-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رحلة مع ذي القرنين

لا نتخوّض في ما لا يترتّب عليه عمل

أبو جرة سلطاني
  • 611
  • 0
لا نتخوّض في ما لا يترتّب عليه عمل

نحن لا نرى فائدة من وراء الخوْض الواسع في معرفة من هو ذو القرنين، ولا يترتّب حكم على معرفة من هم يأجوج ومأجوج في زمنه، ولا تنفعنا معرفة مكان السدّ الذي بناه، وفي أيّ عهد كان، وهل مازال قائما حتّى الآن أم انهار واختفى؟ وأين هم يأجوج ومأجوج؟ وهل هم أكثر شعوب الأرض تعدادًا كالصّين والهند مثلا، أم هم أجناسٌ أخرى سيبعثها الله حينما يبلغ كتاب خروجهم أجلَه باقتراب الوعد الحقّ: ((حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)) (الأنبيّاء: 96).

كلّ ذلك نراه خوضا في الغيب سكت عنه الوحي، فليس لنا أنْ نخوض فيه ليقيننا أنّ العلم به لا ينفع والجهل به لا يضرّ. فليس يهمّنا كثيرًا معرفة هذه التّفاصيل التاريخيّة التي لا يُبنى عليها حكم ولا يترتّب على معرفتها عمل، فالقرآن ليس كتاب تاريخ وسير وآثار، وليس من خصائصه عرض تفاصيل أحداث التّاريخ والجغرافيا وتحديد أسماء الأماكن والأعلام، إلاّ ما كان ضروريّا لفهم حيثيّات جريان أحداث الدّعوة والرّسالة وقيّام الحضارات وسقوطها، وأسباب ذلك من ظلم وجور وطغيان.. لاسيّما ما تعلّق بجبابرة الأرض الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد.

وإلاّ، فإنّ التّعميم والإبهام أبلغُ من التّخصيص والإفصاح لتوصيل القوْل وإقامة الحجّة وتحقيق مقصد الاعتبار والتأسّي. فمعرفةُ اسم ذي القرنيْن لا تزيدنا إيمانا، ومعرفة يأجوج ومأجوج لا تؤخّر خروجهم، حسبنا أنهم وُجدوا في التّاريخ القديم وسوف يظهرون قبل قيّام السّاعة واليقين بأنّ خروجهم واحدة من أكبر أماراتها.

لو كانت هذه التّفاصيل ذات قيمة إيمانيّة أو تشريعيّة لكشف عنها القرآن المجيد كما كشف عن تفاصيل ميلاد عيسى بن مريم -عليه السّلام- وأمّه وعن حياتهما وما قال النّاس فيهما، وبيان رسالته ومعجزاته واختفائه بالرّفع إلى السّماء. لأنّ ذلك من صميم عقيدة التّوحيد ومن لوازم تنزيه الواحد الأحد عن المُعين والشّبيه والصّاحبة والولد.

ما دام الوحي قد سكت عن ذكر هذه التّفاصيل في تاريخ ذي القرنيْن فلا نخوض فيها إلاّ بمقدار ما تتكامل به صورة السّرد القَصصيّ لخدمة الغرض الذي جاء به الجواب عن السّؤال المطروح: يسألونك عن ذي القرنين ما قصته؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!