-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

في فساد الأنظمة

محمد عباس
  • 3146
  • 0
في فساد الأنظمة

تراجع مستوى الحكام بشكل مخيف في العقود الأخيرة، تستوي في ذلك الدول الكبرى والصغرى، والأنظمة الديمقراطية والتسلطية .وعندما يتعلق الأمر بدول عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا -مثلا- فالمخاوف تكون أدهى طبعا، للكوارث التي يمكن أن تنجر عن تصرفات وأخطاء مثل هؤلاء الحكام الذين من حقنا أن نتساءل عن مستوى وطبيعة الأنظمة التي أفرزتهم وميزتهم لتضعهم على قمة هرم السلطة بكل بساطة. والنتيجة الأولية التي تفرض نفسها على الملاحظ النزيه هي تدني الأنظمة التي تختار الحكام نفسها.. بصراحة إن رؤساء مثل بوش الابن في أمريكا، وساركوزي في فرنسا وبرلسكوني في إيطاليا.. هم دون الرؤساء الذين سبق أن حكموا هذه الدول العريقة، لا سيما أن بصمات المراهقة المتأخرة واضحة تماما في بعض نزواتهم وتصرفاتهم.

  • ولو كنت مواطنا لهذه الدول لحركتني الغيرة عليها وعلى سمعتها في العالم، ولسارعت بالاعتصام في ساحات عواصمها الجميلة مطالبا برحيلهم بدون رجعة، كما فعلت وتفعل شعوبنا في تونس ومصر واليمن وليبيا.. وهلم جرّا!
  • ونخص بالذكر في هذا المقام الشعبين الفرنسي والإيطالي لأنهما بحاجة فعلا إلى الاقتداء بشعوبنا والإسراع بالتجمهر في ساحات باريس وروما للهتاف بملء الحناجر: “اذهب يا ساركو!”، “إذهب يا برلو!”.
  • الرئيس ساركوزي مثلا بدا هه أن يقتدي بالرئيس بوتفليقة في تعامله مع بعض منافسيه المفترضين: أن يبعدهم بتعيينهم في بعض المناصب أو تكليفهم بمهام دولية! فعل ذلك مع كوشنير وستراوس كان.. وأخيرا مع “آلان جوبي”.. فعل ذلك دون أن ينتبه إلى فارق أساسي: أن قدوته فعلها مع “منافسين” في نهاية المشوار، ولبعضهم قدم في الآخرة! عكس منافسيه الذين ما زالو في منتصف الطريق، ولديهم بقايا أنفاس وطموح للعودة إلى الصدارة!
  • وبعبارة أخرى، كان ساركو “بوجاديا” في الاقتداء بنظيره الجزائري!
  • – لم يوفق “إبعاد” كوشنير إلى وزارة الخارجية، لأن الطبيب السابق في منظمة أطباء بلا حدود اختلط عليه الأمر، فحسب أن الدبلوماسية أيضا “بلا حدود”!
  • – كما لم يوفق في “إبعاد” ستراوس كان إلى صندوق النقد الدولي، لأن النتيجة أنه قربه أكثر إلى قصر “الإليزي”! وقد تكشف الأشهر القادمة أنه أخفق كذلك في الاستعانة بشخصيات محترمة، مثل “جوبي” الذي أسند إليه أخيرا حقيبة الخارجية، بعد فضيحة السيدة أليو-ماري بتونس.. ولا بأس أن نذكر “ساركو” في هذا السياق بقول الشاعر أبي الطيب المتنبي:
  • و”ومن يجعل الضرغام بارزا لصيده
  • تصيده الضرغام فيما تصيدا!
  • وإذا كان هذا حال أنظمة عريقة، تتوفر على معارضة ومؤسسات تمارس حقها الشرعي في الرقابة، فما عسى أن نقول عن حال أنظمتنا وحكامنا نحن في العالم العربي؟!
  • فها هو العقيد معمر القذافي في ليبيا مثال حي للديكتاتورية المطلقة، تحت غطاء “الديمقراطية المباشرة”، بعد أن رفع في “توراته الأخضر” شعار “من تحزب خان” و”التمثيل تدجيل” وما إلى ذلك من الخزعبلات والأباطيل التي أدت إلى فوضى عارمة، وهي أخطر أشكال الديكتاتورية.
  • – لقد ورث عن آل السنوسي شعبا موحدا، قاوم الدولة العظمى إيطاليا سليلة الامبراطورية الرومانية، فإذا به بعد 42 سنة من الطغيان والجبروت يفاجئ العالم بأن ليس هناك شعب في ليبيا، وإنما “مجموعة قبائل” هو رابطة عقدها، فإذا سقط انفرط العقد وسادت الحرب الأهلية!
  • وسمعناه وهو يخاطب الشعب الليبي العزيز الكريم بلغة الإقطاعي الخارج لتوه من عهد “القرون الوسطى” (الأوربية). والأدهى أنه ورّث أبناءه هذا الخطاب الإقطاعي السافل! ولعلنا نلتمس “لفاهم” أبنائه “الدكتور” سيف الإسلام عذرا في المثل القائل: “من شابه أباه ما ظلم”!
  • – وورث عن آل السنوسي دولة موحدة كذلك، فإذا هو يحاول اليوم تمزيقها. وستتمزق فعلا -لا قدر الله- إذا لم يعجل المجتمع الدولي برحيله:
  • لم يكتف القذافي أنه أضاع 42 من عمر الشعب الليبي ومن عمر ليبيا الشقيقة، وهي فترة كافية بفضل ما تزخر به ليبيا من الطاقات والبشرية والإمكانيات المادية لبناء نهضة اقتصادية وعمرانية وثقافية حقيقية، يمكن أن ترقى بهذا البلد الشقيق إلى مصاف الدول الناهضة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
  • لم يكتف القذافي بإضاعة هذه الفرصة التاريخية على شعبه وبلاده، بل نراه يعمل على إضاعة ليبيا نفسها، ولكن هيهات وقد استعاد الشعب الليبي وعيه، ووقف كرجل واحد لإسقاط أخطر الديكتاتوريات: ديكتاتورية الفوضى المطلقة. 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!