-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قل موتوا بغيظكم…!

قل موتوا بغيظكم…!

فالله يعلم المفسد من المصلح، ويميز الخبيث من الطيب، والخائن من المجاهد، والكاذب من الصادق، والفاسق من المؤمن.

إن في الأرض قاضياً، هو قاضي المحكمة، الموكول إليه أمر العدل، وفي السماء قاضي القضاة الموكول إليه أمر العباد والبلاد، فهو أعدل العادلين، وأحكم الحاكمين، إليه يوكل أمر الحاكم والمحكوم، والظالم والمظلوم، ولا يظلم ربك أحداً.

سبحانك اللهم! بلوتنا بالمسؤوليات لحكمة أنت تعلمها، وابتليتنا بمختلف السفاهات لعلمك بقدرتنا على مواجهتها، وإن أهم المسؤوليات، أداء رسالتك السمحاء من خلال رسالة جمعية العلماء.

وما جعلت لنبي قبل نبينا، أن يؤدي رسالة دون التضحية والبلاء، وما جعلت لعالم قبل علمائنا، أن يؤدي رسالته، دون فتنة وابتلاء، فما يقال لنا إلا ما قد قيل للأنبياء، والعظماء، والعلماء من أسلافنا، وإنها لضريبة المسؤولية، وأكرم بها من ضريبة ما دامت في سبيل الله، وأنعم بها من مسؤولية ما دامت تهدف إلى بث قيم العلم والعلماء، ونشر مبادئ التدين الصحيح، وحسن الإخاء.

ما كنا نحسب أن النجاح يؤذي الفاشلين، وما كنا نظن أن بروز العلم، يوغر علينا قلوب الجاهلين والحاقدين، والمفسدين.

إن مما تعلمناه بالعلم، أن “الجاهلين لأهل العلم أعداء”، ومما علمنا إياه قرآننا قوله تعالى:﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾[سورة الفرقان، الآية 63].

ومما تعلمناه من تراثنا العربي الإسلامي قول شاعرهم:

يخاطبني السفيه بكل لؤم               وأكره أن أكون له مجيبا

فقد تربينا في أحضان الوطنية الصادقة، ورضعنا قيمها مع حليب أمهاتنا، وترعرعنا في حجر الحركة الإصلاحية الباديسية، التي حصنتنا ضد داء فقد المناعة الوطنية، وعصمتنا من الوقوع في أي مستنقع يخدش الوطن والوطنية، والإسلام والعقيدة الإسلامية، تشهد لنا التضحيات والملمات، وشهادات الأحياء والأموات.

فلازلنا نؤمن بأن الوطنية معاناة، وابتلاء، لا ألقاباً وشعارات جوفاء، وأن الجهاد علم وعمل، لا مكاسب وغلل. وكما قال الشاعر العربي: 

إذا اشتبكت دموع في خدود              تبين من بكي ممن تباكى

ففي تراثنا الشعبي، أن أحد الأطفال المراهقين، سأل ذات يوم والده فقال: هيا يا أبي ندعي الشرف؟ قال له والده: حتى يموت الذين يعرفوننا.

فمن السهل ادعاء الشرف، وتوزيع التهم على الناس، ولكن، الحد الأدنى من الذكاء، يفرض أن لا يتم هذا إلا في وجود من الناس الذين يعرفون الناس.

إن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، هي من القداسة والعصمة، بحيث لا مكان فيها لدعي أو غبي، وإنها كالمدينة المنورة، تنفي خَبَثها، وعبثها، لأنها طاهرة، ولا تضم بين صفوفها إلا المطهرين.

وأين كان هؤلاء الحاقدون على جمعية العلماء –لا كانوا- عندما كان أبناؤها يعانون في العهد الاستعماري المظلم، بلاء التعذيب والتخريب، والمطاردة والتهريب؟ شتان بين جهاد الأقبية والخنادق، ومتعة الأندية والفنادق.

هذه أفعالنا وتلك أقوالهم، وهذه تضحياتنا وتلك زعاماتهم، ويوم يحين الحين، إن في محكمة الدنيا، أو في محكمة الآخرة، يومها سيعظُّ الظالم على يديه، ولاة حين مندم، فيقول يا ليتني كنت ترابا!

كنا نظن –وبعض الظن إثم- أن الغمز واللمز في رموز الجمعية، قد يأتي من أعداء الجمعية لسبب إيديولوجي، قد تتفهم نفسية أصحابه، ﴿وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ﴾[سورة البقرة، الآية 120]، وكنا نظن أن هذا ديدن، بعض حملة الثقافة الأجنبية، ممن لا يرقبون فينا إلاًّ ولا ذمة، لجهلهم بثقافتنا، وأساطين معرفتنا، وقد نفهم أيضاً جهلهم وانسلابهم، ولكن الطامة الكبرى، أن يأتينا البلاء، ويناصبنا العداء، من تنكر للإخاء، وانقلب عن الانتماء، فجادل بغير علم، ولا مروءة أو إباء، ألا ساء ما يفعلون!

فلم توصد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أبواب صفوفها، منذ تأسست إلى اليوم في وجه أي مواطن إلا العاقين لأصولها، الطامعين في فصولها ووصولها. وما ذنبنا، إذا كانت قدراتهم محدودة، وإمكاناتهم مقدودة، وكفاءاتهم جد معدودة. إن هذه الجمعية، جمعية علماء بحق، تعرف كفاءة علمائها، النوادي والمنابر، وما فيها إلا خطيب أو محاضر، ومجاهد في الحق غير مكابر.

فلا نعرف من أبناء جمعية العلماء ممن بقوا في الجزائر، من تخلف عن النضال يوم الشدة، ولا من أخل بنداء الجهاد أو تخلف عن العدة، ولا من تصامم عن الزحف ولو لأقصر مدة، ﴿يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾[سورة النور، الآية 24].

وما كنا نحسب أن يدعي أحد الانتماء لجمعية العلماء، وهي التي تقوم على التربية والتعليم والخلق القويم، فيصاب بلوثة الكذب والقذف، وتكون له ذهنية الكناسين، كما يقول الشيخ محمد الغزالي، فهو يبحث عن القمامة بأي ثمن ولو كان بالتزييف والتحريف.

كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم                 ويكره الله ما تأتون والكرم

لقد أدبتنا جمعية العلماء، فربتنا على أدب الاختلاف الذي جسّده علماؤنا، وأئمة مذاهبنا، إنه أدب يسمو عن الكذب، والافتراء، وعن اللغو والفحشاء، ولكن ما بال أقوام، لم يتأدبوا بأدب العلماء، بالرغم من الانتماء –ولو كان مزيفاً- لها؟

نحمدك اللهم، أن عافيتنا، مما أصبت به غيرنا، وطهرتنا مما تلوث به من هو دوننا، ولكن مهما غالى المرجفون، وأرجف المبطلون، فإن الحق ظاهر ظهور الشمس، وإن الرجس لا يأتيه إلا شياطين الجن والإنس.

سوف نظل ثابتين على الحق، مهما حاول المبطلون أن ينشروا الأكاذيب والظنون. وسوف تظل جمعية العلماء، طالما نحن مؤتمنون عليها متألقة، ومشعة، لا يضرها كيد من ضل، ولا حسد من غل أو أخل.

فجمعية العلماء أسسها المخلصون الصادقون، وورثها الصالحون المصلحون، وسيحميها الأوفياء المؤمنون.

أما الذين، تألبوا على جمعية العلماء بالكيد لها، والنيل منها، من الذين في قلوبهم مرض، فندعو الله أن يشفيهم مما هم فيه، فيعودوا إلى رشدهم، ويتوبوا عن غيهم، فليس العيب أن تخطأ، ولكن العيب كل العيب أن تتمادى في الخطإ، ولا يضرنا أن نسقط ثم ننهض، ولكن يقضى علينا عندما نسقط ونبقى ساقطين.

ونقول لمحبي الجمعية، ومناصريها، والمؤمنين بمبادئها، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، وأن هذا الهراء، الذي يثار حول جمعية العلماء وقيادتها، إن هو إلا رجس من عمل الشيطان، فاجتنبوه لعلكم تفلحون.

لقد بان الحق لكل ذي عقل، وظهرت الشمس لكل ذي عينين، وويل للمرجفين، والأفاكين، والصائدين في الماء العكر، فإن كيدهم في تضليل، وإفكهم من قبيل الأحابيل.

﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾[سورة النور، الآية 11] صدق الله العظيم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!