-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لحم الخروف.. معروف

عمار يزلي
  • 1609
  • 0
لحم الخروف.. معروف

التحدِّيات الكبرى الجديدة التي تتخذها الدولة على صعيد ضمان استقرار الأمن الغذائي، تتجاوز أحيانا المقدرات، لاسيما تلك التنظيمية والمراقَبة عبر الرقمنة لكل القطاعات لاسيما فيما يتعلق برقمنة القطاع الفلاحي والموارد الحيوانية.

كل هذا يرجع إلى تركة الماضي، الذي تعمل الدولة اليوم على القضاء عليه بعزم وثبات، ولكن أيضا بتأن وبثقل ناتج دائم عن ثقل الآلة البيروقراطية الإدارية الموروثة كثقافة وممارسة.

صحيح أن مشكل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض على حد سواء، يضاف إلى باقي المنتجات الزراعية والبقولية التي عرفت هي الأخرى التهابا في الأسعار في الآونة الأخيرة، وكلها، أو في معظمها، ناتجة عن المضاربة، التي رغم الضرب من حديد على أيدي وأرجل رجالاتها، لا تزال هذه الممارسة فاعلة وقوية، ولا تزال لوبيهات التهريب والتخزين والمضاربة، قائمة وتعمل بلا هوادة، رغم أيدي رقابة المصالح الخاصة التي تضبط كل مرة آلاف الأطنان منها مخزَّنة أو في طريقها إلى التهريب.

أشهرٌ طويلة من الجفاف، زاد في الطين بلة، وارتفاع منسوب الاستهلاك صيفا لكل أشكال المواد، جعل المنتَج المحلي يبدو غير قادر على الاكتفاء الذاتي، لاسيما في مجال اللحوم الحمراء والبيضاء، التي نحن بصدد الحديث عنها بدون غيرها من المواد الأخرى التي لها أيضا خصوصياتها وأسبابها الخاصة في الغلاء.

الجفاف، وما نجم عنه من غلاء الأعلاف، رغم تدخُّل الدولة بقوة في مرافقة الفلاحين والمربين ودعم لسعر الأعلاف، زاد من حدة المضاربة. فالمضاربة تأتي من قلة المعروض وكثرة الطلب، ولتوفير هذا المناخ، يعمل المضاربون منذ زمن على هذا المتغير الذي لم يتغير منذ الاستقلال.

الملاحظة التي أشار إليها مرارا وتكرارا رئيس الجمهورية منذ انتخابه في ديسمبر 2019، بشأن رقمنة القطاع الفلاحي كباقي القطاعات وإحصاء عدد المواشي باستعمال التيكنولوجيا بما فيها الطائرات المسيَّرة لتصوير قطعان الأغنام وضبط عدد الرؤوس ومكانها وتنقلاتها وحركاتها التجارية، يضمن أولا الحفاظ على نقاء السلالة المحلية وعدم انقراضها بدخول أو تداخل واختلاط السلالات، ويضمن أيضا إحصاءً دقيقًا لعدد رؤوس المواشي الموجَّهة للاستهلاك. كما كان رئيس الجمهورية، وهو العارف بشؤون الفلاحة والمطلع عليها جيدا، قد أشار إلى أن الأرقام التي كانت تقدَّم للحكومات المتعاقبة بشأن عدد رؤوس الأغنام كانت تشير إلى وجود ما بين 24 و30 مليون رأس، غير أن الإحصاء الأخير عبر وسائل التصوير الحديثة، أثبت أن العدد كان دائما مبالغا فيه وأن أقصى حد لعدد الرؤوس عندنا لا يتجاوز 20 مليونا، أي بفارق يصل أحيانا إلى 10 ملايين رأس، وهو ما جعل التقديرات خاطئة. نحن ننتج أقلَّ مما نستهلك من مادة اللحوم الحمراء ومنها لحم البقر. لهذا، كان على المصالح الفلاحية أن تفكر وتعمل على مواجهة تحدي تربية الأغنام والأبقار الموجَّهة للاستهلاك ولكن أيضا للتكاثر وحفظ السلالة الجزائرية. بدأ هذا من الجنوب عبر المسالخ الخاصة وتزويدها برؤوس الأبقار والضأن المستورَد من دول الجوار عبر طريقة التبادل البضاعي الحرّ، وتوطينها لأشهر، قبل تهيئتها للاستهلاك الطازج.

غير أن موسم الجفاف الذي عمَّر طويلا هذه السنة لاسيما في الشمال والشمال الغربي، دفع بالمربِّين رغم التسهيلات والدعم في أسعار الأعلاف والأدوية، إلى بيع بالجملة لإناث الضأن، التي يبدو حسب ما علمنا من أوساط فلاحية، أن الطلب عليها مؤخرا بات كبيرا ومقلقا إلى درجة أن البعض يتحدث عن لوبيهات تهريب إناث الضأن خارج الحدود الشرقية، بأموال خليجية وبالذات إماراتية، مما أفضى إلى قلة المواليد وارتفاع أسعار لحم الخروف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!