-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كفّنوني في العلم الوطنيّ

كفّنوني في العلم الوطنيّ

يحكى أن جزائريا أوصى عندما يحين حينه وتلتحق ورقاؤه بعالمها الأسمى أن يكفّن في العلم الجزائري، فشكره من سمعوا وصيّته، وراحوا يشيدون بوطنيته.. فقال لهم: لا تغلو في وطنيتي فهي “نورمال”، ولا نفضل وطنيتكم.. فسألوه: لماذا إذا توصي بهذه الوصية الغريبة؟ فقال: حتى إذا رأى ملائكة العذاب الكفن عرفوا أنني جزائري، فقالوا لبعضهم: هذا جزائري فلا تعذّبوه، يكفيه ما نال من عذاب البيروقراطية الجزائرية مما يشيب الغراب.. وما ينطق الأطفال في المهود والموتى في اللحود.
تذكرت هذه الطرفة في يوم السبت (31/12/2022) عندما كنت أكابد العذاب الواصب في تخليص “غرامة” بسبب خطإ ارتكبته بين مدينتي سيدي عيش والقصر في ولاية بجاية وأنا متوجّه إلى مدينة جيجل لأداء واجب التعزية في قريبين لي توفاهما الله، وكنت في عجلة من أمري لأنه كان عليّ أن أعود في نفس اليوم لارتباطات سابقة.. ولكي أسدد ثمن المخالفة كان عليّ أن أزور ثلاثة مكاتب للبريد، أولها في قرية الصومام فوجدته مغلقا، رغم أن اليوم يوم عمل، وليس هناك ما يدل على أنه محل ترميم أو إصلاح، ثم توجهت إلى مدينة “القصر”، فركنت السيارة ورحت أبحث عن مركز البريد فما وجدته إلا بعد أن جفّ ريقي، وما وصلت إلى الشباك حتى أخبرت بعدم وجود الطوابع الخاصة، والمركز مركز رئيسي في مدينة هي مقر دائرة، ووجهت إلى مركز بريد آخر لا يهتدي إليه حتى أقرب السكان منه، لأنه يوجد في أسفل عمارة كأنها من عهد عاد.
ورجعت إلى سيارتي البعيدة وأنا ألهث وأتصبب عرقا، ثم توجهت حيث يوجد الدركيان بعدما قضيت ما يقرب من الساعتين، فسلمت الوصل، واستعدت رخصة السياقة..
ثم جادلت الدركيين، فاعترفت بخطأي، وقد تعرف على شخصي أكبرهما رتبة وسنا فاعتذر لي على ما أصابني من أتعاب، وإهدار وقت.. ولكنني قلت لهما بأن يشيرا على قيادتهما المباشرة لتشير هي بدورها على ما فوقها حتى تحسن وتيسر على المواطنين ما يقعون فيه من مخالفات..
فليس معقولا أن أترك رخصة السياقة، وأعود إليها من البليدة مقر سكناي إلى مدينة سيدي عيش، مما يعني ضياع يوم كامل وما فيه من واجبات في عدة مجالات.
على الإخوة في جهاز الدرك الوطني، وهم مشكورون على ما يقومون به، عليهم أن يكملوا عملهم بإدخال تسهيلات وتخفيفات على المواطنين، خاصة من ذوي الأعمار المتقدمة، وعندهم أمراض مزمنة “بعضها أمراض لا تذكر” كما يقول الدكتور محمد الشريف قاهر رحمه الله، والشاعر يقول
ولم أر في الناس عيبا كنقص القادرين على الكمال
لا أحدد لهؤلاء المسئولين ما يمكنهم فعله، ولكنني متأكد من أنهم لو فكروا لوجدوا حلولا تريح المواطنين وتخفف عنهم، ولست أدري ما فائدة ضياع الوقت في معرفة اسم والدي، ووالدتي في مخالفة مرورية، كما يمكن تزويد هؤلاء الدركيين بقسيمات تقوم مقام الطوابع.. وعذرا على إزعاج القراء بمثل هذا النوع من الكتابة. ومع ذلك فالعذاب في الجزائر يصير عذبا كما قال الإمام الإبراهيمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!