-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قتل المبادرة…

الشروق أونلاين
  • 1326
  • 0
قتل المبادرة…

محمد يعقوبي:

إيداع مدير عام شركة “تونيك” الحبس المؤقت “بغض النظر عن التفاصيل والخلفيات” يثير الكثير من الأسئلة حول مستقبل الأقطاب الإقتصادية الكبرى في الجزائر، خاصة تلك التي استطاعت وفي وقت وجيز أن تتصدر قوائم الشركات الناجحة عربيا وإفريقيا في تخصصها.وعندما يكون سبب الملاحقات القضائية في الغالب مرتبطا بالديون والمستحقات لدى البنوك الوطنية، فإن متاعب السجون والعراقيل الإدارية سوف تجعل البنوك الوطنية أكثر إنكماشا وشحا في التعامل مع “المبادرات الإستثمارية” المعروضة عليها مستقبلا، على أساس أن نجاح شركة “تونيك” عربيا وإفريقيا في الصناعات الورقية وتفردها في إعادة إستغلال النفايات وشجاعتها في تحويل “مزابل الجزائريين” إلى مواد عضوية مصنعة.

كل ذلك لم يشفع لمدير عام هذه الشركة الموجود حاليا، في السجن، لأسباب متعلقة أساسا بحجم ديونه العالقة لدى بنك الفلاحة والتنمية الريفية، رغم أن هذا البنك بالذات أبدى تسامحا كبيرا في تسوية مستحقاته لدى المؤسسات العامة والخاصة بطريقة ودية، خاصة مع تلك المؤسسات التي أثبتت نجاعة إقتصادية كبيرة في السوق.. الضحية هنا بالدرجة الأولى هي “المبادرة الإقتصادية” التي تقتلها مثل هذه “الكدمات” والمطبّات وتجعل المستثمرين الجدد أكثر ركونا إلى الإستثمارات السهلة والمربحة حتى وإن لم يكن المجتمع في حاجة إليها، ولا أحد هنا يعترض على متابعة وملاحقة مستنزفي المال العام والذين يبنون إمبراطورياتهم من كدح وعرق البسطاء، ولا يستثمرون إلا في ما قلّ جهده وكثر ربحه، وإنما الإعتراض هنا على إجهاض المبادرات الإقتصادية الناجحة والتي أثبتت نجاعة إقتصادية كبيرة في ميدان المنافسة، والرعتراض أيضا، على تحطيم جسور التعاطي بين البنوك الوطنية والمتعاملين الاقتصاديين، حتى أصبحت البنوك الأجنبية أكثر حضورا من ذي قبل، لأنها إشتغلت في الفراغ الموجود بين البنوك الجزائرية والمستثمرين.

وعندما يتكرر المشهد مع صيدال وتونيك وبعض المؤسسات التي نجت من الإفلاس، نخشى أن يتحول النجاح الإقتصادي في الجزائر إلى شبهة ثم تهمة يلاحق أصحابها ويزجّ بهم في السجون، بينما البلاد في أمس الحاجة إلى قواطر إقتصادية ونماذج إستثمارية ناجحة تفك عن الجزائريين عقدة الفشل والإفلاس الإقتصادي، ولذلك وجب التفريق وبمسؤولية “وطنية” بين القضايا الإقتصادية التجارية المتنازع حولها وتلك الجرائم الإقتصادية التي يجب أن يُضرب المتورطون فيها بيد من حديد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!