-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

…لأننا لسنا مسلمين حقا

…لأننا لسنا مسلمين حقا

قرأتُ ما كتبه الأستاذ التهامي المجوري في جريدة “الشروق” ليوم 2023/06/19 صفحة 21 وهو: (لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟) معتبرا ذلك السؤال “سؤال القرن”.

ذلك أن هذا السؤال طرحه أحد القراء في سنة 1929 على الشيخ محمد رشيد رضا، صاحب مجلة المنار، الذي حوله إلى الأمير شكيب أرسلان، الذي أجاب عنه برسالة تحت عنوان “لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟”. وقد انتشرت هذه الرسالة انتشارا واسعا.

لم أتوقف كثيرا عند ما كتبه الأستاذ مجوري، ولا أذكر جواب الأمير شكيب أرسلان، لطول عهدي بقراءة الرسالة، ولكنني أجبتُ عن سؤال الأخ مجوري والأمير شكيب بما أقوله في دروسي الخاصة والعامة، وهو جواب بسيط لا يحتاج إلى إمعان نظر ولا إلى إجهاد فكر، وما هذا الجواب إلا: “لأننا لسنا مسلمين حقا”.

لا أقصد بكلمة لسنا مسلمين أننا لا نؤمن بقواعد الإيمان الواردة في آخر سورة البقرة، ولا أقصد أننا لا نمارس قواعد الإسلام، ولكنني أقصد إلى أننا – أو أكثرنا – نقول في الإيمان بألسنتنا ما ليس في قلوبنا، وأن أكثرنا نؤدي العبادات “أداء ميكانيكيا”، كما يقول الإمام الإبراهيمي: أي إيمانا ميتا وإسلاما شكليا.

لقد أبدأ الأستاذ مالك بن نبي وأعاد القول على الإمام محمد عبده الذي كتب “رسالة التوحيد”، حيث قال ابن نبي: إن المؤمنين والمسلمين اليوم ليسوا في حاجة إلى كتاب جديد عن التوحيد، لأنهم يعرفونه، ولكنهم في حاجة إلى تفعيل إيمانهم وعيش إسلامهم..

لقد كانت الأستاذة مارغريت ماركوس الأمريكية على دين اليهودية، وقرأت ما قرأت عن الأديان المختلفة، وراسلت كثيرا من علماء المسلمين. ثم اهتدت إلى الإسلام فأسلمت وجهها لله وسمّت نفسها مريم جميلة، وعزمت أن تعيش الإسلام فتوجهت إلى بلد مسلم، ولكنها ما إن وضعت قدميها فيه حتى وجدت “مسلمين” ولم تجد الإسلام الذي قرأت عنه واقتنعت به، فكتبت كتابها الذي سمتهُ “الإسلام بين النظرية والتطبيق”.

إن الله- عز وجل- نادى “المؤمنين” بهذه الصيغة الإيمانية: “يا أيها الذين آمنوا” ثم يأمرنا مباشرة بالإيمان فيقول: “آمِنوا” أليس معنى هذا أن إيماننا الأول أوهن من بيت العنكبوت؟ أو أنه مصابٌ بما سمّاهُ أحد الإخوة الظرفاء “أنيميا الإيمان”.

كنت مرة في صحبة فضيلة الشيخ العباس بن الحسين – رحمه الله – وطلب منه الحاضرون أن يختم الجلسة بدعاء، رفع الشيخ يديه وقال: “اللهم…”، وفجأة توقف عن الدعاء وقال: “ونحن، ألا نعمل؟ إن أبانا إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- لم يدعُوَا الله- عز وجل- إلا بعدما عَمِلا، فرفعا القواعد من البيت. فقالا: “ربنا تقبل منا…”.

وقد اشتكى مرة حال مسجد باريس المادية إلى أحد المسؤولين، فراح ذلك المسؤول- تخلصا- يكررُ: إن الله سيجعل لكم فرجا ومخرجا، فقال الشيخ: “ومحمد” ألا يعمل؟ وكان ذلك المسؤول اسمه محمد.

فتأخُّرُنا سببه ابتعادُنا عن الالتزام بالإيمان والإسلام- كل الإيمان وكل الإسلام- قولا وفعلا.

وصدق الله تعالى القائل في محكم كتابه: “وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”، والناس أجمعون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!