-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا للعتبة.. أنقذوا تلاميذ الجزائر

لا للعتبة.. أنقذوا تلاميذ الجزائر

قبل أيام دقَّت المنظمةُ العالمية للطفولة ناقوس الخطر بشأن واقع تعليم الأطفال ومستقبله عبر العالم، بداعي إجراءات الوقاية من جائحة كورونا، حيث حذرت “اليونيسف” من الكارثة التعليمية التي يتسبب فيها إغلاق المدارس.
وفي رسالة بعنوان “لا أعذار.. لا بد من إبقاء المدارس مفتوحة، فالأطفال لا يستطيعون الانتظار”، حثّت الهيئة الأمميّة الحكومات على بذل كل ما في وسعها، مهما كانت التحديات الوبائية غير المسبوقة، لمنع تعطيل تعليم الأطفال، باسم القرارات والتنازلات الصعبة، وفق تعبير المديرة التنفيذية، هنرييتا فور.
لا يُعقل بتاتا أن “اليونيسيف” غابت عنها مؤشرات الخطر الوبائي عالميّا، ولا أنها فكرت بتهوُّر للمخاطرة بحياة الأطفال، ولكن مسؤوليتها في الدفاع عن حقهم التعليمي هو ما حرّكها لتوجيه رسالتها التحسيسيّة، خاصّة أن إجراءات كورونا المبالغ فيها لم تعُد مقنعة عقليّا بعد 25 شهرا من ظهور الفيروس، ولا مجدية طبيّا في منع انتشاره، بل هي مثار شكوك قديمة ومتجددة حول مصالح كبرى تقتات على دعايةٍ دوليّة لإدارة الجائحة وفق مآربها الماديّة الخاصّة، بعيدا عن المصلحة الإنسانية العامّة.
في الجزائر كان نصيب أطفال المدارس من التضرّر كبيرا، بسبب الانقطاعات المتكرّرة مؤخرا عن التعليم، رغم أن الحياة العامّة للمواطنين ظلت تسير بشكل عادي في كل المرافق، بخلاف تقديرات السلطات العليا وإرادتها في كسر الموجة الوبائية الرابعة.
اليوم نحن أمام مشكل تربوي عويص ناجم عن ضياع جزءٍ كبير من الموسم الدراسي الحالي، يُضاف إلى تراكم موسمين مشوبيْن بالتذبذب البيداغوجي، سيدفع تلامذتُنا يقينًا ثمنه الباهظ من مستقبلهم الدراسي إن لم نستدرك الفجوات التعليمية بتضافر جهود الوصاية والأولياء بكل الطرق الممكنة.
لابدّ من التذكير بأنّ التوقف الاستثنائي عن الدراسة تقرّر بعنوان الحفاظ على الصحّة الفرديّة والعامّة، باعتبارها من الحقوق (المقاصد بتعبير الأصوليين) الدستوريّة المكفولة في بلادنا وخارجها، والتي تتقّدم على غيرها لحساسيتها وتأثيرها المباشر على باقي الحقوق المضمونة قانونًا.
لذلك من الواجب الآن الإشارة إلى أنّ الحقّ في التعليم لا يقلّ أهمية عن ضمان الصحة، فهو يرتبط كذلك بسلامة العقل ونموّه المعرفي والثقافي وبناء شخصيّة الإنسان التي لا قيمة للأبدان من دونهما، ما يفرض أيضا استصدار القرارات الصعبة وتقديم التنازلات الإجباريّة من الجميع، لتأمين التعلّم وعدم الاستسهال الرسمي والمجتمعي في التفريط به لأتفه الأسباب، تملّصًا من المسؤوليّة أو بحثا عن الراحة الفرديّة على حساب الحقوق الاجتماعية، وهنا يبرز بالأساس دور وزارة التربية الوطنية وطواقمها التعليمية والإداريّة لإنقاذ المدرسة الجزائريّة.
الأصداء من داخل القطاع تؤكد أنّ المقرر البيداغوجي لم يُنفَّذ منه سوى 40 بالمائة في أحسن الأحوال، ولن يتجاوز تقدّم الدروس، في حال المواصلة من دون توقف إلى غاية شهر ماي المقبل، نسبة 65 بالمائة كأقصى تقدير، ما يعني عمليّا أنّ استدراك الموسم سيكون مستحيلا من دون مخطط خاصّ.
ويمكن بهذا الصدد لأهل الشأن التربوي، بالتشاور مع الشركاء، مناقشة كل الخيارات الممكنة، شريطة عدم المساس بالتحصيل البيداغوجي للتلاميذ، لأنّ البعض يستبق الأحداث بالدفع مجدّدا نحو اعتماد نظام العتبة، وهو الخيار المرفوض جملة وتفصيلاً.
بالمقابل، يمكن إنجاز مقرر دراسي استثنائي استعجالي وفق التوزيع الزمني المعتمد حاليّا لاستدراك الدروس الأساسية، ولو بحذف التعلّمات والمعارف الثانوية، مع إسقاط فروض الفصل الثاني وتعويضها بالتقويمات، مثلما اقترحت “الوثيقة الإجرائية” لمفتشي البيداغوجيا للأطوار التعليمية الثلاثة.
إنَّ المطلوب هو استجابة الأسرة التربوية للتحدّي، ولو باستغلال أيام السبت والعطلة الربيعيّة كاملة وحتّى تمديد الموسم الدراسي إلى غاية إتمام البرامج المقرّرة، لأنّ بعض النقابيين والمؤطّرين يفكّرون في التعامل مع الوضع الاستثنائي بمنطق الظروف العادية، دون قبول للتضحية مهما كانت بسيطة (مع أنها في الحقيقة واجبٌ قانوني ومهني)، وهو ما عشناه الموسم الماضي عندما رفضوا العمل الإضافي، مع أنهم أخذوا قبل ذلك أجورهم بلا نقصان لأكثر من نصف سنة من دون أيِّ مردود.
كما نرى أنّ تسريح التلاميذ، بعد كل الأسابيع الضائعة، في عطلة جديدة مع نهاية شهر مارس غير منطقيّ أبدا، لأنّه من الممكن ترحيلها إلى نهاية رمضان، حيث يستفيد التلاميذ إجباريّا من 4 أيام بين عيد الفطر ونهاية الأسبوع، لتكون إضافة 3 أيام فقط بمجموع 7 أيام كافية كعطلة قصيرة قبل استئناف الدراسة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • مراد

    وماذا سيستفيد التلميذ إن إنهى البرنامج بنسبة 100% ؟؟؟ جميع البرامج معبأة بالحشو الكثيف والذي كان سببا لنفور التلاميذ من الدراسة الهدف ليس إكمال البرنامج بنسبة 100%، ولكن الهدف هو كيف نجعل التلميذ يستفيد بطريقة ذكية، بمعنى أن البرامج الغير ضرورية يجب حذفها وإعطاءه إلا الشيء الكافي