-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قصّة المؤامرة على الحجّ والكعبة المشرّفة

سلطان بركاني
  • 6398
  • 0
قصّة المؤامرة على الحجّ والكعبة المشرّفة

الحجّ هو الرّكن الخامس من أركان الإسلام، وهو العبادة التي تتجلّى فيها وحدة المسلمين في أعظم وأجمل صورها. زهاء 3 ملايين مسلم يجتمعون على صعيد واحد، لباسهم واحد ودعاؤهم واحد وهدفهم واحد. منظر يبعث في نفوس المؤمنين مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا الدّين، ويبعث في نفوس المتربّصين مشاعر الحقد على أمّة الوحدة والتّوحيد. حقد لم يبق حبيس النّفوس، بل ترجم إلى واقع ملموس، مؤتمرات عُقدت ومؤامرات حيكت لصدّ المسلمين عن الحجّ، وهدم الكعبة في نفوسهم، ما دام لم يمكن هدمها على أرض الواقع، فتجربة أبرهة الحبشيّ عميل الرّوم لا تزال شاخصة في الأذهان.

لقد قالها “وليم جيفورد” مبعوث” نابليون” للتّنصير في جزيرة العرب وما حولها أواسط القرن التّاسع عشر، قال: “متى ما توارى القرآن ومدينة مكّة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربيّ يتدرّج في طريق الحضارة الغربيّة بعيدًا عن محمّد وكتابه”، وقالها بعده بعقود من الزّمن اللّورد “كرومر”، مبعوث الصّليبيّة الحاقدة إلى مصر، قال: “جئت لأمحو ثلاثًا: القرآن، والكعبة، والأزهر”.

المؤامرة على القرآن وإن كانت قديمة قدم هذا الدّين، فإنّها مؤامرة واضحة المعالم لا يسعنا أن نختلف حولها، لأنّنا نلمس آثارها في واقع الأمّة الإسلاميّة، يوم قرّت أعين المتربّصين بإزاحة هذا الكتاب المتقن والمحكم والمعجز وزحزحته عن أن يكون دستورا ومنهجا للحياة، ليصبح كتابا يُتبرّك به وتفتتح به النّدوات، وتزيّن به الجدر ويُقرأ على الأموات.

أمّا المؤامرة على الكعبة والحجّ فلربّما تخفى فصولها وآثارها على كثير من المسلمين، لأنّها مؤامرة حيكت باسم الإسلام، من طرف خلايا متربّصة اندسّت بين المسلمين، واستفادت من فشل تجربة أبرهة الحبشيّ عميل الرّوم، لتعيد إخراجها تحت ستار “تعظيم مقامات الأئمّة والأولياء”.

 

الحجّ إلى كربلاء في يوم عرفة!

في الوقت الذي يتوافد فيه حجّاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطّاهر، في موكب بهيّ بهيج يبعث في القلب الخشوع والاعتزاز بعظمة هذا الدّين، ويبعث في النّفس الأمل في وحدة هذه الأمّة وعودتها إلى عهود عزّتها. في هذا الوقت يبدأ توافد مئات الآلاف من الشّيعة المغرّر بهم على أرض كربلاء بالعراق، لأداء مناسك زيارة عرفة عند قبر الحسين– رضي الله عنه-، حيث تبلغ أعدادهم حسب بعض المواقع مليوني زائر في هذه المناسبة، في موقف يوحي بأنّ هناك مؤامرة دبّرت لصرف هذه الأمّة عن موقف عرفة الذي كان ولا يزال وسيبقى غصّة في حلوق المتربّصين بهذا الدّين، بل وصرفها عن الكعبة المشرّفة التي تهوي إليها أفئدة المؤمنين، إلى مشاهد تقام عندها مناسك ظاهرها توقير أئمّة أهل البيت، وباطنها إحياء فكرة كعبة الضّرار التي ابتدأها أبرهة الحبشيّ في اليمن، وأعاد إخراجها المتربّصون تحت ستار زيارة وعمارة مراقد الأئمّة والأولياء، الذين كانوا من أبعد النّاس عن تعظيم القبور والدّعوة إلى تشييدها وإقامة المناسك عندها، بل كانوا يزجرون عن مجرّد رفعها عن الأرض.

لم يكفِ أولئك المغرّر بهم وقوعُهم في حبائل مؤامرةٍ سوّلت لهم مخالفة جماهير المسلمين في هلال رمضان وشوّال في البلد الواحد، ولم يكفِهم تعمّدهم مخالفة الأمّة في يوم عرفة ويوم الأضحى، حتى وقعوا في حبائل مؤامرةٍ وضعت لهم مناسك أخرى لعرفة آخر في مكان آخر.

إنّ المرء ليشفق لحال أولئك الذين ألغوا عقولهم وأسلموا قيادهم لعواطفهم، وسلّموا أنفسهم فريسة سهلة ولقمة سائغة للخلايا المتآمرة على هذا الدّين، وإلا فهل يمكن أن يخفى على ذي لبّ لبيب، أنّ الهدف من وراء اختراع مناسك عرفة عند قبر الحسين– رضي الله عنه وبرّأه- في أيام الحجّ بالذّات، هو صرف المسلمين عن الحجّ إلى الكعبة المشرّفة وترغيبهم في الحجّ إلى كربلاء؟ 

نحن لا ننكر زيارة القبور إذا كان الهدف منها تذكّر الموت والآخرة، والسّلام على أصحابها والدّعاء لهم، فذاك عمل صالح وقربة من القربات، ولكنّنا ننكر هذه البنايات الشّاهقة التي تبنى على قبور الأموات لفتنة الأحياء، وننكر أن تتحوّل القبور إلى مزارات يدعى ساكنوها ويستغاث بهم وتطلب منهم الحاجات، كما ننكر أن تخصّص مواسم معيّنة لزيارتها، وتخترع لها مناسك تضاهي مناسك زيارة الكعبة المشرّفة. ننكر هذا وذاك ونأسف لحال أولئك المفتونين الذين ينساقون لمؤامراتٍ مفضوحة مكشوفة، بل ومسطورة في نصوص حوتها مصادر تطبع وتوزّع على أوسع نطاق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!