-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت

ليلى حفيظ
  • 1391
  • 1
لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت

يؤمن الجزائريون بالتابعة والعكوسات، بقدر إيمانهم بنظرية المؤامرة. فتعمل الأكثرية على تفادي وإبطال ذلك بشتى طرق الهبل والسخافة، حتى وإن استدعى الأمر تعليق تميمة أو حرز أو حجاب. والغاية واحدة، وهي إتمام الأمر ونجاحه وتفادي كيد الكائدين وحسد الحاسدين، وجلب الحظ والتوفيق وتيسير الأمور وفتح أبواب الرزق والغنى والفرج، رغم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: “من تعلق تميمة فلا أتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له.”

عادة جاهلية

يقول الأستاذ محمد أمين عبد السلام، خبير في الشأن الاجتماعي وإطار إداري بمطار الجزائر: “التمائم عادة قديمة من أيام الجاهلية الأولى. عرفتها مختلف الحضارات والمعتقدات والأديان إلى يومنا هذا. والغاية من تعليقها واحدة، وهي إبعاد الأذى وسوء الطالع وإتمام الأمر، رغم تنوع تسمياتها، من التعويذة إلى التميمة والحجاب. ولقد كان الإسلام أول من حارب التميمة بتحريمها واعتبارها شركا، إذ جاء في حديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- في صحيح الجامع 6394: “من علّق تميمة فقد أشرك.” ورغم ذلك، فلقد تواصل العمل بها، فأصبحت مع الوقت من العرف والتقاليد في مجتمعنا، يؤخذ بها تلقائيا، عند ولادة الطفل مثلا، فتعلق على صدره عن جهل لحمايته من العين وأذى الشياطين. ولقد انتشرت هذه الطقوس في مجتمعنا بقوة، بين مختلف شرائحه، وخاصة إبان الحقبة الاستعمارية. وكان من أشد المحاربين للتميمة شيوخ جمعية العلماء المسلمين، من خلال مقالات الشيخ عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، في جريدة البصائر، ليعود بقوة إنكار التميمة في زمن الصحوة الإسلامية في الجزائر، سنوات الألفية، مع عدة علماء، ليزداد الوعي بخرافة التميمة مع انتشار الفتاوى عبر الإنترنت، بالتركيز على أنها خرافة ينكرها العقل ويحرمها الدين.”

تفرفرت لإيقاف الإجهاض المتكرر

بدءا من الخامسة أو الخميسة أو يد فاطمة، التي تعلق للمولود الجديد وقاية له من العين، ووصولا إلى الخرزة الزرقاء، التي تتقلدها النساء طردا للحسد، تتنوع بين ذلك وذاك أنواع التمائم التي يعلقها الكثير من الجزائريين، الذين لم يتركوا لا شجرا ولا حجرا إلا وتقلدوه، لغرض إتمام أمورهم وآمالهم. فحتى النباتات والحشائش والأعشاب، لم تسلم من اعتقادهم بقدرتها على الحماية والمنح والمنع.

فهذه نسرين، 36 سنة، التي لطالما عانت من الإجهاض المتكرر، لم تتوان إطلاقا عن مجاراة عجوز نحس شمطاء، حين نصحتها بتعليق تميمة للخلاص من مشكلتها. وحول ذلك تقول: “لقد عانيت للأسف طيلة سبعة أعوام كاملة، من تسع عمليات إجهاض متتالية. وفي كل مرة، وفي ليلة الإسقاط المشؤومة، كنت أحلم بأن امرأة تقوم برفسي أو ركلي على بطني، أو بأني أهوي من جبل، لأستيقظ وأعراض الإجهاض وأوجاعه تمزق أحشائي، ليسقط جراءها الجنين ويموت. وبعد فشل كل التدخلات الطبية لعلاج حالتي، فلقد اصطحبتني والدتي إلى عجوز، معروفة بقدرتها على فك السحر بمنطقتنا، أخبرتني أنني أشكو من التابعة، أو ما يعرف كذلك بأم الصبيان. ونصحتني بالذهاب عند أحد العطارين، وأسأله أن يمنحني عشبة تفرفرت أو تفيفرة، دون أن أساله عن ثمنها، وإنما أدفع له ما جادت به نفسي ثم أقوم بتقسيمها إلى ثلاث قطع.. أعلق الأولى على صدري. وأضع الثانية والثالثة داخل المخدة وعند عتبة المنزل. وذلك الذي قمت به فعلا، في انتظار أن ينجح الأمر، ويثبت حملي التالي.”

الحلتيت لجلب الرزق وطرد النحس

ونفس الظن والاعتقاد يحمله فؤاد، الذي قام بتعليق عشبة أخرى، لطرد النحس والسحر وقلة الرزق من حياته، مثلما أشار عليه أحد المعالجين بالطاقة، كما يقول موضحا: “لطالما عانيت من العكوسات وسوء الحظ والطالع. إلى أن تعرفت على شخص نصحني بأن آخذ القليل من عشبة الحلتيت أو الحنتيت يوم الأربعاء، بعد صلاة العشاء. فأقرأ عليها سورة الزلزلة وآية الكرسي وأعلقها بصدري أو أحملها في جيبي. وذلك الذي فعلته في انتظار تحسن أحوالي.”

والأدهى ما في الموضوع، هو شيوع استخدام سور القرآن الكريم كتمائم وتعليقها كقلائد لجلب النفع، بمختلف أنواعه، ودفع البلاء بشتى أشكاله، مع الظن واليقين بأن تلك الآيات القرآنية هي التي تحقق المراد، لا مُنزلها- سبحانه وتعالى-.

لا يجوز تعليق التميمة

وحول هذا، يقول الأستاذ رشيد بوبكري، إمام خطيب بمسجد الغزالي بحيدرة: “التميمة من غير القرآن لا يجوز تعليقها على الطفل، ولا على غير الطفل، لقوله- صلى الله عليه وسلم-: “من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له”. وفي رواية: “من تعلق تميمة فقد أشرك”.. أما إذا كانت من القرآن أو من دعوات معروفة طيبة، فهذه اختلف فيها العلماء. فقال بعضهم: “يجوز تعليقها”. ويروى هذا عن جماعة من السلف، جعلوها كالقراءة على المريض.

والقول الثاني، أنها لا تجوز.. وهذا هو المعروف عن عبد الله بن مسعود وحذيفة- رضي الله عنهما- وجماعة من السلف والخلف قالوا: “لا يجوز تعليقها، ولو كانت من القرآن، سدّا للذريعة، وحسما لمادة الشرك، وعملا بالعموم، لأن الأحاديث المانعة من التمائم أحاديث عامة، لم تستثن شيئا. والواجب، الأخذ بالعموم، فلا يجوز شيء من التمائم أصلا، لأن ذلك يفضي إلى تعليق غيرها والتباس الأمر. والأفضل في هذا، أن يقرأ عليه بوضع اليد على الرأس، كما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يفعل مع الحسن والحسين.”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جلال

    يشركون بالله وهم يحسبون إنهم يحسنون صنعا : المغفلون