الرأي

لا يا فقهاء البلاط

حسين لقرع
  • 4685
  • 11

منذ أيام قليلة، أصدر “مجمعُ البحوث الفقهية” التابع للأزهر بحثاً مغرضاً بعنوان “البغاة والخوارج” صنّف فيه “الإخوانَ المسلمين” جماعة ً “إرهابية” جنباً إلى جنب مع “داعش” وغيرها، واتهم الإخوانَ بـ”الخروج على الحاكم؟” وأفتى أصحابُ البحث بجواز قتلهم إذا لم يتراجعوا عن مرجعيتهم الفكرية، مع أنها تتخذ الوسطية والاعتدالَ منهجاً لها منذ 86 عاماً ولم يسبق أن لجأت إلى العنف؛ إذ ورد في البحث بالحرف الواحد “إن إصرار جماعة الإخوان على فكرها يجعل قتلها جائزاً على قتال أهل البغي في عامّة أحواله”.

اللافت للانتباه أن بحث الأزهر (الشريف؟) تزامن مع تصريح خطير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري كشف فيه أن قادة عددٍ من الدول العربية أكّدوا له استعدادهم للدخول فيحلف إقليميمع الصهاينة لمحاربةحماسوداعشوبوكو حرام“… وهو ما أذهل كيري نفسه وجعله يقول إنالأمر كان مستحيلاً منذ ستة أشهر فقط“.

وجه الخطورة في تصريحات هؤلاء القادة، أنهم يضعونداعشوحماسالإخوانية في كفةٍ واحدة، ولعلّ القراء الكرام يتذكرون هنا تصريح نتنياهو خلال الحرب الأخيرة على غزة بأنهلا فرقَ بين حماس وداعش، وكشف أنذاك عن قيامتحالفٍ استراتيجيمع عددٍ من الدول العربية ضد المقاومة، ما يعني بوضوح أن بعض القادة العرب قد تبنوا وجهة نظرصديقهمنتنياهو وأصبحوا بدورهم ينعتون حماس الإخوانية بـالارهابويقبلون تشبيهَها بـداعش، ولإضفاء شرعية دينية زائفة على الموضوع، أوعز بعضهم إلى علماء البلاط في الأزهر (الشريف) بإصدار فتوى تعتبر الإخوان المسلمين، بمختلف تفرّعاتهم بالضرورة،جماعة إرهابيةوتصفهم بـالبغاةوالخوارج، لأنهمخرجوا على وليّ الأمرأي قائد انقلاب 3 جويلية 2013 بمصر.

أيّ منطق عجيب هذا؟ أليس السيسي هو الذي خرج على وليّ أمره المنتخَب شعبياً والذي عيّنه وزيراً للدفاع فانقلب عليه وبغى وقتل الآلاف من أنصاره؟ بأيّ منطق يُعدّ تظاهر الاخوان سلمياً على حاكمٍ انقلابي غير شرعي اغتصب الحكم بقوة السلاحخروجاً على وليّ الأمر؟ منخرجعلى الآخر؟ وأيّ من الطرفينبغىعلى الآخر وسامه سوء العذاب وقمع أنصاره المستضعفين ونكّل بهم شرّ تنكيل؟ ما لكم كيف تحكمون.

أما حماس فهي حركة مقاومة وطنية شريفة رفعت السلاح لمحاربة الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وللدفاع عن القدس والأقصى المبارك الذي باعه العرب والمسلمون بثمن بخس، لكن أعراب الذل والهوان والخسّة والنذالة سمحوا لأنفسهم بوصفها بـالإرهابلمجرد أنها تنتمي إلى جماعةالإخوان المسلمينالتي صنّفوها في بلدانهمحركة إرهابية، وتبنّوا طرح نتنياهو الذي يضعها معداعشفي كفةٍ واحدة لتبرير معاداتها والتآمر مع الصهاينة ضدّها وربما الاشتراك معهم في قتالها قريباً.

 

إن مصيبة هذه الأمة أنها أبتليت بحُكامٍ ظلمة متجبّرين، أعزة على شعوبهم أذلة على اليهود والأمريكان، يستمرئون العمالة ويحاربون كل حرٍّ شريف، أما المصيبة الأعظم فهي ابتلاؤها بكثير من علماء البلاط الذين لا يتورّعون عن تقديمفتاوىتحت الطلب قصد إرضاء الحكام ولو كان في ذلك سخطُ الله، ويحوّلون الحق إلى باطل والباطلَ إلى حق، ولا يكترثون بتضليل العامّة ونشر الفتن في صفوف الأمة وتبرير هدر دماء الأحرار الرافضين للظلم والطغيان، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

مقالات ذات صلة