-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رحلة مع ذي القرنين

قادرٌ وحدي ولكنّ مساعدتكم أجدى

أبو جرة سلطاني
  • 642
  • 0
قادرٌ وحدي ولكنّ مساعدتكم أجدى

بهذا غيّر ذو القرنيْن نظرتهم السّلبية إلى أنفسهم؛ فهو قادرٌ على إقامة السدّ وحده ولكنّ مساهمتهم “قيمة مضافة” تضفي على الإنجاز روحا جماعيّة. فعندما رفض أخذ المال منهم طلب شيئا أثمن من المال وأجدى وهو العمل بالفكر واليد والبصر. هي المشاركة ولو بالنّفخ في النّار لإذابة زبُر الحديد. أو ببذْل الجهد العضلي في مسعى العمل الجماعي بالقدر المتاح مهما بدت ضآلته.

فالإنسان مجبول على الأخذ بالأيسر. ومفطور على تحاشي بذْل الجهد لطلب المعالي وهو ديْدن الأجيال التي ورثت عن أسلافها ما يغنيها عن الكدّ لطلب الزّيادة فينشأ جيل يلوك الألفاظ ولا يعي معانيها. وهو حال من وجدهم ذو القرنيْن؛ فقد كانوا يعرفون طبيعة مشكلتهم. ويعرفون كيفيّة حلّها. وعندهم مال وحديد ونار ويد عاملة.. ولكنّهم كانوا قومًا نظريّين لا يفقهون طبيعة ما يجب فعله. وظلّوا عاجزين عن إنجاز ما كانوا يتمنّون إقامة حاجزا بينهم وبين أعدائهم ويتخيّلونه حلمًا بعيد التّحقّق. ويشتكون ظلم يأجوج ومأجوج ويبحثون عمّن يجسّد لهم هذا الحلم الكبير لوقف الغارات وجعل حدّ لزحف الفساد.

بعث الله لهم ذا القرنيْن، رحمةً منه، ليغيّر أوضاعهم ويحوّلهم من زبائن يشترون كلّ شيء ويستأجرون كلّ قادر على العمل ويفكرون في استيراد كلّ ما يحلمون به.. حوّلهم إلى شركاء في الفكرة وفي التّخطيط وفي الإنجاز. وأشاع فيهم روح الفخر بأنفسهم والاعتزاز بأنّهم أنجزوا ـ تحت إمرته ـ ما كان حُلما راود خيالهم زمنا طويلا، وكان حديثهم عنه حديث الأماني المفصولة عن الفعل بانتظار تدخّل الأقدار لتنجز -نيّابة عنهم- ما لم يكونوا يفقهون فعله.. فكيف حدث في عقولهم هذا الانقلاب الكبير؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!