-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قرارات مجلس الوزراء.. هل تعيد الأمل للشباب؟

بشير مصيطفى
  • 4789
  • 18
قرارات مجلس الوزراء.. هل تعيد الأمل للشباب؟

أسفر الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء وسط الأسبوع المنصرم على قرارات هامة أقل ما يقال عنها إنها تدشن لحراك جديد على الجبهتين: الاقتصادية والاجتماعية.

  • ويأتي أسلوب ترتيب الاجراءات في سياق تسهيل الاستثمار، التخفيف الجبائي ومساعدة الشباب على الشغل والسكن. وبذلك تكون الحكومة اعترفت بأن قوانينها السابقة المنظمة للاقتصاد والشغل لم تكن كافية لتحقيق النجاعة، وأن الوقت قد حان لتعديل تلك القوانين ولإطلاق نموذج جديد للاستثمار أطلقنا عليه “استثمار صفر عوائق”. وفي انتظار المراسيم التنفيذية الكفيلة بتطبيق الاجراءات المذكورة يحق للجميع أن يتساءل عن حدود فعالية الجهازين التنفيذي والاداري للدولة في تجسيد أهداف معلنة يبدأ الحد الأدنى فيها من مستوى أهداف الخطة الخمسية الجاري تنفيذها. فهل تغني الاجراءات عن إصلاح الحكومة والادارة؟ وكيف تتجنب دوائر القرار في بلادنا تجربة الوعود التنموية السابقة عندما اصطدمت الأهداف الكبيرة بعوائق أكبر منها؟
  • هذا هو الواقع المعيش
  • في ندوة أخيرة بالجزائر حول الاستثمار والشراكة الأجنبية قال مقاول بأنه لا يزال يعاني من تماطل الادارة في دفع مستحقاته المالية، وأن مصالح الحكومة لم تقدم له شيئا يذكر لاسترداد ديونه على شركة أجنبية كلفته بإنجاز شطر من برنامج دعم النمو للدولة، وبعدها علمت أن 1600 مقاول جزائري يعيشون نفس المعاناة وأن صاحبنا واحد منهم. وقال آخر بأن أكبر شركة عمومية في الجزائر تستورد “البولونات” بغلاف مالي سنوي وصل الى 4 مليار دولار، وأن الأجانب هم المستفيد الأول والأخير من مشاريع الدولة. وقال ثالث بأن الادارة في الجزائر تطرد الاستثمار وأن 1000 مؤسسة خاصة تكون قد انسحبت من السوق منذ العام 2007، وقال آخرهم بأن الجماعات المحلية ترفض مشاريع التنمية لأن تكاليفها الادارية وأعباء تسييرها أكبر من منفعتها. وعندما أقر مجلس الوزراء الخطة الخمسية الحالية قالت الأرقام بأن 40 بالمائة منها عبارة عن مشاريع متخلفة عن الخطة السابقة (2005 – 2009)، والحديث عن محلات الرئيس التي ابتلعت ملايير الدينارات دون جدوى نموذج حي على أن القرارات الجميلة عندما لا تسندها حكومة قوية وإدارة أقوى تصبح عائقا يضعف ثقة الناس في حلول دولتهم وتقلل من الأثر النفسي الايجابي الذي قد يحدثه أي تطور في الخطاب الرسمي.
  • التصادم المستمر
  • ولو فتحنا ملف المفارقة بين الخطاب الرسمي والتجسيد لوقفنا على حالات من التناقض لا يستوعبها أحد. وهكذا: اصطدمت قرارات تأهيل المؤسسة الوطنية بفشل المسعى وضعف الاستفادة من برامج التأهيل بالشراكة الأجنبية، واصطدمت القرارات الرفيقة للفلاح بندرة في البذور وغلاء في الأسمدة، واصطدمت قرارات تفضيل المنتوج الوطني بتجارة خارجية تغرق السوق وتغذي المنافسة غير الشريفة، واصطدمت قرارات تيسير القرض لفائدة حاملي المشاريع بأبواب البنوك التي عجزت عن توظيف أكثر من 28 بالمائة من الادخار لديها، واصطدمت قرارات الاصلاح الجامعي بمراسيم تنفيذية شلت الدراسة في أغلب جامعات الوطن، واصطدمت قرارات ترقية التعليم بإجراءات إدارية غير مدروسة أغرقت المؤسسات التربوية في قضية اسمها “المآزر الملونة”، واصطدمت قرارات الاسكان بإدارة أخرت مواعيد تسليم الشقق لمستحقيها لأكثر من 10 سنوات، واصطدمت قرارات تسليم مشروع “مترو الجزائر” في موعده بوتيرة في الانجاز حولت المشروع الى حلم بعيد المدى، واصطدمت قرارات الرئيس باستحداث 3 ملايين منصب عمل بآليات للتشغيل تعتمد التوظيف الاجتماعي عبر الشبكات والعقود المؤقتة وصيغة الادماج، وأخيرا التوظيف لأجل التوظيف بدل التوظيف لغرض الانتاج، واصطدمت قرارات دعم الانتاج الوطني وتقليص التبعية للسوق الخارجية بتزايد الواردات في سنة واحدة هي 2010 بمقدار مليار دولار، واصطدمت قرارات الدولة بإدماج الشباب المتسرب عن المدرسة في منظومة التكوين المهني بسياسة للقطاع تجعل التخصص إلزاما، مما جعل أغلب الشباب يعزفون عن التكوين، واصطدمت قرارات تنمية القطاع الصحي بأجهزة معطلة وبهياكل استشفائية دون موارد بشيرية، واصطدمت قرارات تمتين الاقتصاد باستراتيجية صناعية مفقودة وبرؤية للنهوض لا يكاد يراها أحد.
  • هل تستقيل الحكومة؟
  • والحال هذه، لا أحد يعرف هل تلقى قرارات مجلس الوزراء الأخير نفس المصير أم أن تغييرا سيحدث على رأس الجهاز التنفيذي للدولة يسمح بإحداث ديناميكية جديدة في جسم الاقتصاد الوطني؟
  • حقيقة كلما كانت النفوس كبيرة تعبت في حملها الأجسام، وعندما تصطدم الأفكار الحية بأدوات التنفيذ تفقد بريقها وتستسلم للموت، ويبدو أن نظرية “الارادة والامكان” لا زالت تسجل نقاطا أخرى لصالحها، فالارادة -حقا- لا تكفي وحدها إن لم تسندها أيادي فاعلة، مخلصة وقوية تجعل من القرارات الجميلة ساحة للتنافس من أجل تجسيدها، وفي هذه الحالة نحن بحاجة الى جيل الاستقلال كي يتسلم بشكل أفضل وأسرع مسؤولية التنفيذ، ليس لأن غيرهم عاجز تماما ولكن لأن طبيعة التطور تجعل لكل مرحلة رجالها، وكما قاد الشباب في كل من مصر وتونس وليبيا فصول الثورة، قد يصلح شباب الجزائر لقيادة إصلاح هادئ وإيجابي ولو عند التنفيذ، فهم الأدرى بمشكلات الشباب وهم الأقرب الى معادلتهم النفسية وهم الأدنى من أفق مستقبلي يتغير بسرعة، وهم الأكثر حيازة على أدوات العصر والأجدر بمواصلة السير على طريق تطبعه المنافسة وجودة الحكم ودقة التدبير، فهل تسفر الأيام القليلة المقبلة عن تطورات أخرى على سلم الاصلاح الهادئ؟
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
18
  • نورية

    ما أحوجنا الى مثل هذه الكتابات الموضوعية الراقية ، بورك فيك يا أستاذ

  • Aliaa

    للأخت فاطمة صاحبة التعليق 15 : سؤال غريب الأجدر توجيهه الى الحكومة وليس الى كاتب المقال

  • بدون اسم

    السلام عليكم فيق يناس رهم يكدب عليكم اومكين وال ريح في ريح

  • فاطمة

    لماذا لاتقوم الحكومة بجمع متخصصين إقتصاديين مثلكم واستشارتهم في ايجاد حلول تساهم في حل المشاكل الموجودة الآن ووضع استراتيجية تنموية شاملة

  • محمد الطاهر

    السياسة المبنية على ردود الأفعال عمرها قصير.
    الإجراءات المتخذة هي حقن للتهدئة فقط ولكن مفعولها منتهي الصلاحية.
    إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة .
    التغيير معادلة صعبة .
    العلاج يستوجب التخصص و إلا كان فاشلا .

  • sharingan24

    هي جملة لا غير يحق لشعبنا الحياة باتم معنى الكلمة والتطلع لمستقبل افضل انشري يا شروق فمعظم تعليقاتي لا تصل

  • tayeb abadia

    شكرا على الموضوع والتعليقات ولكن الشباب يريد الملموس ويريد تنمية مستدامة على الأمد الطويل فالاجراءات المتخذة جديرة بالاهتمام ولكن لسنة 2011 فقط ما نريده كشباب هو تنمية واجراءات على الأمد الطويل وهذا لا يكمن الا في مكافحة الفساد وتقليص الرشوة لان القضاء عليها ليس بالهين وأخيرا شكرا للاستاذ وشكرا للتعليقات وأرجو ان يؤخذ تعليقي بعين الاعتبار ومستعد لترقب تعليقات عليه وشكرا

  • gharma

    مذا على الذين يعملون في اطار ادماج حاملي الشهادات هل سيتم ادماجهم في مناصبهم

  • ali470020

    السلامعليكم ورحمة الله تعالى وبركاته و بارك الله فيك على الشرح الوافي و أسئل فقط لماذا لاتعمد السلطة إلي إستشارة ذوي الإختصاص

  • مداني

    السلام عليكم .مشكور الأستاذ الكريم على مجمل التوضيحات المقدمة للقراء .ولكن أستاذي الكريم اريد ان أنوه لنقطة أساسية:
    -الا تدرك هاته الحكومة حجم ما تقترفه إزاء هاته القرارات الغير المدروسة من الناحية الإقتصادية على المحتمع. ان اري ان هاته الحكومة لم تقيم ماتخذته من إجراءات مماثلة في السابق خاصة في أليات دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة .فالدولة قطاعها العام الإقتصادي -رعم وصاعته - كشيخ الهرم والقطاع الإقتصادي الخاص كالصبي الذي لايزال لايقدر على المشي . ياحسرة على هاته الدولة.

  • نادين

    الى صاحب التعليق رقم 1
    لماذا دائما نثبط الأفكار الايجابية ، الأستاذ منذ 2001 وهو يكتب في موضوع التغيير ويقدم أفكارا باستمرار ولم ييأس وأنتم تزرعون اليأس ، فيقوا يرحمكم الله

  • بدون اسم

    شكرا لك استاذ على الوصفة لكن بوتفليقة لايسمع لاحد إلا للجينيرالات
    التغيير واجب بالتي هي احسن او بالثورة ، الشباب سيتعب من الوعود الكاذبة ، لذا يجب الانتفاضة لكي يسمع الحكام و منهم بوتفليقة باننا سئمنا من الحكومة و البرلمان نريد التغيـــــــــــــــــــــــــــير.

  • نادين

    الى صاحب التعليق رقم 1
    لماذا دائما نثبط الأفكار الايجابية ، الأستاذ منذ 2001 وهو يكتب في موضوع التغيير ويقدم أفكارا باستمرار ولم ييأس وأنتم تزرعون اليأس ، فيقوا يرحمكم الله

  • جمال

    اننا صابرون..ومحتسبون...وحسبي الله ونعم الوكيل
    مشكور استاذ على هذه التوضيحات..
    ,نسأل الله ان يهدي ولاة امورنا الى ما فيه صلاح البلاد والعباد..
    -انزعوا الفوائد الربوية وإلا ,
    -لا تعطونا 500 مليون جزء منها بالفوائد اعطونا 250 مليون بدون فوائد وإلا,
    -لا تعفوننا من الضرائب, ندفع الضرائب ولا ندفع الفوائد, مداخيل الدولة من الضرائب اكبر من الفوائد بكثير..؟!!!
    ....لماذا هذا الإقصاء المتعمد..؟!!!!!!!!

  • M.S

    خلاصة القول:الرحيل الحيل,اتمنى فقط ان يكون بطرق سلمية,ان بقية لسلم معنا.
    كفاية لمن عاث في الجزائر فسادا.

  • ولد الجزائر

    استادي الكريم انتم وضعتم يدكم على مكامن المرض وأعطيتم الوصفة المثالية للعلاج لكن انتم تعلمون بان هؤلاء الشباب رغم ما يملكون من علم ونضج واثبتوا للعالم في دول لا تعترف الا بما يملك الانسان من امكانيات انهم اجدر باستلام المشعل لكن في حينا هم لم يبلغوا سن الرشد بعد وقيل لا نأمن على مستقبل البلد بين ايديهم ولدلك لا يحق لاي منهم الولوج الى مراكز الاستشراف او التنفيد للسياسات المرسومة في هدا البلد وببساطة اكثر فهم لا يصلحون للحفاظ على المصالح المكتسبة او التي ستكتسب في ظل شكرا سيدي الف شكر,

  • bilal heni

    لا اظن لان حكومتنا هي من اشد الحكومات متمسكتا بمناصبها .

  • abou abdou raouf

    بعد التحية : اشكرك يا استاذي على هذه الوقائع ، لكن مثل ما يقال " لمن تقرأ زبورك ياداود.." لان التغيير في الجزائر لا يكون مثل التغيير في غيرها .لان الشعب الجزائي ليس كغيره . شكرا.