-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فقّي “يُحيي” الاتحاد المغاربي

فقّي “يُحيي” الاتحاد المغاربي

عاد موسى فقّي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي إلى واجهة الأحداث مجددا، بعد أسابيع من إجهاض مسعاه لضمّ الاحتلال الإسرائيلي كعضو مراقب بالهيئة، لكنه هذه المرة اختار بوابة الاتحاد المغاربي والنبش في الأزمة الجزائرية المغربية.

ووافق هذا الدبلوماسي التشادي، على تعيين موظفة مغربية بالأمانة العامة للاتحاد المغاربي والتي مقرها الرباط، ممثلة للمنظمة المغاربية لدى الاتحاد الإفريقي.

تبدو هذه الخطوة عادية بحكم أن فقي مارس صلاحياته كرئيس لمفوضية الاتحاد الإفريقي، لكن ما لم يعلن أنه قبل أيام تلقى تنبيها من الجزائر، باعتبارها عضوا في الاتحاد المغاربي، حول اعتراضها على الخطوة، بسبب خروق قانونية شابتها.

لكن الغريب أن رئيس مفوضية الاتحاد مضى في هذا المسار، دون تأجيل التعيين أو استشارة الدول الأعضاء وهو ما جعل الخارجية الجزائرية تصف تصرفه بـ”المتهوِّر والطائش”، وهي قضية لم تكشف بعد كل أسرارها.

هذا التصرف من فقي يمكن اعتباره الثاني من نوعه، بعد قضية موافقته على ضم الكيان الصهيوني بصفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي، دون استشارة الدول الأعضاء، بشكل أدخل الهيئة القارية في انقسامات وحالة ارتباك دامت أشهر.

وخاضت دولٌ إفريقية وعلى رأسها الجزائر وجنوب إفريقيا، معركة داخلية من أجل إبعاد الكيان عن الاتحاد خلال القمة الأخيرة، والتي شهدت بدورها حادثة غريبة بحصول دبلوماسيين إسرائيليين على شارات المشاركة قبل طردهم.

وفي وقت كان الجميع ينتظر نتائج التحقيقات التي أعلن عنها فقي لمعرفة كيفية اختراق الدبلوماسيين الصهاينة للقمة الإفريقية، كما تعهّد بذلك سابقا، أحدث هذا المسؤول الإفريقي أزمة أخرى.

ومنذ إعلان قرار اعتماد ممثلة للاتحاد المغاربي من جنسية مغربية، تم طرح عدة أسئلة حول خلفيات هذا “الودّ المتبادل” بين النظام المغربي وهذا الدبلوماسي التشادي، علما أن الرباط ترفض إلى حد الآن التعامل مع مبعوثه إلى الصحراء الغربية وكذا أي دور لهيئته في النزاع.

كما أن هناك عدة أسئلة حول هذا الاهتمام المفاجئ للنظام المغربي باتحاد المغرب العربي وتمثيله في مختلف الهيئات الإقليمية والدولية، بدل البحث عن سبل بعث الروح في هياكله الميتة أصلا.

وكانت الرباط قد دقت آخر مسمار في نعش الإتحاد المغاربي، بعد اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني في ديمسبر 2020، والتي يعني دخولها حيز التنفيذ، أن الآمال التي كانت معلقة على تكتل اقتصادي مغاربي كحد أدنى قد تبدَّدت، لأن التبادل التجاري الحرّ بين دول المنطقة في ظل وجود منتجات إسرائيلية في السوق المغربية أصبح صعبا.

وبالرجوع إلى الوراء نجد أن المملكة تتذيل ترتيب الدول المغاربية من حيث التصديق على الاتفاقيات البينية المبرمة في إطار الاتحاد؛ فمن بين 36 اتفاقية منذ تأسيسه عام 1989، صدّقت ليبيا على 35 اتفاقية والجزائر على 29 اتفاقية وتونس وموريتانيا على 28 اتفاقية، في حين وقعت المغرب على 8 اتفاقيات فقط.

وأكثر من ذلك، فإن سلطات الرباط هي أول من تخلى عن بند في معاهدة تأسيس الاتحاد المغاربي ينص على استحداث منصب الوزير المنتدب للاتحاد المغاربي، وهو منصب اختفى من أول حكومة للملك محمد السادس، والتي قادها دريس جطو عام 2002.

والظاهر أن القصر المغربي أصبح يعول على الأمانة العامة للاتحاد المغاربي والتي مقرها الرباط وتعيش حالة بطالة، لتعويض هذا المنصب الوزاري، إذ أضحى التونسي الطيب البكوش رهن إشارة السلطات هناك لتنفيذ مخططاتها، وكان آخرها تعيين ممثلة في الاتحاد الإفريقي رغم انتهاء عهدته صيف 2022، ويجب عقد اجتماع جديد لوزراء الخارجية للتمديد له أو لتعويضه.

وحتى بيان الأمانة العامة الذي رد على الاحتجاج الجزائري، ظهر أنه لا يختلف عن بيانات الخارجية المغربية من ناحية محتواه ولغته، وحاول عبثا تبرير انحرافه، وبغضّ النظر عن مسألة شرعية الأمين العام، لم يجب عن سؤال هام وهو: لماذا الاستعجال في هذا التعيين؟ وهل المغرب العربي وهياكل الاتحاد لا يوجد بها أيُّ موظف سوى الموظفة المغربية؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!