الرأي

في حاجة سريعة إلى ديناميكية

محمد سليم قلالة
  • 852
  • 8

الجزائر اليوم، في حاجة إلى ديناميكية جديدة لعلها تعيد الكثير من الأمور إلى نصابها. من مكانة العمل إلى مكانة الكفاءة إلى مكانة القيم في المجتمع. لا يمكننا الزعم بتحسين الأوضاع في أكثر من مجال من غير تصحيح مثل هذه المسائل الجوهرية.
تكاد اليوم مكانة العمل تنهار في المجتمع إلى درجة أنه أصبح الكثير من الناس يعتقد أنه يمكن أن يحقق جميع أهدافه من غيرها، لكثرة ما يرى من ثراءٍ بلا جهد، وتبدُّل في الأوضاع الاجتماعية عبر وسائل متعددة غير العمل، كالعلاقات الخاصة مع الإدارة التي تُعطي لمن تشاء بغير حساب (مشاريع، امتيازات، قروض…). كما يكاد مقياس الكفاءة يفقد قدرته على التفضيل بين الناس نتيجة استبداله بمعايير أخرى أصبحت أكثر فعالية كالولاء الأعمى، والتأييد المطلق، ومسايرة الوضع القائم مهما كان مخالفا للقانون والأعراف.
أما الاحتكام للقيم فنحن أبعد ما نكون عنه…
ما العمل؟
ليس أمامنا سوى السعي بكافة الوسائل لتصحيح هذا الوضع ومن غير انتظار، ذلك أن كل تأجيل أو تأخير مآله منع البلد من الانتقال من حالة الركود التي هو عليها الآن إلى الحالة الديناميكية التي ينبغي أن تُصبح غاية الغايات.
وخوفنا كل الخوف أن يطول الانتظار، فنزيد من تعميق المشكلات التي نعيشها، ونُساهم في انتشار مزيد من اليأس بين الناس… ذلك أن الشعوب التي تحرص على تجديد حيويتها ومنع تكلس سياساتها إنما هي تلك التي تُطوّر باستمرار مجتمعها وترفع من أدائه، وتُكيِّفه مع الحقائق الجديدة التي يعرفها العالم.
دون هذا سنستمر في تكرار ذات الأخطاء والاعتقاد أننا على الطريق الصحيح، وكم من مجتمع عرف هذه الحالة حتى بلغت فيه التناقضات حد الصراع التناحري الذي ليس بعده سوى العنف كبديل لتصحيح الاختلافات. وقد مر بنا ما أحدثه العنف في بلادنا نتيجة ضعف تكيف السياسات مع ما يفرضه الواقع من مستجدات، وعلينا أن نستبق حدوثه مرة أخرى ونحن في وسع الحال. وذلك مُمكن اليوم قبل الغد وبأقل التكاليف ما دام زمام الأمور بين أيدينا وما دمنا نتطلع للاستفادة من أخطاء الماضي لتصحيح الأوضاع.
وقد فعلت ذلك الكثيرُ من الشعوب الغربية قبلنا بعقود من الزمن عندما أدركت أهمية تجديد النخب والتداول المستمر على السلطة وضخ دماء جديدة بها، بل إنها كرست ذلك في دساتيرها وقوانينها ولم يعد يُسمَح لأي كان بالتعدي عليها. ما الذي يمنعنا من القيام بذلك وقد عشنا أكثر من نصف قرن من التجارب أكدت جميعها أننا في حاجة إلى مثل هذا الخيار؟ أم أنه محكومٌ علينا تكرار ذات الأخطاء لعقود أخرى، فقط لنستمرَّ في التأكيد عبثا أننا يمكن أن نحقق جميع أهدافنا من غير جهد، وأن نَحتكم لغير الكفاءة لإدارة أمورنا ولغير القيم السامية لنعزز بناء المجتمع والدولة؟

مقالات ذات صلة