-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قيادي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ,جميل المجدلاوي: مقاومة حزب الله تدعونا الى ن

الشروق أونلاين
  • 1812
  • 0
قيادي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ,جميل المجدلاوي: مقاومة حزب الله تدعونا الى ن

في ظل الأوضاع الفلسطينية الصعبة، سواء فيما يخص أوضاع الحكومة الفلسطينية وعدم مقدرتها على تجاوز الأزمة الاقتصادية والأمنية والسياسية أو على مستوى فصائل العمل السياسي وما طرح في وثيقة الوفاق الوطني بشأن ترتيب البيت الفلسطيني فيما يخص منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل أطرها ومؤسساتها بشراكة منطقية وبناءة، إضافة إلى التداعيات الأخيرة في المنطقة المترتبة على العدوان الاسرائيلي على لبنان وصمود المقاومة الإسلامية، وما سيفرز عن كل ذلك من نتائج تمس بشكل جوهري مستقبل القضية الفلسطينية..
حول‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬القضايا‮ ‬كان‮ ‬لـ‮ “‬الشروق‮” ‬حوار‮ ‬مع‮ ‬جميل‮ ‬مجدلاوى،‮ ‬القائد‮ ‬البارز‮ ‬في‮ ‬الجبهة‮ ‬الشعبية‮ ‬لتحرير‮ ‬فلسطين‮.‬مكتب‮ “‬الشروق‮”: ‬غزة‮- ‬فلسطين‮ ‬
وقعت القوى السياسية الفلسطينية كلها قبل شهر تقريبا، على ما عرف بوثيقة الوفاق الوطني، وذلك بهدف إعادة العمل على مستوى السلطة والمنظمة، وفق الآلية التي اتفق عليها، ولكن لم نشهد بعد التوقيع على الوثيقة، أي خطوة لتفعيل ما اتفق عليه، سواء فيما يخص الحكومة وتشكيلتها،‮ ‬أو‮ ‬على‮ ‬صعيد‮ ‬إعادة‮ ‬ترتيب‮ ‬أوضاع‮ ‬المنظمة‭..‬‮ ‬كيف‮ ‬تنظرون‮ ‬إلى‮ ‬ذلك؟

مجدلاوي: إثر توقيع وثيقة الوفاق الوطني من مجموع القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، وممثلي الرأي العام الفلسطيني والقطاع الخاص، شكلت لجنة مصغرة لتقديم آليات تفصيلية لترجمة ما جاء في الوثيقة بشأن العديد من العناوين، وبخاصة ترتيب البيت الفلسطيني، أي تطوير وتفعيل أطر م.ت.ف وإعادة بناء مؤسساتها على أسس ديمقراطية، وبدء الحوار الجدي من أجل حكومة الائتلاف الوطني، والتي تتسع للجميع، ولكل من هو مستعد للمشاركة فيها على أساس برنامج القواسم المشتركة، والذي تضمنته الوثيقة، ولكن فوجئنا بموقف من الرئيس أبو مازن ومن الإخوة في حركة حماس، ثم تحول موقف الرئيس أبو مازن إلى موقف -فتح-ومفاد هذا الموقف يقول: إنهم يؤكدون على الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني لكنهم يرون أن الحديث عن تطوير وتفعيل م.ت.ف وحكومة الوحدة الوطنية موضوع يأتي في غير وقته، وأنه أصبح موضوعا مؤجلا.. سألناهم لماذا؟فقدموا سببين: برأيي هما ذرائع غير مفهومة، فالسبب الأول: أن الهم المباشر الآن هو مواجهة العدوان الإسرائيلي والحصار المفروض على شعبنا، أما الذريعة الثانية فهي اعتقال إسرائيل لعدد من الزملاء النواب والإخوة الوزراء.. وقلنا لهم إن هذين السببين هما عاملان يدفعان‮ ‬نحو‮ ‬الإسراع‮ ‬في‮ ‬تشكيل‮ ‬حكومة‮ ‬وحدة‮ ‬وطنية،‮ ‬والإسراع‮ ‬في‮ ‬تفعيل‮ ‬م‮.‬ت‮.‬ف‮ ‬وليس‮ ‬العكس،‮ ‬لأن‮ ‬الشعوب‮ ‬والدول‮ ‬عندما‮ ‬تواجه‮ ‬العدوان‮ ‬الخارجي،‮ ‬تعزز‮ ‬من‮ ‬عوامل‮ ‬وحدتها

وإذا ربطنا ترتيب بيتنا الداخلي بالإجراءات الإسرائيلية نكون كمن يضع القرار الفلسطيني في الجيب الإسرائيلي، وتصبح إسرائيل هي المقررة في الشأن الفلسطيني، وفي كل يوم يمكن أن نكون أمام اعتقالات جديدة بدليل أنه في هذا الأسبوع اعتقل عدد آخر من النواب، وعلى رأسهم الأخ‮ ‬رئيس‮ ‬المجلس‮ ‬التشريعي‮ ‬نفسه‮: ‬د‮.‬عزيز‮ ‬دويك،‮ ‬وبالتالي‮ ‬هذه‮ ‬ذرائع‮ ‬غير‮ ‬صحيحة‮.. ‬هذا‮ ‬واقع‮ ‬الحال‮ ‬حتى‮ ‬هذه‮ ‬اللحظة‮.‬
نحن‮ ‬سنظل‮ ‬ندفع‮ ‬باتجاه‮ ‬تطبيق‮ ‬ما‮ ‬جاء‮ ‬في‮ ‬وثيقة‮ ‬الوفاق،‮ ‬لأننا‮ ‬على‮ ‬قناعة‮ ‬بأن‮ ‬هذه‮ ‬الوثيقة‮ ‬تضمنت‮ ‬برنامجا‮ ‬متكاملا،‮ ‬حدد‮ ‬الأهداف‮ ‬والوسائل‮ ‬والأدوات‮ ‬وأشكال‮ ‬النضال‮ ‬وآليات‮ ‬العمل‮.‬

‬قلت‮ ‬في‮ ‬سياق‮ ‬إجابتك‮ ‬إن‮ ‬حماس‮ ‬وفتح‮ ‬متفقتان‮ ‬على‮ ‬تأجيل‮ ‬الإجراءات‮ ‬الخاصة‮ ‬بإعادة‮ ‬تشكيل‮ ‬الحكومة،‮ ‬وتفعيل‮ ‬المنظمة‮.. ‬برأيك‮ ‬أين‮ ‬يكمن‮ ‬جوهر‮ ‬هذا‮ ‬الاتفاق؟

مجدلاوي: أعتقد أن الأخ الرئيس أبو مازن ينتظر نتائج المعركة الإقليمية القائمة الآن، سواء على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية أو على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية وتداعيات هذه النتائج على الصعيدين: الإقليمي والدولي، ليرى ما بعد ذلك إذا كان الوضع الإقليمي والدولي مستعد لحمل حماس في إطار المؤسسة الفلسطينية الرسمية، ثم يقرر بعد ذلك أن يسير إلى الأمام أم لا.. هذه قراءتي الخاصة للموقف، والذي هو بالأساس كما قلت موقف للرئيس أبو مازن، وأصبح فيما بعد موقفا لحركة فتح.. رغم أنها كانت في إطار المجموعة الصغيرة -هي وحماس- حينما صاغوا هذه الآلية الخاصة بوثيقة الوفاق، أما بالنسبة للإخوة في حركة حماس فهم أيضا في قراءتي الخاصة لموقفهم يعتقدون أنه لا ضير من تأجيل الحديث عن حكومة وحدة وطنية لبضعة أسابيع قادمة، يستفيدون منها في شغل عدد من الوظائف في مؤسسات السلطة، كما أنه ليس سرا: إتفقوا‮ ‬مع‮ ‬الرئيس‮ ‬على‮ ‬تعيين‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬الوكلاء‮ ‬والوكلاء‮ ‬المساعدين‮ ‬والمدراء‮ ‬العامين‮ ‬في‮ ‬الوزارات،‮ ‬وهم‮ ‬في‮ ‬طريقهم‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬يحصلوا‮ ‬على‮ ‬وظائف‮ ‬أخرى‮..‬
وعليه فهم لا يرون ضيرا في التأجيل كما أسلفت بحيث يكونون قد استفادوا من تفردهم في الحكومة بشغل وظائف، بموضوعية كانوا قد حرموا منها في سنوات السلطة الماضية، ولكن هذا الوضع لا يعالج -من وجهة نظري- بالطريقة التي تعالج حماس فيها هذا الموضوع، لأن هذا الأمر يعيد‮ ‬إنتاج‮ ‬تسييس‮ ‬الوظيفة‮ ‬الرسمية،‮ ‬والتي‮ ‬كرست‮ ‬التفرد‮ ‬الذي‮ ‬اكتوى‮ ‬شعبنا‮ ‬ومجمل‮ ‬قطاعاته‮ ‬الجماهيرية‮ ‬بناره،‮ ‬على‮ ‬امتداد‮ ‬ما‮ ‬يزيد‮ ‬عن‮ ‬عقد‮ ‬من‮ ‬الزمان‮.‬
لذلك كله أرى أن موقف التأجيل، وتعطيل السير إلى الأمام هو موقف خاطئ، ينتظر نتائج المعادلة الإقليمية والدولية، وبخاصة القرار الأمريكي فيها، كما أن هذا التأجيل يوظف لتحقيق مصالح فئوية بالنسبة لحركة حماس وكلا الموقفين برأي خاطئ.

‬ألا‮ ‬تخشون‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬السياق‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬هناك‮ ‬اتفاق‮ ‬ما‮ ‬بين‮ ‬فتح‮ ‬وحماس،‮ ‬على‮ ‬محاصصة‮ ‬ما‮ ‬في‮ ‬السلطة‮ ‬والمنظمة‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬الفصائل‮ ‬الأخرى؟

مجدلاوي: أنا لا أحبذ الحديث عن صفقة على حساب الفصائل، لأنني لا أريد أن تكون صفقة تشمل باقي الفصائل، ولا أدعو إلى صفقة حتى لو شملت كل الفصائل بما فيها الجبهة الشعبية، لذلك أدعو إلى البدء بصياغة مؤسسة فلسطينية ديمقراطية شفافة، تعطي فرصا متكافئة لكل أبناء الشعب‮ ‬الفلسطيني،‮ ‬والمعيار‮ ‬الأول‮ ‬فيها‮: ‬هو‮ ‬الكفاءة‮.. ‬ومن‮ ‬هنا‮ ‬لست‮ ‬من‮ ‬الداعين‮ ‬إلى‮ ‬المحاصصات‮ ‬التنظيمية‮ ‬في‮ ‬الوظيفة‮ ‬الرسمية‮ ‬على‮ ‬أي‮ ‬مستوى‮.‬

تشهد الأشهر الأخيرة مزيدا من التدهور الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية، فضلا عن التدهور الأمني من حيث مواصلة الاعتداءات الإسرائيلية من جانب، ومن جانب آخر استمرار حالة الفلتان الأمني الداخلي، ويترافق ذلك كله مع جمود سياسي تجاه الوضع الفلسطيني.. في هذه الأجواء‮ ‬كيف‮ ‬تنظرون‮ ‬إلى‮ ‬مستقبل‮ ‬السلطة‮ ‬الفلسطينية‮ ‬ومنظمة‮ ‬التحرير‮ ‬الفلسطينية‮ ‬أيضا؟

مجدلاوي: في الأيام الأخيرة أصدرت تصريحا سياسيا تكرر في وسائل الإعلام المحلية وبعض الفضائيات، كما طرحته في بعض الندوات وورش العمل في قطاع غزة، واليوم سأعيد طرح هذا الأمر في جلسة المجلس التشريعي.. ملخص الموقف الذي أطرحه: أننا أصبحنا جديا -بعد أن تبين بوضوح أن السلطة التي أريد لها أن تكون سلطة انتقالية ليست كذلك-أمام سؤال جدوى استمرار السلطة، فهذه السلطة الانتقالية بموجب اتفاقيات أوسلو والتي تم رعايتها من المجتمع الدولي، بعد أن وقعت بين الرئيس الراحل أبو عمار ورابين رئيس حكومة العدو الإسرائيلي برعاية أمريكية.. هذه السلطة الانتقالية كان يفترض أن تنتهي في 4 ماي 1999 ولكنها استطالت حتى هذه اللحظات، وأنا أقول سلطة انتقالية، لأن أصحاب هذا الخيار السياسي كانوا يعتقدون أو يعملون من أجل أن تكون هذه السلطة الانتقالية مرحلة تسبق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي‮ ‬التي‮ ‬احتلت‮ ‬عام‮ ‬1967‭ .‬
وهي كما يعرف الجميع تعادل هذه الأراضي ما نسبته 22 % من مساحة فلسطين، ولكن بعد 13 عاما من توقيع اتفاقيات أوسلو وبعد مرور سبع سنوات على التاريخ الذي حدد كنهاية للمرحلة الانتقالية، أصبح واضحا أن إسرائيل تعمل على جعل إقامة الدولة الفلسطينية على تلك الأراضي التي أشرنا إليها، أمرا غير ممكن، بل ربما مستحيلا، فهي لم توقف مصادرتها للأراضي ولم توقف إقامة المستوطنات وتوسيعها، كما أنها حولت قطاع غزة الى سجن كبير، وتحول الضفة أو ما تبقى من الضفة الغربية إلى كانتونات ومعازل معزولة عن بعضها البعض ومفاتيحها أيضا باليد الإسرائيلية، إذ التوجه السياسي العام من هذه الاتفاقيات بات يؤشر على أن إسرائيل ضربت فعليا كل أسس هذا الاتفاق، وهذه النقطة الأولى.. أما النقطة الثانية: فهي أن السلطة حالها الآن حالة من العجز شبه التام، فهي عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الأمن والأمان للوطن والمواطن في مواجهة العدوان الاسرائيلي، أو في مواجهة حالة الفلتان الأمني الداخلي، وهي أيضا عاجزة عن تأمين الحد الأدنى من الدخل والحد الأدنى من المتطلبات للناس، وهي عاجزة عن تأمين العلاج المناسب، وهي عاجزة عن حماية نفسها.. فوزراء الحكومة بعضهم معتقل، والبعض الآخر‮ ‬مختفي‮ ‬بحيث‮ ‬لا‮ ‬نستطيع‮ ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬حكومة‮ ‬تدير‮ ‬شؤون‮ ‬المجتمع‮.‬
المجلس التشريعي والذي أنا أحد أعضائه، أيضا قسم مهم من أعضائه معتقل، وأخيرا اعتقل رئيسه، وبالتالي أصبح أداؤنا أداء شكلانيا، يعنى ليس الأداء الذي يمكن أن يجعل من هذه السلطة قيادة جدية للمجتمع الفلسطيني، هذا الواقع بمجمله جعلنا أمام السؤال الجدي: ما هو جدوى استمرار‮ ‬هذه‮ ‬السلطة؟
ولهذا أنا دعوت الرئيس أبو مازن واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي لـ م..ت.ف ثم الحكومة وكل القوى السياسية وفعاليات المجتمع الفلسطيني، إلى نقاش شفاف ومسؤول وجاد نسأل فيه أنفسنا: هل هذه السلطة رافعة من أجل استكمال النضال لتحقيق الاستقلال الوطني، والعودة إلى ديارنا التي شردنا منها، أم أنها أصبحت عبئا على هذا النضال.. وشاخصا يظلل العدوان الاسرائيلي المستمر على شعبنا، وبالتالي فنحن في هذا الوضع نتحمل مسؤولية لا نملك أي صلاحيات في تقريرها أمام العالم كله؟
إذا وصلنا إلى قناعة بأن هذه السلطة يمكن أن تكون رافعة، ولكن يعتور أداءنا فيها بعض النواقص والعيوب، فلنصححها.. أما إذا وصلنا إلى قناعة بأن هذه السلطة أصبحت عقبة، فعلينا في هذه الحالة أن نقول ما هي البدائل، وأن نضع العالم أمام مسؤولياته في الإجابة على سؤال: جدوى‮ ‬استمرار‮ ‬هذه‮ ‬السلطة؟أنا لا أريد أن استبق الأمور، بل أكتفى بطرح السؤال على الجميع، ولا شك أن لدي مشاريع أجوبة حول الإجابة على هذا السؤال، والأجوبة حول البدائل، ولكن أكتفي في هذه اللحظة بطرح السؤال لنكون أمام نقاش حر ومفتوح وجاد وشفاف تشرك به أوسع القطاعات الجماهيرية.

‬بلا‮ ‬شك‮ ‬أن‮ ‬العدوان‮ ‬الإسرائيلي‮ ‬الذي‮ ‬نشهده‮ ‬هذه‮ ‬الأيام‮ ‬على‮ ‬لبنان،‮ ‬وصمود‮ ‬المقاومة‮ ‬الإسلامية‮ ‬هناك،‮ ‬سوف‮ ‬يفرز‮ ‬نتائج‮ ‬ومعطيات‮ ‬جديدة‮ ‬في‮ ‬المنطقة،‮ ‬كيف‮ ‬تنظرون‮ ‬لانعكاس‮ ‬ذلك‮ ‬على‮ ‬القضية‮ ‬الفلسطينية؟

مجدلاوي‮: ‬أعتقد‮ ‬أن‮ ‬الرسالة‮ ‬التي‮ ‬حملها‮ ‬مقاتلو‮ ‬حزب‮ ‬الله‮ ‬قد‮ ‬وصلت‮ ‬للجميع،‮ ‬وصلت‮ ‬كما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬تصل‮ ‬الرسالة‮.‬
أول جهة استلمت هذه الرسالة هي إسرائيل: ومضمونها أنه لا يوجد لإسرائيل حدود يمكن الدفاع عنها، كما لا يوجد لها حدود آمنة، وأنه يمكن ضربها في العمق وفي القلب، كما أنه لا يمكن أن تحظى بالأمن إلا في إطار تسوية متوازنة، تحقق الحد الأدنى من العدل لشعبنا وللشعوب العربية الأخرى، وإذا كان حزبا يمتلك هذه المقدرة في توجيه مثل هذه الرسالة لإسرائيل، فأعتقد أن الجواب العربي سيكون أكثر وضوحا وعمقا، في نتائجه فيما لو توسعت دائرة المعركة، وفيما لو أصبحت هذه السابقة التي مثلها حزب الله، سابقة يقاس عليها من قبل أطراف عربية أخرى‮.‬
أما الرسالة الثانية، فهي لأمريكا، ومفادها: إذا اعتقدت أمريكا أن إسرائيل يمكن أن تظل العصا الغليظة التي تنزل بها على رؤوس العرب، لتضمن استمرار مصالحها في بلادنا، فهذه الـ.. إسرائيل أضعف بكثير مما تقدر لها أمريكا، وأنها في كل مرة تواجه بصمود عربي تحتاج إلى العون الامريكي على كل الأصعدة، العسكرية والسياسية والاقتصادية، كما نلاحظ هذه الأيام، وبالتالي لن تكون إسرائيل قادرة على حماية المصالح الأمريكية، ولا غيرها، وهذا الأمر يشكل عنوان الرسالة، والتي ينبغي أن تستلمها الأنظمة العربية.. أنه يمكن لكم أن تقولوا للأمريكان: لا نقبل منكم هذه السياسة، ولابد من تحقيق حد أدنى من توازن المصالح فيما بيننا، وإلا فإن مصالحكم في بلادنا تصبح مهددة بالخطر، هذه هي الرسالة الثالثة التي وجهتها حركة المقاومة اللبنانية وحزب الله في هذا الصمود وهذا القتال الرائع ضد الجيش العدواني.
طبعا الرسالة الرابعة للجماهير العربية، لأنه رغم كل هذا العطاء العظيم الذي قدمه حزب الله ومجاهدي حزب الله والشعب اللبناني الشقيق، فإن حركة التضامن العربية لم تكن بالمستوى المطلوب، وهي رسالة لكل فصائل حركة التحرر العربية، ولكل منظمات المجتمع المدني والاتجاهات‮ ‬النقابية‮ ‬والتشكيلات‮ ‬القطرية‮ ‬والقومية،‮ ‬فإن‮ ‬صواريخ‮ ‬حزب‮ ‬الله‮ ‬ومجاهديه‮ ‬والشعب‮ ‬اللبناني‮ ‬بصموده‮ ‬الرائع‮.. ‬كشفوا‮ ‬عورتنا‮ ‬جميعا‮.‬
وهذه الرسالة تنطوي على طلب مباشر من المقاومة الفلسطينية، وكل فصائل العمل الوطني الفلسطيني، بممارسة نقد ذاتي صريح.. فقد شكل حزب الله أنموذجا في الكيفية التي يجب أن يكون عليها المقاتل الحقيقي: متواضعا، مختفيا، بعيدا عن الاستعراضات والبهرجات التلفزيونية، فقد شكل هذا الواقع بالنسبة لحزب الله سياجا أمنيا حقيقيا، ومتابعتي للعدو الاسرائيلي فيما يكتب ويقول، تظهر إلى أي مدى يسيطر عليهم الذهول، من إنهم غير قادرين على تحقيق أي اختراق جدي لصفوف حزب الله، وهي رسالة إلى العالم أيضا: فقد كنت بالأمس في لقاء مع مجموعة من الاوروبيين، ففوجئت أنهم يقولون لي وبالحرف: شكرا لكم أيها الفلسطينيون، وشكرا لكم أيها اللبنانيون لأنكم تقاتلون دفاعا عنا.. لأن المعركة التي تخوضونها هي في الجوهر معركة ضد الهيمنة الأمريكية الكونية، والتي لا تبقي أحدا من شعوب الدنيا خارج إطار هذه الهيمنة.
هذه الرسائل صيغت وأرسلت واستلمها الجميع، بغض النظر عن النتائج المباشرة في الميدان لهذه المعركة، ولا يعني قولي: بغض النظر أن العدو سيحقق انتصارا في هذه المعركة، ولكن أقول: إن هذه الرسائل وصلت للجميع، وهي مكون لهم في أي قراءة لصراعنا مع هذا العدو بمستوياته التاريخية،‮ ‬وهى‮ ‬تأكيد‮ ‬على‮ ‬أننا‮ ‬قادرون‮ ‬على‮ ‬الانتصار‮ ‬وعلى‮ ‬أننا‮ ‬سننتصر‭..‬
‮ ‬هذه‮ ‬قراءتي‮ ‬لما‮ ‬جرى‮ ‬في‮ ‬لبنان،‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮ ‬بغض‮ ‬النظر‮ ‬عن‮ ‬النتائج‮ ‬المباشرة‮ ‬والميدانية‮ ‬لهذه‮ ‬المعارك

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!