لا تختبروا صبرنا…
ما حدث أمس في فرنسا، وفي العديد من الدول الأوروبية سابقة خطيرة في العلاقة بين الغرب والإسلام، بعد أن فعلتها صحيفة “شارلي إيبدو” وأعادت نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وطبعت 3 ملايين نسخة، ومع ذلك لم تكن كافية لإطفاء نار الحقد على الإسلام والمسلمين، حيث أدّى الطّلب المتزايد على الصّحيفة إلى إصدار طبعة ثانية بمليوني نسخة!
وعليه فإنّ الكلام الرّقيق وعبارات التّسامح لا مكان لها مع هذا التّوجه الجديد للدولة الفرنسية إزاء الإسلام والمسلمين، حيث أصبح النهج “النزق” والتوجه “البذيء” لصحيفة “شارلي إيبدو” التّافهة هو الخط المعتمد للدولة الفرنسية بتزكية ما تقوم به هذه الصحيفة الصفراء التي حوّلت أزمتها المالية إلى فرصة للثراء عبر الإساءة للمقدسات واستفزاز المسلمين.
لقد طوى الشّعب الجزائري صفحة الاستعمار الفرنسي بكل مآسيها ولم يمزقها، ودخل في علاقات تعاون مع الشعب الفرنسي، لكن الظّاهر أن هذه العلاقة ليست مبنية على الاحترام المتبادل، بدليل ما تفعله “شارلي إيبدو” ومن ورائها خمسة ملايين فرنسي اقتنوا الجريدة وروجوا لها ودافعوا عن خطّها… ولهؤلاء نقول: نحن الجزائريين لا نحترم من لا يحترمنا، خاصة إذا صدر هذا السلوك ممن سرق ثرواتنا واستعبدنا 132 سنة..
لا تختبروا صبرنا على بذاءاتكم التّافهة، ولا تحوّلوا مقتل 17 فرنسيا على يد المندفعين من المسلمين إلى حرب غير أخلاقية، ولا تنسوا أن بين ضحايا الهجوم جزائريون مسلمون… ابدأوا بمعالجة التّطرف الذي يسكنكم قبل محاربة التّطرف في أوساط المسلمين، فنحن أولى بمحاربته…
ما تفعلونه عيب وعار… تقتلون الآلاف من المسلمين في بلدانهم، وأسلحتكم تفتك بالملايين منهم في سوريا وليبيا ومالي، وتطلقون جرائدكم الصفراء لتنال من أقدس مقدسات المسلمين، وعندما ينفلت ثلاثة أشخاص من بين مليار مسلم ويقومون بعمل انتقامي تدخلون في بكائية تاريخية، رسمية وشعبية، وتختمونها بإساءة أقبح من الأولى..
لن ننافقكم، ولن نتعاطف معكم، لأن مآسينا أكبر، والجرائم التي ترتكبونها في بلداننا أفظع… تمنعنا كومة الجثث التي تخلفها طائراتكم وصواريخكم من رؤية ما يحدث عندكم، وكم يساوي مقتل بضعة رسّامين أساءوا لمليار مسلم مع الآلاف من الأبرياء الذين تقتلونهم أحيانا بالأصالة وأحيانا بالوكالة.
وأخيرا كلمة واحدة نقولها للمسيئين للرسول الكريم ومؤيديهم… انظروا في المرآة لتكتشفوا بشاعتكم، وتفاهة تفكيركم، وزيف مشاعركم، وأنتم الذين تنتفضون لمقتل 10 أشخاص في باريس، وتنتكسون عندما يُسحق آلاف الأطفال في غزة…