-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قمّة الخيانة والحقارة

حسين لقرع
  • 2008
  • 1
قمّة الخيانة والحقارة

تؤكّد الكثير من التقارير المحلية والدولية الواردة من غزة، أنّ سكانها بدأوا يأكلون أوراق الأشجار والأعشاب وعلف الحيوانات، إن وجد، وبعضهم بات يشرب مياها ملوّثة أو مياه الأمطار بعد تنقيتها من الأتربة.

وإذا استمرّت الحرب أشهرا أخرى أو حتى بضعة أسابيع، فسيموت الآلاف جوعا، في ظلّ عدم وصول ما يكفي من مساعدات إنسانية إلى أغلب السكان، وخاصّة في شمال القطاع، بفعل تواصل الحصار الصهيوني منذ أزيد من أربعة أشهر وعرقلة دخول المساعدات عبر معبر رفح، بهدف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء تحت وطأة الجوع المزمن، وإخلاء غزة للمستوطنين، ومن ثمّة، قطع خطوة أخرى على درب تصفية القضية الفلسطينية بإفراغ فلسطين من سكانها، إذ لن يبقى بعدها إلا سكان الضفة الذين يريد الاحتلال تهجيرهم أيضا إلى الأردن.

واللافت أنّ العدوّ ينفّذ هذا المخطط الخطير تحت مرآى العالم وسمعه من دون أن يتدخّل المجتمع الدولي لمنع هذه الجريمة التي يعدّها القانون الدولي جريمة حرب وتطهير عرقي، والأكثر من ذلك، فقد انخرطت 18 دولة غربية في هذا المخطط الإجرامي من خلال تجميد مساعداتها المالية لـ”الأونروا”، ما يدلّ على مدى اتساع نطاق المؤامرة الغربية على فلسطين، وأنّ ما تروّج له دول الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا… بشأن “حل الدولتين” واستعدادها للاعتراف بـ”دولة فلسطينية”، ليس سوى ذرّ للرماد في العيون، ولو كانت صادقة في ذلك، لما رضيت بهذه العقوبة الجماعية الشنيعة بحقّ 2.3 مليون فلسطيني، ولتدخّلت بفعالية لإيصال ما يكفي من غذاء ومياه وأدوية ووقود للفلسطينيين، بدل أن تجمّد مساعداتها لـ”الأونروا” وتشترك بذلك في مؤامرة التجويع والتهجير.

أمّا الأسوأ من الموقف الغربي المتواطئ والحاقد على الفلسطينيين، فهو الموقف العاجز للدول العربية والإسلامية التي لم يسبق أن عاشت مثل هذا الهوان والذل في تاريخها كلّه؛ فهي لا تستطيع إيصال كيس طحين أو قارورة ماء أو علبة دواء واحدة لأشقائها الفلسطينيين عبر معبر رفح، مع أنّه معبر فلسطيني – مصري وليس صهيونيّا، وهي تنتظر إذن الاحتلال لإدخال مساعداتها المتكدّسة أمام المعبر.. هل هناك هوان أكثر من هذا؟

نفهم أن لا تنخرط الأنظمة العربية والإسلامية في دعم المقاومة في غزة بالسّلاح والمال خوفا من الولايات المتحدة الأمريكية أو لحسابات إيديولوجية مقيتة، ولكنّ لماذا لا تسارع إلى إغاثة 2.3 مليون فلسطيني بما تيسّر من غذاء وماء ودواء ووقود وخيم وأفرشة وأغطية لمواجهة الجوع والأمراض وبرد الشتاء، وتضغط بما لديها من أوراق لإدخالها إلى غزة؟ إذا عجزتم عن الضغط لإيقاف حرب الإبادة الجهنمية التي ترتكب بحقّ إخوانكم الفلسطينيين بالقطاع منذ أربعة أشهر، فعلى الأقل اضغطوا بكلّ أوراقكم لإدخال المساعدات الإنسانية إليهم.. ما الذي يمنع مثلا اجتماع منظمة التعاون الإسلامي مجدّدا واتخاذ قرارات عملية تصبّ في هذا الاتجاه كإشهار ورقة النفط في وجه الدول الغربية كما حدث عقب حرب أكتوبر 1973؟

والمحزن أكثر أنّ بعض الدول العربية، وبدل أن تسارع إلى إغاثة الفلسطينيين بما تيسّر من غذاء ومساعدات، تفضّل أن “تجتهد” لكسر الحصار البحري الذي يضربه الحوثيون على الاحتلال في باب المندب، من خلال السماح برسوِّ سفنه في موانئها ثم نقل حمولتها برّا إلى فلسطين المحتلّة عبر دول عربية أخرى، وقد بثّت القناة الـ13 العبرية تقارير وصورا لمئات الشاحنات الإماراتية وهي تدخل يوميّا إلى فلسطين المحتلة محمّلة بالمؤن والأغذية للصهاينة، وكأنّها بذلك تشجّعهم على مواصلة جرائمهم بحقّ أطفال غزة الذين لا يجدون ما يسدّ رمقهم وبعضهم يموت جوعا.. أرأيتم إلى أين بلغت الخيانة والنذالة ببعض العرب المتصهينين؛ فهم لا يكتفون بخذلان غزة وعدم التراجع عن التطبيع وقطع العلاقات مع الاحتلال، بل يدعمونه أيضا ليواصل قتل الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وتجويعهم!

ستنتهي هذه الحرب يوما ويخرج الفلسطينيون من هذه المحنة القاسية منتصرين مرفوعي الرأس، ولكنّهم لن ينسوا أبدا “أشقّاءهم” الذين خذلوهم وتركوهم عرضة للمجاعة من دون أن يبذلوا كلّ ما بوسعهم لإغاثتهم، أو عادوهم وانحازوا إلى الصهاينة ضدّهم بشكل سافر، في موقف ينضح خيانة وصهينة وخساسة وحقارة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حسبنا الله و نعم الوكيل

    اقرأ خبر السفينة المصرية التي كانت معظم رحلاتها إلى اسرائيل محملة بكل شي و الفلسطنين يموتون قصفا و جوعا... لكن كما تدين تدان و ستدور الدوائر و الكل يشرب من الكأس الذي سقاه للاخرين.