-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لصوص الحَراك يعودون!

لصوص الحَراك يعودون!
ح.م

هبة 22 فبراير 2019 كانت ولا تزال وستبقى مكسبًا حضاريّا للشعب الجزائري بكل مكوناته، وملكًا معنويًّا لكل ألوانه السياسية والإيديولوجية وعموم المواطنين الذين آمنوا بحتمية نهاية العصابة غير الدستورية وناضلوا ببسالة لتحقيق التغيير طيلة عقود، حتّى خرج الجزائريون في جمعاتهم المشهودة يهتفون بصوت واحد للحرية والكرامة.

كما أنّ الحَراك لا يمثله قطاعٌ واحد لا يزال متمسّكًا بالاحتجاج في الشوارع إلى اليوم، وإن كان ذلك حقّا دستوريا لا خلاف حوله، وقد يكون مشروعًا في ظروف مبرّرة، لا تعبّر عن تطلعات الجزائريين، بل إنه من التجليات القويّة والمؤثرة للوعي الجمعي، والحافظة لموازين القوى.

 بالمقابل، فإنَّ اختيار مسارات أخرى مدنيّة لاستكمال معركة الانتقال الديمقراطي لا تقلِّل من ولاء أصحابها لمشروع التغيير، إذّ أنّ كل نشاط نضالي سياسي، أو حقوقي، أو إعلامي، مقاوم للفساد والتزوير الانتخابي والتسلط والاحتكار وتضييق الفضاء العام، يبقى من روافد الحراك الحيويّة التي تدفع باتجاه الهدف المنشود.

بل ما المانع أن يكون كلّ مسؤول شريفا نظيفا، مؤمنا بالتغيير الفعلي، ومؤازرا له في الميدان بالأقوال والأفعال، في عداد الحَراك الجامع لكل قوى الأمة؟

إنّ لعبة الإقصاء المسبق للتيارات المخالِفة وركوب الحراك بأجندات خاصّة وشعارات مأجورة وموجَّهة من داخل غرف العمليات الشغّالة في الداخل والخارج، هي الضربة القاصمة لطموحات الجزائريين في التأسيس لدولة الحق والقانون، لأنها ستفرِّق كلمتهم وتُذهب ريحهم في مواجهة الرهانات الوطنية للتغيير.

هل من محض الصدف أن تتعالى فجأة حناجر الاستئصال بالعويل، وهي تحذّر من وحش متوهّم في حال الذهاب إلى الانتخابات، وأنّ المطلوب هو إسقاط النظام وليس إصلاح عيوبه، بل فيهم من راح يبثّ الرعب في عشيرته من دولة دينية توشك على القيام؟!

يتزامن ذلك مع الدعاية من وسط الحراك لهتافات يُجمع الجزائريون على نبذها، لمساسها بالمؤسسات السياديّة وشيطنتها لأجهزة الدولة والترويج للفراغ المؤسساتي.

ألاّ يدلّ ذلك بوضوح على أنّ ثمّة أطرافًا مغرضة، لها حساباتها الضيقة وأهدافها الخاصّة، تستغلّ روح الحراك وزخمَه الشعبي، لابتزاز النظام السياسي والتفاوض من وراء الجموع الغاضبة؟

طالما ظلّ هؤلاء يرفضون الاحتكام إلى صناديق الاقتراع الحرة، مُشترطين ضمنيّا انتخابات تفرز نتائج على مقاس الاستئصال اللائكي، فإنهم يقينًا يطمعون ويخططون لبلوغ السلطة على ظهر الشعب أو فوق دبابة القوّة، وهم الذين لم يؤمنوا يومًا بالإرادة العامّة للأمّة، بل منحوا أنفسهم سلطة الوصاية الأبوية على الجزائريين “القصّر” طيلة عشرية المأساة الوطنية، ولا تزال تراودهم أحلام المكر في “إخضاع” رقاب “الأهالي”!

إنّ مثل هذا الكلام ليس تثبيطًا للحراك أو تشويها لفعالياته، كما يدّعي “حرّاسُ الديمقراطية” في وجه كل منتقد لمؤامرات الاستئصال الفرنكوفيلي الذي يكاد يُجهز على أحلام المواطنين بأدواته الدعائيّة، بل هو وضعٌ لنقاط الحقيقة على حروف الوعي الجماهيري، حتى لا نغترّ برنين الشعارات الزائفة.

قد يقول قائلٌ تلبّسه الشك، إنّ مثل هذه التحذيرات ليست سوى دعوات مبطَّنة لفضّ التظاهر ومهادنة الأمر الواقع، ونُجيب بدورنا بأنّ ضبط المسار القادم هو خيار الشعب الجزائري وحده، بعدما صار الحَراك مكرَّسًا في الدستور ومُباركا في الخطاب السياسي الرسمي، دون أن يعني ذلك تزكية مسالك العدميّة أو الوقوع أسرى الإمّعية في مجاراة المتآمرين باسم التغيير ولا الخنوع لغيرهم من المُناورين، بل على الجزائريين أن يتبيّنوا في مواقفهم ويتخيّروا لمواقعهم، حتّى لا يُلدغوا من الجحر ذاته مرات عديدة.

بقي أن نشير إلى أنّ تفاعل السلطة بالإيجاب مع مطالب المواطنين في الذهاب نحو استحقاقات انتخابيّة نزيهة هو وحده الكفيل بسحب بساط التجييش من تحت أصحاب المشاريع الحزبيّة الضيّقة، وتجريدهم من أوراق برمجة الرأي العام، أمّا الإعراض عن مناشدات الوطنيّين في توفير ضمانات سياسية وقانونية للموعد المرتقب، فإنه قد يعرِّض البلاد إلى مخاطر محدقة في سياق إقليمي جدّ حرج.

لذلك، فإنّ ما هو مطلوبٌ الآن لمواصلة بناء الجزائر الجديدة ليس مستحيلا، خاصّة أنّ الإرادة العليا متناغمة مع انشغالات الحَراك والطبقة السياسية، ولن نرسم خارطة طريق لِما يجب فعله قبل الإعلان عن استدعاء الهيئة الناخبة لتعويض الغرفة السفلى، فقد تشاور رئيس الجمهورية مرارا مع رؤساء الأحزاب والشخصيات الوطنية منذ اعتلائه سدّة الحكم، ما يجعله مدركًا تمامًا لمقتضيات التغيير وفق الرؤية المشترَكة والآليات المتعارف عليها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • علي عبد الله الجزائري

    اللصوص الاستئصاليين يريدون تزعم الحراك
    وجهات تفتح حرب مواقع على الجزائر للتحريض وشحن عقول الشباب الجاهل ضد بلدهم
    بفضل الله تراجع غالبية الشعب عن الخروج بعدما تفطنوا لمجريات الاحداث التي يحاول اللصوص مع مواقع خارجية التحكم بها
    اللصوص لا يقبلوا الراي والفكر المعارض لهم من يعارضهم يشتم ويتهم بالعمالة للنظام
    هؤلاء اسسوا دولة وشبكة عنكبوت في ادمغتهم الاستئصالية الاقصائية ويريدوا فرضها بالقوة على الآخرين
    بل انهم اخطر من النظام الحالي ولو كان عاجز ، هم اخطر منه في حال سمح لهم بالوصول للسلطة ولو مؤقتا
    سينكلوا بالشعب وبكل فرد يقول كلمة تعارضهم
    ثم يتهمون النظام بالقمع والظلم !!
    عجيب وغريب

  • من الماضي

    الاستئصاليين هم الذين رفعوا شعارات الديموقراطية كفر .. استعدوا لتغيير عاداتكم ولباسكم .... الخ والاستئصاليين هم الذين أرادوا فرض ايديولوجيتهم على الجميع . والاستئصاليين هم الذين يريدون اغتيال الحريات التي تنص عليها كل التشريعات والقوانين الوطنية والعالمية . القديمة والحديثة والاستئصاليين هم الذين يريدون فرض منطقهم وقانونهم . وهم الذين لا يعترفون بالخصوصيات وأن الخالق خلقنا مختلفين : تفكيرا وقناعات ولونا وقامةواراءا ............ الخ والاستئصاليين هم الذين أعلنوا الحرب على أخيار هذا المجتمع من صحفيين وروائيين وسينمائيين وفنانين وأطباء ومحاميين وأساتذة ... لعشرية كاملة .

  • tadaz tabraz

    سنوات التسعينيات لن تعود في مجتمع اكتوى بنيران الظلاميين وعشاق الدماء والمتلذذين بروائح المصائب والكوارث والحكمة تقول : الحقيقة تَبْرَزُ فِي المحَافِلِ عَاريَةً والكذِبُ لا يَكْفِيهِ الْفُ سِتَارٍ . رفعت الجلسة

    رفعت لجلسة

  • نحن هنا

    لاعاقل يجعل 30بالمائةمن الشعب أولى من 70بالمائة منه في اختيار الحاكم الا أنت

  • Youcef DZ

    الحل في يد السلطة بتوفير ظروف الانتقال لدولة القانون و عليها بتوفير عدالة مستقلة، تحررالصحافة والعمل السياسي و تعين حكومة كفاءات لا غبار عليها، الشعب طالب بكل تحضر بالتغييرالحقيقي و الكرة الان في يد السلطة ...

  • krimo

    سقطت الاحزاب سقطت النقابات سقطت الحكومات الفاسدة الخائنة العميلة وبقيت كلمة الشعب الجزائري الصادقة الوفية بقي حزب الشعب الجزائري في الساحة بعد ان سقطت الاقنعة اخيرا عن المنافقين والمتاجرين بالوطنية والثورة والشهداء -حزب جبهة التحرير اثبت بما لا يدع مجالا للشك والظن بانه حزب فرنسا لييس الا - وبالدين -حمس وغيرها يتاجرون بالاسلام للوصول الي مناصب والحصول علي كراسي وقصور ونساء خاصة .
    تحيا الجزائر جيشا شعبيا وشعبا
    رحم الله شهدائنا الابرار

  • جزاءري

    الى المعلق youcefdz وهل تغير شيىء في ليبيا وتونس العراق بعد ان راحو قاع .لم يتغير شيى. السبب هو ان المشكلة ليست فقط في النظام بل ايضا في المجتمع اللذي لا يريد ان يتحمل مسؤوليته ويتغير هو ايضا . الطرح القاءل ان المشكلة فقط في النظام طرح خاطىء لا يؤدي الا الى نتاءج خاطءة وقد راينا ذلك في بلدان اخرى والجزاءر ليست استثناء . اذا اردنا فعلا التغيير علينا الاعتراف اننا نحن كمجتمع معنيون ايضا بهكذا تغيير حتى يحصل ذلك فعلا . لسنا اكثر معرفة من الله القاءل ان الله لايغير ما يقوم حتى يغيروا ما بانفسهم . يعني لم يقل حتى يتغير النظام او السلطة بل الجميع معني بالتغيير .

  • جزاءري

    لا علاقة لبعض من في الحراك بالديمقراطية وحرية التعبير لانهم يريدون احتكارها لانفسهم تماما مثل النظام اللذي ينكرون عليه هكذا تصرفات . مثل فرعون لا اريكم الا ما ارى . من يخالفهم في ابسط تفصيل تكال له الشتاءم والتهم والخروج من الملة!!! ما هذا هل القضية مبدا ام مناورة قبل الانقضاض. لم اعد اثق ليس في الحراك بل في مشغليه . لم اعد اعرف من هم وماذا يريدون وإلى أين ذاهبون . ضبابية النظام اجد نفسها في الحراك بل اكثر . التسلط هو نفسه او اكثر . تصرفات الفاشلين مثل فاشلي النظام او اكثر ! ليس في الحراك ما هو افضل من النظام . مثلما لم يكن هناك ما هو افضل في ليبيا ومصر وتونس. لم يتغير شيىء الانفس لم تتغير!!!

  • محمد

    كأن شعبنا ضاق من استرداد وحدته أو يحين إلى مستعبديه. كان ارتداء(béret) أو(chapeau) يعتبر لدى مجتمعنا التخلي عن الأصالة والتمثل بالمستعمرين الكفار وخروج عن قواعد الحياء بيننا.اليوم لا يرى بعضنا ممن يقودون الحراك من عيب في إعلان عداوتهم للغة العربية واعتناق دين النصارى لا لشيء سوى لأنهم يرفضون وحدة الشعب الجزائري مهما نالوا من المخططات الإنمائية منذ بداية الاستقلال.أما عودة لصوص الحراك فهي نتيجة حكومات متعاقبة تهربت من اعتماد القانون بين جميع الجزائريين وتطبيقه مهما كانت الظروف.لكنها تريد المهادنة والحفاظ على السلم المدني الذي يحتاج إلى من يعي فهمه بإدراك: لا الذين يبحثون عن النجومية عند فرنسا

  • Youcef DZ

    انت تعلم ان الشعب غير راضي لانه لم يلمس تغيير حقيقي فالقضاء غير مستقل و الاعلام مغلق و موجه و منع إنشاء احزاب جديدة اذن انتخابات في هذا المناخ لن يغير شيء بل يخدم فقط السلطة و الإنتهازيون و الفاسدون، للاسف التيار الاسلامي خذل الشعب و دخل في حسابات ضيقة

  • samar

    لا للعودة الى غلق أبواب بيوتنا مع غروب الشمس . ولا للعودة الى تشويه أجسام طالبات وعاملات ... لأنهن فقط رفضن الذل والهوان . ولا للعودة لزمن كلما غادرنا بيوتنا لقضاء حاجاتنا نتسائل : هل نعود ؟؟؟ ووووووووووو