلة.

يدرك أصحاب القرار في الولايات المتحدة أن سياستهم المتجددة في فرض عقوبات اقتصادية ضد أفراد أو مؤسسات أو أنظمة تناوئها، لن تؤدي إلى سقوطها، وهي القادرة على التكيُّف مع حصار اقتصادي، تتحمل أعباءه قطاعاتٌ شعبية واسعة، تخضع لسلطات حاكمة تفرض سيطرتها المطلقة.

رأت الولايات المتحدة في سيرة عقوباتها الاقتصادية، الواردة في خطط سياساتها الخارجية، أن الأنظمة الخاضعة لعقابها تبدو أكثر قوة في داخل محيطها الحاكم، وتفرض على شعوبها سياسات الظرف الراهن، وتؤهِّلها لقبول إجراءات التقشف القصوى.

فشل العقوبات الاقتصادية يجرُّ مركز القرار الأميركي إلى البحث عن خيارات أخرى، هي أسوأ الخيارات وأكثرها تكلفة مادية وبشرية، ينتقل فيها القرار من إدارة سلطة سياسية إلى قيادة عسكرية تفرض منطقها.

عقوباتٌ فرضها مجلس الأمن الدولي على العراق استمرت 13 عاما (1990-2003)، في شكل حصار شامل، وصل إلى حد منع الغذاء والدواء، لم تفقد النظام الحاكم آنذاك قوته، وأدار سياسة تقشف تقبَّلها الشعب مجبرا، وتحمل قسوتها.

أمام إدراك فشل الحصار والعقوبات التي راهنت عليها إدارة البيت الأبيض، تسلم البنتاغون زمام المبادرة، في تحالف مع الجيش الملكي البريطاني، في إسقاط نظام، عبر غزوة، انتهت باحتلال عسكري.

استمرت واشنطن في فرض العقوبات الاقتصادية في حروبها المفتوحة في العالم والشرق الأوسط، وأخضعت كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وسوريا والسودان وإيران تحت طائلها:

عدم تصدير الأسلحة ومراقبة صادرات التكنولوجيا المزدوجة الاستخدام وفرض قيود على المساعدة الاقتصادية وتوسيع دائرة القيود على الأنشطة المالية والمصرفية والتجارية.

زادت الولايات المتحدة من حجم العقوبات على طهران عام 1984، بحظر مبيعات الأسلحة، وفق القانون الخاص بمعاقبة إيران “ISA”، وشددت سقفها عام 2013 بقرار صادق عليه الكونغرس الأميركي.

وكان الرئيس بيل كلنتون قد حظر تجارة الولايات المتحدة في الصناعة النفطية الإيرانية، قبل أن يمارس حظر أي نوع من أنواع التجارة مع إيران، وجمد الرئيس جورج بوش “الابن” أصول الأفراد المرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني، وصادق الرئيس باراك أوباما على القانون الشامل للعقوبات والمساءلة، وسحب الاستثمارات من إيران، ومنعت المؤسسات المالية الإيرانية من الوصول مباشرة إلى النظام المالي الأميركي ومؤسساته بشكل مباشر أو غير مباشر.

جددت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي، أخذ شكل حصار اقتصادي شبه شامل، في ظل إيقاف الصادرات النفطية والشحن ومعاقبة المؤسسات المصرفية.

حرب أميركا الاقتصادية ضد إيران لم تحصد ثمارها، فهي اعتمدت وتائر أسرع في تخصيب اليورانيوم وتطوير الصواريخ الباليستية، وعززت قدرات أذرعها في سوريا ولبنان واليمن وشدَّدت قبضتها على العراق عبر ميليشيات مسلحة أخذت موقعها فوق القانون وتحكمت بخزائن عوائده المالية.

وقانون عقوبات “كاتسا” لم يُثن تركيا من إتمام صفقة منظومة “400 أس” الدفاعية مع روسيا.

وأمام قانون عقوبات “قيصر” تنبَّهت روسيا إلى ضرورة منح النظام السوري حصانة سياسية واقتصادية وأمنية أكبر.

خرجت كوبا أقوى، وجدّدت وجودها بعد رحيل قائدها فيدل كاسترو، وأمريكا لم تجدد قانون عقابها الاقتصادي.

وثروات فنزويلا النفطية لا تستغني عنها الأسواق العالمية، فأضحت أقوى من قانون العقوبات الأمريكي، في ظل شراكة استراتيجية مع روسيا الفيدرالية.

وأضحت كوريا الشمالية الرقم الأصعب في آسيا والقوة الأكبر في شبه الجزيرة الكورية، والرمح النووي الصيني الضارب.

أمريكا مازالت تتقيد بقانون الحظر العام الذي فرضه الرئيس توماس جيفرسون 1807 “منع السفن الأمريكية من التجارة مع الموانئ الأجنبية” الذي انطوى على خيبات فشله المتجدد في القرن الـ”21″.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • جزاءري

    العقوبات ليست سياسة بل جراءم ضد الشعوب . العقوبات وراءها فكر داعشي متطرف لأنه فكر يدرك ان المتضرر الاول والاخير من العقوبات هي الشعوب وليس الحكام .

  • نحن هنا

    سياسة أمريكا في الخارج والانظمة الاستبدادية الحاكمة وجهان لعملة واحدة فمن حال دون تحرير الشعوب من قبضة الاستبداد غير أمريكا

  • المتأمِّل من بلدي

    الغرب المنافق، ظاهريا يتبجّح بحقوق الانسان وباطنيا ينتهج سياسة معاكسة تماما لحقوق الانسان وبالخصوص مع الدّول التي لا تريد الانبطاح.. فالغرب بحجّة معاقبة صدّام حسين، عاقبت الشعب العراقي إلى درجة وصوله إلى حافة المجاعة.. كذلك الأمر بالنّسبة لإيران، عوض استهداف نظام الحكم استهدفوا كل الشعب الإيراني، لكن لحسن الحظ الإيرانيون كانوا أذكياء، إذا استغلّوا الأزمة وانطلقوا في ترتيب بيتهم اعتمادا على نفسهم وحقّقوا إنجازات لم تحقّقها دول المنطقة رغم غناها...

  • محمد

    المفهوم ان الهدف من العقوبات الاقتصاديه هو الاضرار بالاقتصاد و خنق الناس و هذا ما حصل في كل الدول التي حاصرتها امريكا فكيف فشلت ؟