كيف أثبت على الطاعة بعد رمضان؟!
تابعت صفحتكم المتميزة خلال شهر رمضان، واستفدت منها كثيراً في ترتيب يومي وعباداتي بفضل الله وبفضلكم.
والآن بدأت انشغل في البيت مع زوجي والأولاد وفي العمل، وبدأت أفتقد لروحانيات المسجد وصلاة التراويح والتهجد، ولم أعد أواظب على تلاوة القرآن يومياً، وأخاف أن أعود لوضعي قبل رمضان والانشغال بالدنيا.. ما هي نصائحكم لي؟
وسيلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلاً وسهلاً بك يا سهيلة معنا على صفحات جواهر الشروق والله أسأل أن يعينك ويثبتك على الطاعة بعد رمضان، وأن يجعل رمضان هذا العام بداية تغيير في حياتك.
كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكثون ستة أشهر بعد رمضان يدعون الله في تضرع: ” اللهم تقبل منا رمضان” والستة أشهر اللاحقة يدعون: ” اللهم بلغنا رمضان”.
مِنْ أصول عقيدتنا أَنَّ الإيمان يزيد وينقص، فيضعف ويضمحل إذا عَرَّضَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ لأجواء الإباحية والفجور والتبرج والسفور أو انشغل قلبه على الدوام بالدنيا وأهلها، لذا بَيَّنَ النبي الكريم أَنَّ أحب البقاع إلى الله المساجد وأبغضها الأسواق ، وما ذلك إلا لِأَنَّ المساجد بيوت الطاعات، ومحل نزول الرحمات، والأسواق محل الغش والخداع والأيمان الكاذبة و خُلْف الوعد وغير ذلك مما في معناه.
وبالفعل المرء يفتقد المسجد بعد رمضان، فمن الأشياء التي تسر النظر وتفرح القلب وتشرح الصدر منظر المسجد وهو مملوء بالمصلين في الخمس صلوات فعينك تقع إما على راكع أو ساجد أو مبتهل بالدعاء وإما قارئ للقرآن.
في المسجد تجد الكل مملوء بالطاقة والحيوية والعزيمة والنشاط، ومع أول أيام العيد يحدث الفتور والكسل والخمول فمنا من يؤخر الصلاة ومنا من يقوم بوضع المصحف في المكتبة لرمضان القادم، ويترك الدعاء حتى قيام الليل.
يجب أن نتفق على أن نلتزم بخمس أشياء بعد رمضان ولا نفرط فيها بأي حال من الأحوال، فمثل ما نأكل ونشرب ونحافظ على الأكل يوميا لتغذية البدن، نحافظ أيضا على هذه الخمسة أشياء لتغذية الروح:
1) المحافظة على الصلوات الخمس: على وقتها وخصوصاً صلاة الفجر
فنحن اثبتنا لأنفسنا في رمضان أننا قادرون على اداء صلاة الجماعة الفجر يومياً فلنحافظ بعد رمضان على الصلوات على وقتها قدر استطاعتنا، مع السنن الراتبة.
2) القرآن: لا تكن ممن يقرآن القرآن في رمضان فالقرآن انزل لنتلوه في رمضان وغير رمضان، فحاول أن تجعل لنفسك ورد يومي ثابت من القرآن ولو صفحة واحدة يوميا ( اثبتي للشيطان أنك فعلا تغيرتي ) .
3) ذكر الله: اجتهدي بعد رمضان على أن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار الخروج من المنزل، استغلي وقت فراعك في العمل أو ذهابك إليه بذكر الله.
4) الصحبة الصالحة: اختاري من يعينك على طاعة الله فالمرء على دين خليله والأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو إلا المتقين، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً.
5) الدعاء: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب. أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ، (وقال ربكم ادعوني استجب لكم ) ( من لم يسال الله يغضب عليه ) الكثير من الآيات والأحاديث في فضل الدعاء ومكانته فاحرص بعد رمضان على الدعاء فخصصي وقتاً للدعاء يوميا ولو لدقيقتين بعد أي صلاة أو اجعله في أخر يومك المهم أن لا يمر يوم دون أن تدعي واسألي الله أن يثبتك على الطاعة، كما لا تحرمي نفسك أيضا من قيام الليل، ولو يوم واحد في الأسبوع.
وأخيراً يا سهيلة جددي نواياك في كل عمل تقومين به لتحصدي الحسنات، فعملك عبادة وسعي على الرزق، وزوجك وخدمته طاعة، وتربية الأبناء عبادة ، كذلك نوعي في عباداتك، فمِنْ رحمة الله عز وجل بنا أَنْ نَوَّعَ لنا العبادات لتأخذ النفس بما تستطيع منها، فمنها عبادات بدنية، ومالية وقولية وقلبية وقد أمر الله عز وجل بالتسابق إليها جميعا، وعدم التفريط في شيء منها، وبمثل هذا التنوع وتلك المسارعة يثبت المسلم على الطاعة، ولا يقطع الملل طريق العبادة عليه، مصداقًا لقوله تعالى:«وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا»{النساء:66}،
وقد ألمح النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك حين سأل صحابته: «مَنْ أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا، قال: مَنْ اتبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا، قال: مَنْ أطعم اليوم منكم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا، قال: مَنْ عاد منكم اليوم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا. قال صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» . ونلحظ أَنَّ الطاعات المذكورة جمعت أنواعًا من العبادات فمنها عبادات بدنية (كالصيام، واتباع الجنائز، وعيادة المريض) وعبادات مالية (كإطعام المساكين)، وعبادات ذات نفع متعد مثل (عيادة المريض اتباع الجنائز إطعام المساكين). وعبادات ذات نفع قاصر (مثل الصيام).
تمنياتي لك بالسعادة والتوفيق
للتواصل معنا:
fadhfadhajawahir@gmail.com
