الرأي

كفانا إضرابات في المدرسة

رشيد ولد بوسيافة
  • 1036
  • 4

لا ندري لمَ تسارع بعض نقابات التربية إلى اعتماد طريقة الإضراب عندما يتعلّق الأمرُ بعملية احتجاج على الأوضاع الاجتماعية والمهنية التي يتخبّط فيها العاملون في قطاع التربية؟ وهل انتهت أساليب الاحتجاج الأخرى جميعا حتى يتخذ الأساتذة والمعلمون التلاميذ رهينة ليحققوا من خلالها مكاسبَ مهنية واجتماعية؟

كلّنا نعلم الصّعوبات التي يواجهها أبناؤنا في مزاولة دراستهم، وإكمال البرنامج الدّراسي، خاصة بعد إجراءات التّخفيف المطبَّقة منذ بداية جائحة كورونا، وقد انعكس ذلك سلبا على عملية التّحصيل، في ظل اعتماد نظام التّفويج الذي يجعل بعض المدارس تعمل بنظام التّناوب يوما بعد يوم، كما أنّ الدراسة توقّفت مرتين هذا العام، الأولى بقرار من الوزارة بتعليق الدّراسة، والثاني بتمديد عطلة الشتاء إلى قرابة شهر كامل، فهل يُعقل أن نذهب إلى خيار الإضراب مع هذا الوضع؟!
نقول هذا الكلام؛ مع الاعتراف بمعاناة الأساتذة والمعلّمين في كل الأطوار على كل الجبهات، حتّى إنّ نظام التفويج الذي اعتُمِد لتقليل عدد التلاميذ في المدارس زاد حجم الأعباء البيداغوجية على الأساتذة، وعمّق معاناتهم المستمرّة منذ سنوات، خصوصا فئة الأساتذة المتعاقدين الذين يقدِّمون خدماتٍ جليلة في التّأطير البيداغوجي رغم حرمانهم من حقوق الموظف، ما عدا الرّاتب الشهري الذي يكاد يقترب من منحة أو إعانة وليس راتبا شهريا يسدّ احتياجات الموظف.

لكن هذه الظروف الصّعبة لا تبرّر إلحاق الضّرر بالتّلاميذ عبر اعتماد الإضراب وسيلة للاحتجاج، وهناك ألف طريقة وطريقة للاحتجاج وإيصال المطالب إلى الوصاية، ولو بأساليب المقاطعة الإدارية أو الوقفات السّلمية وغيرها، أما أن يتم تعطيل الدارسة مجددا والدفع بالمدرسة نحو مزيدٍ من التعفين، فهذا ما لا يسمح به أحدٌ، فضلا عن كونه يبدّد حالة التّعاطف مع المطالب المشروعة للأساتذة.

على النّقابات أن تستطلع آراء الأولياء الذين يشعرون بالقلق على مستقبل أبنائهم، وهم يتابعون التدهور المستمرّ لمستوى التلاميذ، حتى إن العائلات لم تعُد تكتفي بالدّروس الخصوصية لاستدراك ما عجزت عنه المدارس، بل تحوّل الأولياء أنفسُهم إلى أساتذة ومدرِّسين لأبنائهم، وهي حالة تكشف فشل المنظومة التّربوية في بلوغ أهدافها.

منظومتُنا التّربوية مريضة، وهي بحاجة إلى تعاون الجميع من أجل إصلاحها، وما تقوم به بعض النّقابات بالتّلويح بالإضرابات، وما تقوم به الوصاية عبر ابتزاز الأساتذة والموظفين بجيوبهم عبر تعليمات الخصم من الأجور، لا يزيد الأوضاع في المدرسة إلّا تأزّما وتعفّنا والضحايا هم أبناؤنا.

مقالات ذات صلة