الرأي

كي الوعي وشل الفعل

صالح عوض
  • 598
  • 3
ح.م

في معركتنا المفتوحة مع أعداء الأمة استقرت في ذهن كثيرين من أبناء الأمة أفهام وثوابت للصراع تجعل من قدرتهم وإيمانهم حجارة مكدسة لا قيمة لها.. ولقد عمل العدو بدأب وعلى أكثر من صعيد لإرساء تلك المفاهيم والقوانين، مزودا بصناع الرأي العام في العالم، وأصحاب القرار الدولي..

لن نناقش موقف الدول التي ارتضى حكامها لأنفسهم موقف المذلة والهوان أمام الكيان الصهيوني ففتحوا له الأبواب وأقاموا معه الأحلاف واشتركوا معه في خطة للإجهاز على فلسطين وحق العرب والمسلمين التاريخي.. فمثل هؤلاء لهم جلسات من نوع آخر لمناقشتهم حيث ينبغي أن يساقوا الى محكمات شعبية بتهمة الخيانة العظمى والتفريط بحق الأمة والولاء لأعدائها.

ولكن ما يجعل الأمر في دائرة الاستغراب والاستهجان هو موقف من يتكلم عن المقاومة ومحورها وخياراتها ويملأ الدنيا صخبا وضجيجا عن ضرورة التصدي للعدوان الخارجي.. هؤلاء سواء كانوا أحزابا او مليشيات او دولا يقفون اليوم أمام محكمة الواقع والتاريخ فها هو العدو الصهيوني يقصف في سورية باستمرار ويقصف في العراق ويضرب في اليمن ويعلن على رأس الأشهاد انه لن يسمح بكسر شروط اللعبة وانه سيضرب بعنف كل محاولة للاقتراب من خطوط الاشتباك حتى لو كان الفاعلون في أقصى الأرض..

هنا يمارس العدو نظرية “شل الفعل وكي الوعي”.. فهو سيقوم من حين إلى آخر بتدمير الإمكانات المادية فيحدث بذلك إفقاد المقاومة قدرتها على الرد.. هذا بلا شك خطير لكنه ليس مميت فنحن نرى ان أبناء فلسطين بعد ان دمر العدو إمكانات كبيرة لديهم وفقدوا المدد والعون ينطلقون بسكاكينهم وبسيط أسلحتهم يوقعون في العدو خسائر مادية لها اثر نفسي كبير على مستوطنيه.. ان الخطورة تكمن في قدرة العدو على إحداث “كي الوعي” بمعنى انه يقوم بالنار والخطاب وكل الأدوات المرافقة الذاتية والموضوعية بإقناع قوى محور المقاومة بأنه ممنوع قطعا الاقتراب من خطوط الاشتباك حتى لو وجهت لها ضربات هنا او هناك.

المعادلة واضحة تماما إسرائيل تقصف مواقع متعددة حيوية في سورية وتدمر أنفاق المقاومة اللبنانية على مشهد من أنصارها وتضرب الحشد الشعبي العراقي وتفجر مقراته بعنف وتزود الإمارات بطائرات تجسس باستطاعتها إرباك كل الأسلحة المضادة.. كما انها تقصف في اليمن ليس فقط من خلال مساهمتها بطيارين بل ومن خلال أسراب طيران تقوم بمهمات خاصة.. كل هذا يحصل فيما لا نرى أي فعل مباشر ضد العدوان بل نرى تهديدات متوالية لا قيمة لها وهنا تنكشف الجدوى الإستراتيجية من العمل المنهجي الصهيوني تجاه محور المقاومة بأنها قد تمكنت من شل وعيه وكي فعله.

في فلسطين يظل أبطال الأرض المباركة وحدهم يكسرون شروط اللعبة ولا يعترفون بقدرتها فيتحرر وعيهم وينطلق فعلهم لانهم ارتضوا الموت في سبيل الحرية والكرامة عن الحياة بذلة.

مقالات ذات صلة