الرأي

لا تنسوا..!

جمال لعلامي
  • 2001
  • 0

في 29 سبتمبر 2006، قال الجزائريون عن بكرة أبيهم: نعم لميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بعدما قالوا نعم لقانون الوئام المدني، مثلما لم يقفوا ضد قانون الرحمة.. وهي كلها رسائل وجّهها الجزائريون إلى الرأي العام الدولي: نعم للسلم، نعم للأمن، نعم للاستقرار.. لا للعنف، لا للغلوّ والتطرّف، لا للإرهاب والإرهابيين.

جاحد هو، من لا يعترف بحصيلة ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وكاذب هو من يقلّل من أهمية هذا المشروع الذي نقل الجزائريين من مرحلة إلى مرحلة أخرى، لا يفرّق بينهما إلاّ من عايش سنوات “المأساة الوطنية”.

ناكر جميل هو من هوّن من هذا الميثاق الذي تضمن إجراءات بالجملة والتجزئة، كانت للرحمة والعفو وإعادة إدماج “المغرّر بهم”، ممّن حملوا السلاح ضدّ الشعب والدولة واستباحوا دماء الأبرياء والعزل من المسلمين، تأثرا بفتاوى مستوردة لا دين لها ولا ملّة.

الذي عاش وعايش سنوات التسعينيات “الحمراء”، لا يحتاج الكثير من الوقت والتفكير والتذكـّر، حتى يقف عند نعمة الأمن والأمان. وقد كانت الألسن تردّد في تلك المحنة بلا تردّد وبكلّ تعدّد: سبحان من علاّك، سبحان من جلاّك، أيّها السلم تجلّ!

آه لفترة كان فيها الأخ يخاف ظله، والشقيق لا يثق في شقيقه، وكان الجار لا يأتمن جاره. وآه على تلك الفترات العصيبة التي كانت تجبر الجزائريين على دخول منازلهم قبل مغيب الشمس، وكانت الطرقات والشوارع خاوية على عروشها، والجبال والغابات “مناطق محرّمة” أو ملغمة!

نعم، لولا قدرة الله ومعجزته ورحمته، ولولا تضحيات الرجال من “وليدات الشعب”، ممّن ضحوا بالنفس والنفيس، وسبّلوا أنفسهم، وتركوا عائلاتهم، و”تنازلوا” عن أبنائهم، مخيّرين ومضطرين، لما عاد هذا السلم والأمن والطمأنينة إلى ربوع وطن كان جريحا مخدوعا ببعض أبنائه ممّن تحوّلوا إلى إرهابيين ينشرون الترويع والقتل والتقتيل.

لقد كان ميثاق السلم والمصالحة كلمة الفصل التي استخدمها الجزائريون ضد الإرهاب ولصالح “التائهين” و”المعتوهين” و”التائبين”، فعادت الحياة تدريجيا، وتلاشى الخوف والقلق، ورجعت البلاد إلى سكـّتها الطبيعية رويدا رويدا، وأضحت “المأساة” جزءا مريرا من الماضي.

لا داعي لنتذكـّر اليوم، الألم، ونستذكر تلك الفئات والجماعات “الصديقة” و”الشقيقة” ممّن فرّت وهربت، وحرّضت على مقاطعة الجزائر، وحاولت إلصاق شبهة الإرهاب بكلّ جزائري، وطاردت الجزائريين في مطاراتها وشوارعها، ورفضت مساعدة الجزائر في حربها على الإرهاب الهمجي.

حاربت الجزائر بمفردها، وانتصرت بمفردها، ويكفيها أن مقاطعيها بالأمس، يقتبسون اليوم بعدما بلغهم “الأذى”، تجربتها وخبرتها، في مكافحة الإرهاب، وفي الاستفادة من خيار المصالحة.. فأيها السلم دمت إلى الأبد.  

مقالات ذات صلة