-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الحلقة الثالثة عشر: الإبدال (6)

قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

ومن ذلك قوله تعالى: ((قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (يس: 18). وقوله: (قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ * وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)) (النمل: 47- 50).

فقال في (يس): (تطيّرنا)، وقال في النمل: (اطّيّرنا)، ذلك أن التطير في (النمل) أشد مما في (يس)، بدليل أنهم قالوا في (يس): (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ)، فهدّدوهم بالرجم والتعذيب.

أما في النمل فقد أقسموا وتعاهدوا على قتله وقتل أهله. ومعنى ذلك أن التّطير بلغ عندهم درجة أكبر وأشد مما في (يس) فجاء بما فيه زيادة مبالغة.

ومن الإبدال قوله تعالى: (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (يس: 49- 50).

وأصل (يخصّمون) يختصمون فأبدلت التاء صادا، وأدغمت في الصاد فصار (يخصّمون). والتضعيف يفيد القوة والتكثير والمبالغة كما ذكرنا. فأفاد ههنا المبالغة في الاختصام.

والمعنى أن الساعة تأخذهم وهم منهمكون في معاملاتهم منشغلون في خصومات الدنيا على أكثر ما يكون وأشد ما يكون غير منشغلين بشيء آخر عن الدنيا، فالساعة لا تقوم على رجل يقول: لا إله إلا الله. وفي الحديث: (شرار الخلق الذين تدركهم الساعة وهم أحياء)، فتصيح الساعة صيحة تقطع الاختصام، فلا يكون نبس ولا حركة ولا خصومة ولا كلام، بل صمت مطبق وسكون مطلق (فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون). فعبّر عن ذلك بقوله: (يخصّمون) ولا يدل الأصل (يختصمون) على هذه المبالغة والقوة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!