-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كلب الأسيرة وفيلم نتنياهو

كلب الأسيرة وفيلم نتنياهو

اختزل مشهد تسليم أسيرة إسرائيلية برفقة كلبها، بعد 50 يوما من الاحتجاز في غزة، براعة المقاومة الفلسطينية في نسف أكاذيب ظل يروجها الاحتلال والآلة الإعلامية الغربية ضدها، وتزامن أيضا مع تآكل السردية الصهيونية حول الحرب لدى الرأي العام الدولي.
وجسدت هذه الحادثة مقولة “الصورة عنوان الحدث”، إذ أن الرأي العام العالمي الذي صورت له سلطات الاحتلال المقاومين الفلسطينيين في صورة وحوش بشرية، اكتشف مع بداية التهدئة وحتى قبلها أنهم مقاتلون شرفاء حافظوا على الأسرى وعاملوهم بإنسانية رغم الظروف القاسية في القطاع.
ولم يتصور أحد أن أسيرة في منطقة جغرافية ظلت تحت قصف وحشي لأسابيع، تعود إلى أهلها سالمة وأكثر من ذلك مرفوقة بكلبها الذي لم يفارقها طيلة هذه المدة، مع كل ما يعني ذلك من جهد بذلته المقاومة لضمان سلامة من كانوا محتجزين لديها.
وقبل هذه الحادثة، نشرت كتائب القسام رسالة لإحدى الأسيرات تقول فيها: “إلى الجنرالات الذين رافقوني في الأسابيع الأخيرة، يبدو أننا سنفترق غدا، لكنني أشكركم من أعماق قلبي على إنسانيتكم غير الطبيعية التي أظهرتموها تجاه ابنتي إيمليا، كنتم لها مثل الأبوين دعوتموها لغرفتكم في كل فرصة أرادتها، هي تعترف بالشعور بأنكم كلكم أصدقاؤها ولستم مجرد أصدقاء، وإنما أحباب حقيقيون جيدون، شكرا شكرا شكرا على الساعات الكثيرة التي كنتم فيها كالمربية”، وتضيف: “أنا للأبد سأكون أسيرة شكر”، وأن “ابنتي اعتبرت نفسها ملكة في غزة”.
وهذه الوقائع التي حاول الإعلام الصهيوني طمسها من خلال زعمه بأن ما كتبته الأسيرة كان تحت التهديد، جاءت مشاهد تسليم الأسرى إلى الصليب الأحمر الدولي لتنسفها، بحكم أن تعابير وجه المحتجزين وتبادلهم عبارات وإشارات الوداع مع المقاومين كانت عفوية ولم يكن أحد يتصور أن الأسير يودع سجانه بتلك الطريقة.
ومقابل هذه المشاهد، كان تسليم الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية، بمثابة محطة للكشف عن جانب من فظائع الاحتلال بحق آلاف السجناء، وكانت قصة الطفل محمد نزال الذي غادر مكسور اليدين وإسراء الجعابيص التي أفرج عنها بوجه مشوه وأصابع مبتورة عينة من ذلك.
وطيلة الأسابيع الماضية، كان ممثلو الكيان الصهيوني يجوبون عدة دول للتسويق لما يسمونه “سبتهم الأسود” من خلال فيلم من 47 دقيقة مليء بالمغالطات عما جرى في 7 أكتوبر، من أجل الترويج لسرديتهم وتأليب الرأي العام العالمي على المقاومة الفلسطينية، ووصلوا إلى درجة دعوة إيلون ماسك مالك منصة “إكس” (تويتر سابقا) إلى غلاف غزة لإقناعه بأنهم ضحايا إرهاب حماس، مقابل ممارسة الرقابة على الأسرى ومنعهم من الظهور إعلاميا لطمس الحقائق.
ورغم هذه الحملات الدعائية التي كشفت تحقيقات أنها كانت ممولة أيضا عبر شبكات التواصل، إلا أن هذه السردية ما لبثت أن تلاشت أمام هول المجازر في غزة وكذا الأداء الإعلامي القوي للمقاومة، وهذه الأخيرة أظهرت جاهزية على كافة المستويات ولم تترك شيئا للصدفة، إلى درجة أنها قارعت آلة دعائية ضخمة عبر العالم بإمكانات بسيطة، في وقت تنفق دول ميزانيات بملايين الدولارات لتجميل صورتها والتسويق لمشاريعها ومواقفها.
ومما يمكن استخلاصه من هذه الحرب أيضا، أن هؤلاء الفلسطينيين المحاصرين منذ 17 سنة خلقوا من المستحيل انتصارات عجز البعض عن استيعابها، رغم أن السبب بسيط وهو أنهم أصحاب قضية لا يعترفون بشيء اسمه الظروف، وقد علمتهم التجارب الأخذ بالأسباب لتحقيق أهدافهم وعدم انتظار شيء من عالم يحكمه قانون الأقوياء وتجاوز حصار ظالم وحسرة الخذلان ممن يفترض أن يكونوا في الصفوف الأولى للدفاع عن قضية فلسطين، كما أن نضالهم كشف عن سقطة أخلاقية للغرب بصفة خاصة، لن تُمحى أبدا رغم محاولات ترميمها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مصطفى

    وما يمكن قراءته في الصورة أيضا ،كيف أمكنها أن تأخذ كلبها معها و هي تقاد إلى قطاع غزة ، أنها ذهبت بروية و بطريقة انسانية، عكس ما يحدث للأسرى الفلسطينيين حين اعتقالهم من طرف الكيان، فيقول أب لسجينة فلسطينية أنهم داهموا البيت ليلا و اقتادوا ابنته للسجن و هي بالمنامة.