الرأي

فكرة لحلّ مشكلة الصناعة

محمد سليم قلالة
  • 935
  • 3
ح.م

ينبغي تحرير الصِّناعة مِثلَما تم تحرير الفلاحة من القيود البيروقراطية والتعقيدات الجبائية، إذا أردنا لهذا القطاع أن ينطلق. لا أتصور أننا لو أثقلنا الفلاحة بالقوانين والضرائب والشروط، سيبقى مستثمرٌ واحد في هذا القطاع. مفتاح النجاح في قطاع الفلاحة هو الحرّية، والصعوبات التي مازالت تُعطِّل هذا القطاع وتَمنعه من التصدير إنما هي الإدارة البيروقراطية، وما اتصل بها. لولا البيروقراطية لأنتج الفلاحُ أضعاف ما ينتجه اليوم، ولصدّره، ولو عرف القطاع الصناعي نفس التحرير لتكامل القطاعان وتم استحداث صناعة غذائية حقيقية.

مشكلتنا الأساسية تكمن في هذا المستوى؛ الإدارة القائمة على القطاع الصناعي والسياسات المتَّبعة في هذا الشأن لا تُشَجِّع المنتجين الحقيقيين، والقوانين السارية المفعول مازالت تَمنع المبادرة، وتُخيف المقاولين الحقيقيين القادرين على البرهنة على عبقريتهم في الميدان.

أما وأنَّ القرارات مازالت في يد الإدارة، أما وأنَّ مسؤولا في بنك أو في مصلحة ضرائب أو في إدارة مركزية أو محلية يمكنه أن يجعل مشروعَ استثمار ناجح فاشلا، ويوهم إدارته بنجاح الفاشل، فإنَّ الأمور لن تستقيم وكل النيات الحسنة أو الطموحات ستتحطم أمام بيروقراطي مغمور اعتاد على ممارسة سلطته على الآخرين.

لذا، فإنه علينا، ونحن نرى شركات عالمية كبرى تعاني اليوم من عدم القدرة على الانطلاق، ونحن نرى كافة المؤشرات تقول إنه علينا استباق الزمن لكي لا نقع في المحظور، أن لا نتردد في القيام بخيارات غير تقليدية، لمواجهة وضعية غير تقليدية مثل التي نعيشها اليوم.

فكرتي، أنه من غير الممكن علاج الوضع الاقتصادي الراهن في ظل وجود آلة بيروقراطية تَكلَّست ردود أفعالها هذه عقودا من الزمن على نفس النمط من الأداء الثقيل والسيء والمتخلف للأسف، وزادها مرضا اليوم على ما هي عليه، الخوفُ من الوقوع في الخطأ نتيجة نشاط آلة المحاسبة المُبرَّرة وغير المبرَّرة. كما أنه من غير الممكن إصلاح هذه الآلة البيروقراطية المعقدة والمصابة بكل الآفات في ظرف وجيز… وحتى وإن أردنا فإن الغلبة ستكون لها، وسنعرف الانهيار الأكيد بعد حين. ومادام الأمر كذلك، فإنّ الحل غير التقليدي هو المخرج، ويقوم على الإجابة عن سؤال أساسي من قبل الخبراء: كيف يمكن أن نبني صناعة خارج هذه الآلة البيروقراطية الفاسدة، أي بعيدا عن التفكير في إصلاحها، إلى حين إنشاء آلة تسيير جديدة كُلية، فعَّالة وديناميكية تواكب القطاع الصناعي الجديد، وتدعم القطاع الفلاحي بتعزيزات أخرى؟

وأرى أنه لدينا من ذوي الخبرة في هذا الميدان لتحقيق هذا الخيار، خيار صناعة خارج نطاق الآلة البيروقراطية المُتكَلِّسة حاليا. نحتاج فقط إلى قرار سياسي شُجاع. قرار يقول لخبرائنا الذين اجتمعوا منذ أيام قليلة لدراسة بدائل النهضة الاقتصادية: مَكِّنونا من معرفة كيف نُطلِق اقتصادا وطنيا خارج الإطار البيروقراطي السائد. ما الذي ينبغي فعله؟ وكيف؟ وعند الوصول إلى الإجابة لن يبقى سوى التنفيذ. وأظن أن الإجابة ستتوفر، بشرط واحد: الخروج عن الحلول المنطقية التقليدية والتفكير بمنهجية جديدة عابرة للمنطق، وقادرة على الابتكار. وهذا ليس بالأمر المستحيل. وبإمكانه أن يعيد إلينا الأمل في أننا يمكن أن نتعدى الصعوبات القادمة بسلام.

مقالات ذات صلة