-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فوبيا المآذن!

سلطان بركاني
  • 4507
  • 1
فوبيا المآذن!

منذ أن كان مشروع مسجد الجزائر فكرة يسعى الخيّرون في هذا البلد لتتحوّل إلى واقع، بدأ الإعلام الفرنسيّ يجلب بخيله ورجله ويستنفر عملاءه في الدّاخل لتسفيه الفكرة التي تنسف برمزيتها آمال المحتلّ القديم الذي فجع بتحوّل المكان الذي كان يحتضن أكبر مدرسة للآباء البيض في أفريقيا! إلى أرضية يبنى عليها أكبر مسجد في القارة الأفريقية، تعلوه مئذنة هي أعلى مئذنة في العالم، في موقع حمل اسم “المحمّدية” تيمّنا باسم النبيّ الأكرم -عليه الصّلاة والسّلام- بعد أن كان يحمل اسم الجنرال الصليبي لافيجري، وهي رسالة واضحة تبعث بها منارة جامع الجزائر إلى الضفّة الأخرى من المتوسّط مفادها أنّ هذا البلد كان ولا يزال وسيظلّ بلدا مسلما.

ما فعلته الصحيفة الجزائرية المفرنسة المعروفة بعدائها لكلّ ما هو عربيّ وإسلاميّ، يوم الاثنين الماضي، حينما حذفت منارة المسجد الأعظم من صورة على صدر صفحتها الأولى، ليس بجديد على هذه الصحيفة، فقد سبق لها أن عارضت مشروع المسجد وعرّضت به، وسفّهت فكرته واستكثرت الميزانية التي رصدت له، شأنها في ذلك شأن نديماتها من الصّحف السّابحة في نفس الفلك والتي سبق لإحداها أن نشرت رسوما كاريكاتيرية تستهزئ بمنارة المسجد الأعظم وتحيي مقولة الكاتب الفرنكفوني المعروف “كاتب ياسين” حين وصف مآذن المساجد بالصواريخ التي لا تريد أن تنطلق إلى السّماء!!!

ولذلك فالمبرّرات التي سيقت للتغطية على خرجة الصحيفة كان يمكن النّظر فيها لو لم تكن الخرجة متّسقة مع أدبيات الجريدة وموقفها المعادي لمنارات المساجد ولكلّ ما له علاقة بالدّين؛ فهل يعقل أن يحتاج مخرج الصفحة الأولى إلى حذف منارة تمثّل معلما من معالم المكان الرئيسية والمشهورة لأجل إبراز العنوان الرئيس للصّفحة؟ وهل هذا هو الحلّ الوحيد الممكن؟ وهل يكفي أن يُتذرّع بحذف عمود كهربائي من الصّورة للتغطية على حذف منارة المسجد الكبير، وهل عمود الكهرباء في مقام المسجد الكبير من حيث الرمزية؟

الجريدة سيّئة السّمعة، تؤدّي الدّور المنوط بها من قبل أولياء نعمتها في فرنسا، ولا يبعد أن تكون رسالتها التي أرادت إيصالها من خلال خرجتها الأخيرة، أنّ مسجد الجزائر ينبغي أن يعطّل عن رسالته، بعد أن علّقت به الجمعة منذ 10 أشهر، ويتخلّى المتحمّسون عن الدّور الحضاريّ الذي تمنّوه ورسموه له، لأنّه -حسب تفكير القائمين على الجريدة ومن يؤزّهم- من مخرجات مرحلة كان يفترض لها أن تقلب الموازين لصالح الأقلية المستغربة لكنّها وقفت في منتصف الطّريق ولم تبلغ الهدف!

موقف الجريدة الفرنكوفونية قرع العقول والقلوب بأهمية المساجد ومناراتها ودورها في زيادة منسوب اعتزاز المسلمين الصادقين بدينهم، وإغاظة الكافرين والمنافقين، ولهذا لمّا سَأل أحدهم الشّيخ الشّعراويّ -رحمه الله- عن دور مآذن المساجد في زمن مكبّرات الصّوت، قال: المآذن لإغاظة الكافرين والمنافقين، وها نحن نرى مصداق هذه الحقيقة في السّعار الذي أصاب العلمانيين في الجزائر بسبب منارة “المسجد الأعظم”، على الرّغم من أنّ المسجد إياه لا يزال بناءً لم يضطلع برسالته التي يتمنّاها له الغيورون على دينهم؛ تميّزت قلوبهم غيظا من المنارة التي تعانق السّحاب، مع أنّها تعلو مسجدا عطّلت فيه الجمعة ولا يزال الدّور المرجوّ له أن يؤديه مجرّد أمانٍ لم تجد لها طريقا إلى الواقع!

ستظلّ الجريدة سيّئة السّيط وأخواتها تحاول جاهدة التقليل من أهمية هذه المنارة الشّامخة، وستعمل على استثمار كلّ مناسبة لتنفيس أحقاد القائمين عليها، وتظلّ ترجع صدى الآهات والحسرات التي يطلقها اليمين المتطرّف في فرنسا خاصّة وأوروبا عامّة.

اليمين المتطرّف في أوروبا له مشكلة كبيرة ومستعصية مع المآذن، وقد سبق له أن استنفر كلّ إمكاناته في سويسرا وشنّ حملة واسعة أنفقت عليها أموال طائلة لمنع بناء المآذن هناك، وقد كان له ذلك بعد الاستفتاء الذي أجري أواخر شهر نوفمبر من العام 2009م، حيث صوّت 57 % من المشاركين على حظر بناء المآذن، والمفارقة أنّ الحكومة والبرلمان السويسريين كانا ضدّ الحظر، وحتّى المجتمع الدولي في مجمله كان ضدّ نتائج الاستفتاء، على الرّغم من أنّ القضية تتعلّق ببلد أوروبي لا تتجاوز نسبة المسلمين 5% من سكّانه.. لكن يبدو أنّ “فرانكوش” الجزائر قد بلغ بهم الحقد على كلّ ما هو إسلاميّ حدا لا شفاء منه!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • منير

    والذي يؤسفني أكثر هو وجود أشباه المثقفين الإسلاميين و حتى من المسلمين الملتزمين والملتحين من يقف في فلكهم ضد بناء هذا المسجد الرمز بدعوة التبذير. ولا يستطيعون إستيعاب مايحيكه هؤلاء لرموز الإسلام من طمس و تحييد و تتفيه.