-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فيصل القاسم يباع في سوق النخاسة

خير الدين هني
  • 42371
  • 0
فيصل القاسم يباع في سوق النخاسة

الخرجات الغريبة لفيصل القاسم، صاحب أشهر برنامج على الجزيرة (الاتجاه المعاكس)، التي جعلته يتهجم على الجزائر من غير أن تسيء إليه بلفظ أو لحظ أو غمز، لصالح دولة المخزن التوسعية المطبعة مع عدو الأمة الصهيوني، وهي الدولة التي باعت الدين والذمة والنسب الشريف، مقابل الاستقواء بها على الجزائر التي تربطها بالشعب المغربي الأصيل روابط الدين واللغة والقربى والتاريخ والحضارة والجغرافيا، هذه الخرجات الغريبة وغير المألوفة في تاريخ العمل الصحفي القومي الحر، الذي من وظائفه الأولية الدفاع عن قضايا الأمة ومصالحها وليس على مصالح الخونة والمأجورين وبائعي الشرف من الأفراد والسياسيين المبطانين ممن باعوا ضمائرهم مقابل منافع ذاتية ضيقة، ولكن فيصل القاسم -ولأمر ما- تحول إلى سوق النخاسة السياسية ليتخذ منه صعلوكا إعلاميا يخدم أجندة معادية للأمة وخطها النضالي الثوري الذي استشهد من أجله قوافل الشهداء العرب، ولاسيما الشهداء الفلسطينيين أصحاب أرض الرباط كما تنبأ بذلك النبي (ص).

خرجة فيصل القاسم بعدائه الشديد للجزائر، جعلت الملاحظين والمتابعين من المجتمع السياسي والإعلامي والثقافي وأصحاب الرأي، يندهشون من هذا الانقلاب الجذري في مواقفه النضالية للأمة، إذ أصبح بمواقفه الجديدة يشكل ضمن المجموعة الخائنة طابورا خامسا يخدم المصالح الصهيونية، وهو الطابور الذي حرص على غرسه في الأمة، الإرث السياسي لاتفاقية سايكس بيكو التي مزقت الصف العربي وجعلته شذرَ مذرَ في شتات أبدي متنازعين، إذ نصبت النظم العميلة لتكون وكلاء عنها في خدمة مشاريعها السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية والقومية، فكان هذا التقسيم والتنصيب أن شكلا نكبة سياسية ومفهومية أصابت الوعي السياسي العربي الحالي، ووقف حاجزا منيعا في وجه أي اتحاد عربي موحد على نحو الاتحاد الأوروبي أو الأفريقي أو مجموعة بريكس، ومن هذه الأنظمة العميلة نظام المخزن الذي أصبح يُعبّر عنه في الأدب السياسي الساخر بالمهلكة المغربية، لأنها أهلكت تكوين الوحدة المغاربية ضمن وحدة سياسية واقتصادية، بسبب أحلامها القر وسطية وأطماعها التوسعية التي كانت قبل نشأة الحدود السياسية الحالية المنصوص عليها في المواثيق الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة.

والمهلكة المغربية حسب التعبير الساخر، التي استأجرت فيصل القاسم من سوق النخاسة الإعلامية، ليسيء إلى الجزائر وشعبها، تجاوزت كل الأعراف في سياستها العدوانية الجوارية، ولم يكفها ما أثارته من مشاكل مع دول الجوار، فزادت عليها بارتكاب جرم سياسي شنيع طوعي، صنفها في باب الخيانة العظمى لبلدها وشعبها وقضايا أمتها، حيث اندمجت عسكريا وثقافيا مع كيان عنصري غاصب، بغية الاستقواء على دولة شقيقة بينها وبين شعبها روابط متجذرة في التاريخ، وفتحت له أرضها المعطرة بفواح التاريخ الإسلامي ليدنسه بأقدامه النجسة، ويعبث بشرف نسائه الموظفات في السفارة المخابراتية التي فتحها في بلاده، حيث وقعت فضيحة كبرى لطخت سمعة المغرب وشرفه، وأساءت لما إذا صح من النسب الشريف لعائلة المخزن الحاكمة، والذي صدع عاهله العالم بمقولة قال جدي رسول الله، والله ورسوله بريء منه ومن خزي أفعاله وخيانته وترنحه في شوارع باريس، كما لو أنه إنسان عامي دفعته الفاقة والصعلكة إلى فعل ما فعل.

كانت هذه المقدمة لازمة من لوازم الكلام، كي نذكّر بها الإعلامي الشهير فيصل القاسم الذي أسقط نفسه من برجه العالي، الذي تربع على مجده ما يقرب من ثلاثة عقود، ببرنامجه المثير للجدل (الاتجاه المعاكس)، والذي كان من أقوى الدوافع في تهييج ثورات الربيع العربي، وكان له أتباع كثر ومعجبون مهووسون بحبه، ولكن الشهرة تعمي الأبصار وتفقد العقول رشدها وهديها، وهذا ما وقع لفيصل القاسم، حين اشترى ذمته المطبعون ودفعوه إلى مهاجمة الجزائر والنيل منها، من غير مراعاة لإرثها النضالي الكبير الذي مازال قادة العالم الحر يذكرونه ويشيدون به عند كل زيارة للجزائر، كنا نخال فيصل القاسم إعلاميا حرا تحكمه غريزة النخوة والشرف والنيف على الأمة وأمجادها التي دنسها العرب المطبعون، ببيع ذممهم إلى الصهيونية العالمية عدوة المشروع الحضاري والتنموي للأمة بعربها ومسلميها، فبدل أن يدافع عن شرف الأمة المهتوك ومقدساتها المغتصبة ونضالاتها التاريخية، ودماء شهدائها المراقة على مذابح الحرية.

راح ينال من الجزائر ويسخر منها ومن نضالها الثوري ويحرّض عليها دول التطبيع والخيانة، بحجة موقفه من نظام الجزائر، وكأن نظم التطبيع والانقلابات والخيانات نظم ديمقراطية ملائكية، وعلى رأسهم المهلكة المغربية، وتناسى أن هذه المهلكة هي من تحرشت بالجزائر حين جلبت العدو الصهيوني وجعلته على حدودها، وملخص نيله من الجزائر وهي أكبر وأجل وأعظم وأشرف منه ومن استرقه من سوق النخاسة، أن نهق على موقعه في التوتير، بما يفيد أن الجزائر ضربت مصالح مصر حين قبلت زيارة أبي أحمد علي رئيس الوزراء الأثيوبي إلى الجزائر، وهذا أغرب ما سمعه العالم من إعلامي كبير يُعد من خيرة نخبة الإعلاميين العرب، تصريح مثل هذا لا يتفوه به حتى أغبى الناس وأجهلهم وأقلهم تعلما ودراية بالسياسة الدولية وعلاقاتها البينية، ما دخل زيارة أبي أحمد للجزائر مع مصالح مصر، والحال أن أبي أحمد تحدى مصر والسودان بإيعاز من إسرائيل وبعض دول التطبيع، وأقام سد النهضة وعبأه ثلاث مرات، ولم يبق من السد إلا تشغيله نهائيا حسب البرنامج الذي وضعته الحكومة الأثيوبية، والجزائر سعت بكل ثقلها من أجل أن تقرب وجهات النظر بين أثيوبيا ودول المصب.

وبمنطق فيصل القاسم يمكن القول: إن مصر أضرت بمصالح الجزائر العدو اللدود للكيان، حين استقبلت رسميا مسؤولين إسرائيليين كبار على بلدها بما فيهم رئيسا الوزراء والموساد، وأن المخزن أضر بمصالح الجزائر وأمنها القومي حين استقدم جيش الكيان ووضع له قواعد على حدود ها، وأولى من ذلك فلماذا لم يذكر فيصل القاسم أن سد النهضة استثمرت فيه قطر وتركيا مقابل إقامة مشاريع زراعية ضخمة على مساحات قريبة من السد، تقدر بمليون ومائتي ألف هكتار؟ ويشكل مشروع مثل هذا تهديدا مباشرا لدول المصب وبخاصة مصر، وأن إسرائيل صديقة حكام مصر باعت إلى أثيوبيا صواريخ جد متطورة مضادة للطيارات، تحسبا لضربة محتملة للسد من مصر، فضلا عن استثمارها في السد وتشجيعها على بنائه لإلحاق الضرر بمصر، وفيصل القاسم يعرف هذا وأكثر منه.

ولكن فيصل نُخس بالمهماز كما يُنخس الثور لحثه على جر المحراث، مقابل كسب حفنة من الدولارات وأشياء أخرى، وسيكتشف ذلك –قريبا- إن نشّطت الجزائر جهازها الاستخباراتي وفعّلته جيدا، ففيصل القاسم مدفوع من قبل أسياده في المخزن مباشرة، وبعض الرجعيين المطبعين خفية، وقد باع شرف اسمه ومهنته وسمعته بثمن زهيد ربما بنزهة استبضاع مرفهة في سياحة (…)، من أجل الإضرار بمصالح الجزائر، والمستفيد الأول هي المهلكة التي ابتليت بها شعوب المنطقة ودولها (الجزائر والصحراء الغربية وموريتانيا وتونس).

وقوله: إن الجزائر تآمرت مع إيران لإلحاق الضرر بالعرب، يدل على أن الرجل فقد عقله ووعيه ورشده، وربما كان غائب الوعي ساعة كتابة النهيقة، ولولا وجود المنشور على موقعه في التوتر لما صدق الناس هذه المقولة منسوبة إليه، لأنه كلام لا يصدر عن إعلامي مرموق متمرس على إدارة الحصص السياسية المعقدة في برنامجه الشهير، ومثله في ذلك ما نشرته دولة مطبعة في صحفها من أن قطر والإخوان هم من حرضوا أثيوبيا على بناء السد لتعطيش مصر، فلماذا لم يكتب عن ذلك في موقعه ويقول: إن قطر والإخوان سيضرون بالأمن المائي لمصر بهذا التحريض؟ وإذا صدقنا بمقولته –تسليما- فيمكن تعميمها على الدول العربية التي أعادت علاقاتها مع إيران وهي تسعى لتحسينها، كالإمارات التي أوفدت مستشارها السياسي طحنون بن زايد إلى إيران في ديسمبر 2021.للتفاوض على تحسين العلاقات بين البلدين، وينطبق الأمر كذلك على العراق الذي حسبما أفادت به وسائل الإعلام، أنه سعى للتوسط بين السعودية وإيران لتحسين العلاقات البينية، وينطبق الأمر أيضا على الكويت التي تقيم علاقات مع إيران، ولا ننسى قطر وعمان، فهذه الدول أقامت علاقات مع إيران وأرادت تحسينها، لأن مصالح الدول تقتضي تحسين العلاقات وتدعيمها، وعلاقات الجزائر مع إثيوبيا لا صلة لها بمصالح مصر، لأن السد اكتمل بناؤه والجزائر تسعى إلى كسب مصر وأثيوبيا وغيرهما على غرار كل الدول، ولا ينسى فيصل القاسم أن أثيوبيا وقفت مع الجزائر، حينما كانت بعض الدول الأفريقية والمهلكة المغربية العميلة تسعى لضم الكيان الصهيوني كملاحظ إلى الاتحاد الأفريقي.

وختاما، نقول لفيصل القاسم: الجزائر دولة كبيرة بمساحتها وثرواتها وحرارة شعبها وتاريخها النضالي، وحاربت الحلف الأطلسي وحدها ببنادق الصيد والفؤوس والعصي، وأبطلت خرافة الجزائر فرنسية، ودحرت الاستعمار الفرنسي في ظرف قياسي لم تبلغه أي ثورة في العالم، وهي اليوم دولة ذات سيادة ولها الحرية المطلقة في إدارة بلدها بقراراتها السيادية، ولا تنتظر من أي جهة لتكون وصية عليها وتملي عليها أوامرها وقراراتها، على نحو البلدان المطبعة بما فيها عشيقتك مهلكة المخزن التي أصبحت تتلقى الأوامر من العواصم المتصهينة، والأفضل لك ألا تحشر نفسك في ضيق والرحب متسع، وقد خسرت الجزائريين بكل طوائفهم حين تهجمت على بلدهم، وظاهرت نظام المخزن الخائن على الجزائر الصامدة في وجه التطبيع، وإذا كان غرضك ومن نخسك بالمهماز التشويش على القمة العربية المزمع انعقادها في الجزائر، فأقول لك: لا يضر القافلة نباح الكلاب، فهي ماضية في سيرها لأنها تملك عوامل القوة على السير، وأختم فأقول: لقد فقدت كل شيء ولم يبق لك سوى حبل قصير تشنق به نفسك لتريح وتستريح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!