كلمة ديفيد كاميرون في دافوس

يستقبل المنتدى الاقتصادي العالمي كل سنة في دافوس بسويسرا، جميع القادة السياسيين ورجال الأعمال الدوليين في اجتماعه السنوي، ولم تكن هذه السنة استثناءا، فقد عقد مؤتمر دافوس منذ بضعة أسابيع، حيث تمت مناقشة مجموعة واسعة من المواضيع المختلفة من قبل ممثلين من جميع أنحاء العالم، وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ممثلا عن الحكومة البريطانية.

شارك رئيس الوزراء كاميرون، في عدة جلسات من الاجتماع، وكان من بين أهم أولوياته المناقشات المستمرة الرامية إلى إعداد جدول أعمال للتنمية الدولية لما بعد 2015، حيث أن ديفيد كاميرون، هو الرئيس المشارك للجنة الأمم المتحدة رفيعة المستوى المعنية بهذا الموضوع، ويهدف إلى اتفاق المجتمع الدولي على إطار عمل بسيط، وواضح ومقنع يركز على القضاء على الفقر المدقع حول العالم، وتعد الجزائر من بين البلدان التي حققت الأهداف الإنمائية للألفية، ولديها الكثير من الخبرة التي يمكن لبقية المجتمع الدولي أن يتعلم منها، ونحن نعمل على تعميق حوارنا مع الجزائر في مثل هذه القضايا المتعددة الأطراف.

كما استغل رئيس الوزراء، فرصة الاجتماع في دافوس لإلقاء كلمة حول الأهداف التي سطرها لاقتصاد المملكة المتحدة، حيث اعترف أن التحدي الرئيسي في وجه القادة السياسيين ورجال الأعمال هو تحقيق نجاح العولمة، التي تطرح تحديات كبيرة على القادة في جميع أنحاء العالم، في حين تحاول اقتصاداتنا ومجتمعاتنا التكيّف معها، إذ يكمن التحدي اقتصاديا في كيفية تحقيق نمو اقتصادي وطني وسط جو أكثر فأكثر تنافسية.

وقد زادت شدّة هذه التحديات بصفة خاصة بعد الأزمة المالية العالمية، وبالنسبة للمملكة المتحدة يرى رئيس الوزراء، أنه “إذا عملنا بالطريقة الصحيحة، وإذا نجحنا في بناء اقتصاداتنا على أسس جيدة، وقضينا ديوننا، وضاعفنا قدرتنا التنافسية واستندنا على نقاط قوتنا، فستتيح العولمة لمؤسساتنا فرصة للفوز بعقود جديدة للتصدير إلى أسواق كانت مغلقة في السابق وخلق فرص العمل للاستجابة لمطالب المستهلكين الجدد الموجودين على بعد آلاف الأميال”.

وضعت حكومتنا في بريطانيا خطة اقتصادية طويلة الأجل من أجل ضمان المستقبل الاقتصادي لبلدنا، وهي مقسمة إلى خمسة أجزاء أولا، بناء أسس جيّدة بتخفيض العجز حتى نتمكن من التعامل مع ديوننا، وحماية اقتصادنا على المدى الطويل. ثانيا، تخفيض الضرائب لمساعدة الناس الذين يعملون بجهد على ضمان استقرار مالي أكبر. وثالثا، تسقيف الرعاية الاجتماعية، وضمان إتاحة الهجرة للأشخاص الذين يرغبون في العمل بجد. رابعا، توفير أفضل المدارس والمهارات للشباب حتى يكون الجيل القادم في وضع أفضل للفوز بوظائف المستقبل. وخامسا تحفيز خلق فرص العمل من خلال دعم المؤسسات والمشاريع الصغيرة مع بنية تحتية أفضل وضرائب توظيف أقل.

وبدلاً من محاولة غلق الجسور ومنع أنفسنا من العولمة، اخترنا احتضان الاستثمار الأجنبي، وقد بدأ كل جزء من هذه الخطة في إعطاء نتائج فعلية، حيث انخفض العجز في ميزانيتنا بنسبة الثلث واقتصادنا في نمو مستمر، كما رفع صندوق النقد الدولي توقعات النمو في بريطانيا أكثر من أي بلد آخر في مجموعة السبع، وقد شهدنا أيضا أكبر زيادة فصلية في التوظيف منذ بداية التسجيل، وتقول إرنست ويونغ الآن أن بريطانيا أفضل مكان في أوروبا لأصحاب المشاريع الجدد.

إننا نفتح بريطانيا للاستثمار الدولي، ونحن فخورون بكون المملكة المتحدة أصبحت في النصف الأول من العام الماضي، أكبر مستقبل في العالم للاستثمار الأجنبي المباشر للداخل، هذا هو البلد الذي يلتزم بخفض الأعباء على المؤسسات التجارية، لدرجة أنه لا يمكن لأي وزير حكومة _ ولا حتى رئيس الوزراء _ اقتراح قانون تنظيمي جديد يؤثر على المؤسسات التجارية دون التخلص من اثنين أخرين في المقابل.

قامت الحكومة البريطانية، كما يتوجب على جميع الحكومات، باتخاذ خيارات صعبة من أجل ضمان نجاحنا الاقتصادي. وبينما يصل الاقتصاد البريطاني أخيرا إلى نقطة تحول بعد الأزمة المالية، فإننا سنلتفت أكثر لبلدان مثل الجزائر، من أجل التجارة والاستثمار في عالم يزداد عولمة.