الرأي

كفاحٌ بالحد الأقصى.. لأجل الأقصى!

محمد سليم قلالة
  • 744
  • 1

رغم ما يبدو من أنه كفاحٌ بالحد الأدنى، بقوة الإيمان والإرادة والثّبات والثقة في المستقبل، هو في عمقه كفاحٌ بالحد الأقصى لأجل الأقصى في ذكرى احتلال فلسطين والأقصى!
وهل هناك أقوى من الإيمان والإرادة والاستعداد للتضحية بالنفس ومواجهة العدو بصدورٍ عارية؟
إنها بحق البطولة في أرقى معانيها بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني، القوة في أرقى تجلياتها، والانتصار في أبهى صوره بالنسبة إلى أبناء غزة والضفة الغربية وكل فلسطين. إنها الحياة بحق. إنه الانتصار على الخوف وعلى الهزيمة وعلى الخذلان. إنها لحظة التحوُّل النوعي التي انتقل فيها الخوف والرعب إلى الطرف الآخر، من غير إشهار سلاح ومن غير إعلان حرب. فما بالك لو كان النفير كاملا!
أين كان يكمن الخوف بالأمس؟ بين شباب ونساء وشيوخ يقابلون ترسانة العدو بصدور عارية؟ أم لدى أولئك الجنود المختبئين خلف المتاريس الترابية خائفين على أرواحهم من هجوم مباغت يكتسحهم بلا سلاح ولا دبابات؟… عجبا!
أين كان يكمن الخوف بالأمس؟ بين أفراد شعب مناضل ومُكافح لأجل قضيته ضد الظلم والقهر والاحتلال، أو بين أفراد وفودٍ أجنبية جاءت مُتَسلِّلة أحيانا، ومنتظرة مكافآت مالية أخرى، وخائفة على كراسيها من بطش الأمريكان تارة ثالثة؟
مَن كان خائفا بالأمس فعلا؟ احتلال يريد تكريس أمر واقع مزيَّف هو يعلم بأنه زائلٌ لا محالة ذات يوم، أم أولئك الأسرى المنتصرون لقضيتهم الفرحون بانتفاضة الشعب خارج أسوار السجون والمعتقلات، داعما لهم مستعدا للالتحاق بهم، معتبرا ذلك شرفا له ووسامَ نصرٍ يسعى إلى تعليقه على صدره كما فعلوا؟
مَن كان خائفا بالأمس؟ سياسيون عرب لا يمثلون إلا أنفسهم، مُقدِّمين عربون مَحبَّة زائفة لمن يزدريهم ويحتقرهم، على مآدب طعام توابله النفاق والغدر والخيانة والعمالة، أم أبناء فلسطين المرابطون جوعا وعطشا على مقربة من أسلاك شائكة واهية تفصل بينهم وبين وطنهم؟
من كان مُقيما الحرس في كل مكان، برا وجوا وبحرا، مرعوبا من كل مكالمة ساخطة عبر الشبكات، مرتعدا من كل حركة غير عادية، الإسرائيليون الذين يدعون القوة والمَنعة؟ أم الفلسطينيون الذين مُنعوا من امتلاك أدنى ما يدافعون به عن أنفسهم؟
بل مَن كان خائفا بالأمس: رئيس أكبر دولة في العالم الذي انحاز إلى الظلم ومَنع القدس عن المسلمين وحَمَى الإسرائيليين بغير وجه حق؟ أم ذلك المواطن الفلسطيني الذي ما اقتنع أكثر من اليوم بأن القدس ستعود إليه موحدة من مُحتَلِّيها الصهاينة كما اغتصبت منه ذات يوم، وما شعر بالثقة أكثر من اليوم بأنه عائد وأنهم جميعا عائدون؟
إنها بحق الأزمة التي تلد الهِمَّة، وشِدَّة الضّيق التي ليس بعدها سوى الفرج، وقمة اليأس التي ليس بعدها سوى فسحة الأمل. والأمل بإذن الله تعالى لنا، لأنهم خائفون وأبناء فلسطين كسَّروا جدار الخوف، إن شاء الله، إلى الأبد.

مقالات ذات صلة