-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قانون لا ينفع

عابد شارف
  • 7723
  • 6
قانون لا ينفع

قوانين المرور المتتالية لم تنفع في محاربة حوادث الطرق. لكن هل الخطأ في القانون، أم في السائق، أم في صاحب القانون؟

  • استقبلت الطرق الجزائرية قانون المرور الجديد بمآسي جديدة. وكان حصاد الطرق من موتى وجرحى خلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي لا يختلف عما كنا نسجله في السنوات الماضية. وكان عدد الضحايا باهظا حيث تم تسجيل عشرة موتى في حادثين وقعا في نفس اليوم، وكأن الطريق تريد أن تؤكد أنها ترفض تغيير إحصائياتها مهما فعلت الحكومات المتتالية ومهما ارتفع عدد حواجز المراقبة.
  • وتتواصل المأساة رغم الإجراءات القمعية الجديدة التي تم إدماجها في قانون المرور. وقد قررت الإدارة رفع العقوبات ضد السائقين الذين يخالفون القانون بصفة ملحوظة، بما فيها تهديد أصحاب السيارات بالسجن قي بعض الحالات. وأكد القائمون على الملف أنهم مستعدون للعمل بصرامة من أجل القضاء على هذه الظاهرة التي جعلت طرق الجزائر من أخطر الطرق في العالم.
  • لكن هذه الوسائل القمعية لم تنفع في الماضي، ولم تنفع اليوم، ولن تنفع في المستقبل، وهذا ما ترفض الإدارة أن تفهمه. إن التدابير الجديدة للحد من حوادث المرور جاءت بصفة عشوائية، لم يسبقها نقاش حقيقي ولا دراسات مقبولة. إنها إجراءات بيروقراطية اتخذها أناس يعتبرون أن القمع هو الأداة أساسية لتنظيم العلاقات الاجتماعية: إذا أراد طبيب أن يحتج للمطالبة بحقوقه، فلنبعث إليه قوات الأمن، وإذا تسبب صاحب سيارة في حادث مرور فلنسلط عليه أقصى العقوبات. إنها نظرة بدائية لتنظيم المجتمع، نظرة تنكر كل ما توصلت إليه الإنسانية من أبحاث وتفكير في هذا الميدان.
  • وقد استقالت المؤسسات الوطنية المكلفة بحوادث المرور مثلما استقالت المؤسسات المكلفة بالاقتصاد والعدالة وغيرها. ولم يبق لوزارة النقل في الموضوع إلى شبه وجود تبرر به الميزانية التي يتم تخصيصها للوقاية. وأصبحت مصالح الأمن هي المتدخل الأساسي في الميدان، فاستولت على صلاحيات المؤسسات المختصة في تحليل حوادث المرور، ثم استولت على صلاحيات الوزارة في تحضير القانون، كما استولت في نهاية المطاف على صلاحيات البرلمان في الموافقة على القانون الجديد…
  • وقد وقع خطأ أول لما تمت المصادقة على القانون القديم الذي أدى إلى الفشل. لكن لا أحد اتخذ العبرة، فعادت نفس الأطراف التي فشلت لتعيد الكرة، وتستعمل نفس الطرق القمعية لتغيير القانون، لتذهب مرة أخرى إلى نفس الفشل.
  • وكان من الأجدر بالحكومة أن تتساءل: لماذا يحترم المواطن الألماني أو السويدي قانون المرور في بلاده، بينما لا يحترم المواطن الجزائري نفس القانون في الجزائر؟ لماذا يحترم المواطن الجزائري قانون المرور لما يسافر إلى ألمانيا أو السويد ولا يحترمه في بلاده؟
  • إن المواطن الألماني يحترم القانون بصفة عامة لأنه مقتنع أن القانون يحميه من ظلم الأقوياء ومن طغيان الأغنياء. إنه يعرف أن القانون يضمن حريته وحقوقه، وأن كل المؤسسات المكلفة بتطبيق القانون تحترم القانون. أما المواطن الجزائري فإنه يعتبر أن القانون أداة بين أيدي الأقوياء لقهر الضعفاء، ولذلك فإنه يعتبر أن القانون لا ينفع، خاصة وأن الناس الذين “نجحوا” في الدنيا وفازوا بالمال والمناصب هم أولائك الذين يعيشون فوق القانون. وحتى المواطن الجزائري الذي يسافر إلى ألمانيا أو السويد، فإنه يعرف أن القانون له معنى في تلك البلدان، وأنه يحميه حتى من ظلم السلطة الحاكمة في ألمانيا أو السويد، مما يدفعه إلى احترام ذاك القانون.
  • ومن هنا يتضح أن عملية إصلاح قانون المرور تبدأ في الحقيقة بإقناع الجزائريين أن القانون يحميهم ويضمن مصالحهم، وأن عدم احترام القانون لا يشكل دليلا عن القوة، إنما يشكل دليلا على أن من يتصرف بهذه الطرية إنسان غير متحضر وجاهل، حتى ولو كان وزيرا أو مسئولا كبيرا في الدولة…
  • بقي علي أن أقتنع، أنا، أن ما أكتبه صحيح…
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • مواطن

    والله تعليق صحيح وفي مكانه ..........مشكور

  • جزائري

    ماهكذا تعالج الامور ضعوا قانون منطقى وحضروا له الاجواء المناسبة ان القانون الجديد للمرور يعمل على تكريس الرشوة والحقرة وعلى من يطبق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    هل من المعقول انه اذا صدم مهبول عن طريق الخطا يسجن السائق اب الاسرة عشرة او خمسة سنوات ونضيع من وراءه عائلة وبدل من ان تضيع الجزائر شخص تضيع 10 هل يعقل هذا اين نواب الامة الذين يصادقون فقط دون ان يتمعنوا في هذه الاجراءات التعسفية .... وهل حضرتم الارصفة ومنعتم دخول الراجلين الى الطرقات وهل وهل وهل
    اذا اردت ان تطاع فامر بما يستطاع ارجوكم يا شروق ان تعملوا لنا مواد منه وصبر اراء حوله ان الذي وضعوا هذا القانون عمرهم ولا يمشوا الابالحماية وتفريغ الطريق لهم ....

  • ابو عبد الودود

    إضمن لي عدم إستعمال القانون في أعمال إبتزازية و إفتزازية (الرشوة و المعرفة ) أضمن لك إحترام القانون.

  • عادي

    ......ثقل القوانين يدفع المواطن الى البحث عن طرق لتجاوزها وهذا
    ما تفعله الحكومة تشجيع المواطن على تجاوز القانون والاجتهاد في
    ذلك وفي رايي هذا هو السبب الحقيقي للازمة واغتنم الفرصة لاحذر
    من كارثه جديدة تتمثل في ايقاف منح الرخصة د والرخصة و وهذا
    ينبئ بالمزيد من الكوارث ناهيك عن طريقة الامتحان في رخصة السياقة والتي لا يمكن وصفها الا بالهزلية موضف يمتحن 150 مترشح
    في ساعتين والمعيار معروف

  • linda

    La répression n'engendrera que frustrations, et mécontentements, et au final des explosions sociales. On dirait que tout est fait pour pousser le citoyen à se révolter, j'ai peur qu'une fois de plus le dindon de la farce sera monsieur tout le monde, c'est-à-dire nous tous qui sommes pas égaux devant la loi, face a cette minorité qui use et abuse du pays, comme si c'était une propriété privé.
    Ceci dit je désespère un peu, quand je vois que les réactions à pareil article, ne se comptent pas ! c'est frustrant et inadmissible simplement.

  • hamza

    والله يا أخ كلامك من ذهب, فقد تكلمت عن الأمور الحساسة مباشرة, ألا وهي القانون فوق الجميع, ههههه والله أصبحت هذه العبارة أضحوكة في بلدنا, فقد أصبحنا قلما نرى شرطيا أو دركيا يرتدي حزام الأمن!!! وكأنه ليس بحاجة إليه فى حادث مرور لاقدر الله, بل كما تفضلت وقلت يفعل ذلك ليثبت نفسه بل ليتباها أمام المواطن اللاحول ولا قوة له, البارح بينما كنت فى سيارة رأيت كوميسارة(إمرأة) بزيها الرسمي تقود سيارتها الخاصة نوع 307 سوداء فى باب الزوار دون حزام الأمان, وحين أخبرت الشرطي عنها قالي : مازالك قديم!!! ....