-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“قُصر الكلام”.. في محاكمات الإعدام

“قُصر الكلام”.. في محاكمات الإعدام

يا حكام مصر الكنانة..!تالله، لقد أحرجتمونا، وأخجلتمونا، وبهدلتمونا أمام الرأي العالمي العام، بما تصدرون من أحكام الإعدام.لقد بالغتم في تعسفكم، عندما أقدمتم على تفكيك الأهرام، وتقزيم العِظام، وشنق الأعلام، وإعدام علماء الإسلام.فإلى أين تذهبون؟ وبأي قانون تَحكمون؟ وما هو الوجه الذي به، ربكم، تلقون؟ وبتاريخ مصر، ماذا أنتم فاعلون؟

إننا نرثي لما آلت إليه مصر، من الزج بخيرة أبنائها في السجون، وصمت علمائها فلم يعودوا ينطقون، إنهم هم المفتون، وإنهم هم المتواطئون، وقِفوهم إنهم مسؤولون.

خاب الرجاء والأمل، في الربيع المصري البطل، فساد الاستبداد العسكري، بعد الاستبداد المدني، فبطُل العمل، أُطلِق سراح الظالمين، وأدخل السجن المظلوم البطل.

حيّرنا، والله، أمر مصر العزيزة، حينما داست على الدستور، فأطفأت النور، وحكّمت المتعسف والمأجور، وضعف الآمر والمأمور.

لم نعد نعرف، كيف نجادل، عن مصر الكنانة، أمام العالم، بعد أن نصّبت المشانق بأمر من المحاكم، فعمّت المظالم، ووزعت المغانم، وتألّه الحاكم، وسُجن المواطن المسالم.

ما سمعنا، وما قرأنا، في تاريخ العالم، محاكم تصدر، بالجملة أحكام الإعدام، وكيف يجيز مفتي الدين، وهو الفيصل بين الحق والباطل، تعسّف الأحكام، والمصادقة على شنق الزعماء والعلماء العظام؟

إذا جار الأمير ونائباه          وقاضي الأرض أجحف في القضاء

فويلٌ ثم ويل، ثم ويل           لقاضي الأرض من قاضي السماء

إن أصول الحكم، كأصول القضاء، تحكمها قواعد هي قواعد الإنصاف والعدل، وتسودها قوانين هي قوانين التسامح، والإخاء، والفضل، ومنها صيانة حقّ المخالِف، والحرص على وحدة الصف، وتعزيز التآلف.

نريد لتاريخ مصر، أن يكون  _كما يجب أن يكونينبوع صفاء، لا يكدر صفوه ظلم أو فساد، وأن لا يشوبه حبر الاستبداد، ولا دم الأبرياء من العباد. إن كل قطرة دم تراق، سيبوء بإثمها الحاكم، والقاضي، والمفتي، أمام العادل الخلاق.

لطالما حذرنا، منذ البداية، أن العنف لا يولّد إلا العنف، وأن الوطن ملك للجميع، فلا يبنيه إلا الجميع.. وفي مصر مذاهب ومعتقدات، وأحزاب وتنظيمات، فلا مجال للنهوض بها إلا بتعاون كل الهيئات والديانات، مهما ارتكب أي واحد من الأخطاء والسيئات.

لم أكن في يوم من الأيام، منتظما ضمن هياكل الإخوان المسلمين، ولكنني عرفتهم من قراءة تاريخهم، فأيقنت أنهم، أُسّ البناء في مصر، بما بذلوا من جهد علمي وديني، وما قدموا من تضحيات في سبيل تحرير المسلم والذمّي. فكيف انقلبوا بين عشية وضحاها، إلى مجرمين وهم الأبرياء؟ وكيف استطاع القضاء المصري، في رمشة عين، وفي غفلة من العدل، أن يحوّلهم إلىكلاب ضالة، ينهش أجسامهم السياط، وينامون على البلاط، وتداس كرامتهم بالجزم والصبّاط؟

إن مصر الشقيقة تعيش _حقاأحلك عصورها، ولا عذر لأي حاكم عربي في اللامبلاة، ولا يعذر أي عالم ديني، في التواطؤ والموالاة.. إننا نبذل النصح من باب الحب لمصر، التي هي القلب النابض للعروبة والإسلام، فكل عدوان على كرامتها، وكل مساس بكرامة شعبها، هو عدوان ومساس بكرامة العرب والمسلمين أجمعين.

على العقلاء في مصر، وعلى الحكام، والأدباء، أن يهبوا لإنقاذ مصر مما هي فيه. ولا إنقاذ لمصر، إلا بالمصالحة، والمصارحة، والمصافحة. ولهم في تجربة الجزائر خير مثال، فبعد الخصام، لابد أن يسود التسامح والوئام.

لست في موقع يؤهّلني لأن أمْلي على المصريين ما يجب أن يفعلوه، فمن المصريين _والحمد للهداخل البلد وخارجه، طاقات، وكفاءات، وهي أعلم _من أي أحدبشؤون ومصلحة مصر. غير أن ما يكاد يجمع عليه كل العقلاء والمنصفين، هو الدعوة إلى مؤتمر مصري شامل لا يقصي أحدا، ويكون هدفه تشخيص الداء، ووصف الدواء.

وإن تشخيص الداء يبدأ من استئصال أسباب الانقلاب على الشرعية، والبحث عن أنجع السبل لإنصاف الراعي والرعيّة، وإلغاء كل القوانين والإجراءات الاستثنائية، وحلّ محاكم التفتيش التعسفية.

أما الدواء فيبدأ بإخراج المساجين، وعودة المبعدين، والتمكين للجميع من بناء الوطن على أساس متين.

عارٌ على مصر، وهي عاصمة الجامعة العربية، ومدينة الأزهر والأهرام، التي تعودت على فك النزاعات والخصام، عار عليها أن ينفضّ الناس عنها، أبناؤها وأشقاؤها، فليس العيب في السقوط، ولكن العيب كل العيب أن لا نعي أسباب السقوط، وأن لا نتسلح بحزم وعزم، للنهوض من هذا السقوط.

فيا أشقاءنا في مصر! رفقاً بمصر، أي رفقا بنا جميعا. فضعفنا من ضعفكم، ويوشك أن يكون هواننا من هوانكم.. فخيِّبوا رجاء العدو فيكم وفينا، وأثبتوا للشقيق وللعدو، أن مصر قادرة على تجاوز محنتها.

أما إذا تماديتم فيما أنتم فيه، من أحكام تعسفية، وتمثيل بخير أبناء مصر من الزعماء والعلماء، فتلك هي _واللهشر البلية، وإنها للحالقة التي تقضي على الأخضر واليابس.. وليذكر الجميع أن البشر يزولون، مهما عمروا، ومهما سادوا وجاروا، ولكن البقاء سيكون لمصر العدل، مصر الحق، مصر التاريخ، التي لا تضيق بأي واحد من أبنائها؛ فالبقاء للأفضل والأنبل والأكمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • mohamed

    merci beaucouq m guessoume pour cet article et mon espéront que les egyptiens va prendre vos paroles en grandes considération

  • السىدة ام محمد من معسكر h

    اطال الله فى عمر استادنا عبد الرزاق قسوم علي هذا النداء من اجل المصالحة
    د

  • seif

    je vois pas que t' as une bonne reponse

  • ابراهيم

    يا استاذ الكريم ما هو السبب وصول امتنا الى هذا الحروب الجاهلية و القتل و الظلم اين الخلل و هل انتم تشعرون ببعض المسؤولية امام الله تجاه اخواننا المسلمين في هذه المعمورة و هل تعلم كل ظالم يقول لا بأس إن شاء الله!! ولَو مُتنا بذُنوب ومعاصٍ سيشفعُ لنا الحبيب المُصطفى يَوم الزِّحام!! أنا مُرتاح البال ومُطمئن ما دام هُنالك شفيع سيُنقذُنا إن وقعنا في ورطَة!! و هل تعلم كل ظالم يقول لن تمسنا النار الى اياما معدودة!! و هل تعلم اكاذيب بعض السلف على الرسول ص و ابتعادنا على كتاب الله هو سبب تحطمنا اليوم

  • محمد

    مادا لو مصريين تدخلوا في شؤوننا الداخلية هل كنتم سترضون

  • Ammar

    L’hypocrisie de l'occident et la lâcheté de l'orient, font que la situation est devenue intenable en Egypte. tôt ou tard, la justice triomphera et l’Egypte regrettera sa politique suicidaire d’aujourd’hui.
    Merci pour cet appel et ce cri de colère

  • جزائري

    شكرا استاذنا على هذا المقال و هذا النداء لاهل مصر اولا وللمسلمين اجمعين ثانيا , لعل هذا النداء للمصالحة يصل الاذان والقلوب الحية من اهل مصر العظام .
    ما يحزنني بعد قراءة هذا النداء العاطفي الجياش من قبل استاذنا "عبد الرزاق قسوم" رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين , عدم وجود المشاركات او التعليقات على المقال وذلك دليل على عدم قراءة القراء لهذا المقال و النداء الرائع لاهل مصر ودعوتهم للمصالحة ونبذ التفرقة و التناحر , .ما يحزنني , لم اجد ولو تعليق بسيط من اخواننا المصريين وكان المقال لا يعنيهم

  • فارس

    وما دخلك أنت ، مصر دولة مستقلة لها سيادة ، أتريد أن يتدخل أحد في شئون بلادك . أنا متأكد من أنكم لاتنشرون هذا التعليق لأنكم تتعاطفون مع الإخوان المسلمين .

  • bidja

    سياتي يومك يا سيسي وتصبح من الخنافيسي

  • بشير سلامي

    شكرا سيدي وفتح الله بصيرة الجمعية الى ما فيه خير الامة ..اننا نتطلع ان تلعب الجمعية الدور السديد في هذه المصيبة و النكبة التي توشك ان تعصف بمصر الاسلام ،ولم لا الدعوة الى مؤتمر جامع لقادة الرأي في الامة لتصويب سيل الباطل الجارف في حق دعاتها و اعلامها وقادة حركاتها؟ان اي ارتجاج لسفينة مصر نحو الفوضى و الاضطراب سيقضي على ما تبقى من عرى الدين و الاوطان عندها لا دول منها تبقى و لا ما يحفظ لمجتمعاتنا من انفاس.