-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لكلّ باطل أمارات بطلانه

سلطان بركاني
  • 1334
  • 1
لكلّ باطل أمارات بطلانه

لكلّ دعوة باطلة في هذه الدّنيا، منذ خلق الله آدم -عليه السّلام- إلى أن تقوم السّاعة، علامات تكشف عوارها وتبيّن بطلانها، يراها كلّ من تجرّد عن هواه في طلب الحقّ واستهدى بهُدى الله وأعمل بصيرته وفكره.. ولهذا فالمبادئُ الإلحادية والعلمانية والإنسانية التي يواجه بها دين الله الحقّ في هذا الزّمان وكذا الخيارات الطائفية التي بليت بها الأمّة المسلمة منذ فجر تاريخها، تحمل بين أصولها ومبادئها أمارات تشي بالباطل الذي معها. أمارات تخفى على من فقد الأساس الذي يقيس عليه والميزان الذي يزن به، ويراها من أخلص وتواضع.

الإلحاد، مثلا، لا يمكن أن يصنّف فكرًا يستند إلى الحقائق العلمية أو الأصول العقلية، إلا من باب محاولة فرض النتائج الجاهزة والدّعاوى الفارغة، لأنّه لا يعدو أن يكون نزعة عدمية وملاذًا خادعا لأولئك الذين لا يستوعبون السنن التي تسير عليها الحياة، ولا يفهمون أنّها دار ابتلاء يرى فيها العبد ما لا يعجبه، ويُبتلى بما يضرّه، وتتوالى عليه المنغّصات التي تذكّره بدار أخرى تُقرّ بضرورة وجودها العقول المنصفة، تخلو من المنغّصات ويقتصّ فيها للمظلوم من ظالمه، وتعدّل فيها الموازين المائلة التي نصبت في هذه الدّنيا.. ومنغّصات هذه الحياة، يفترض ألا تحمل الإنسان على التّشكيك في وجود الخالق، إنّما على البحث عن حكمته في إيجادها؛ فوجوده هو الحقيقة الكبرى التي تثبتها أدلّة العلم والعقل وتصدح بها كلّ الموجودات، ووجود دار أخرى للجزاء تنطق به العقول والأنفس والأرواح.

العلمانية، كذلك، في أصلها نزعة سادت في أوروبا كردّ فعل لسطوة دين محرف حارب العلم والعقل، يراد فرضها في مواجهة دين يحترم العلم والعقل وجاء في الأساس ليصلح الانحرافات التي حادت بالديانات قبله عن الفطرة والعقل، وهي (العلمانية) الآن لا تعدو أن تكون جهالة وقلّة فهم وإحاطة بمقاصد الدّين والحكم الكامنة خلف تشريعاته، مضافا إليها شهوات يُرابط أصحابها في الدّفاع عنها في مواجهة دين ينظّم الشّهوة ويؤطّرها في أطر ترتقي بالإنسان عن درك الحيوانات.

التشيّع الطّائفي، كذلك؛ تبدو ملامح بطلانه واضحة في الأساس الذي بني عليه؛ محاولةِ إسقاط الصحابة المرضيين الذين عايشوا التنزيل وكانوا الأعلم بالتأويل، والذين جمعوا القرآن ورووا السنن وفتحوا الفتوح. لصالح نزعة كانت في بدايتها شعوبية، ثمّ ما لبثت أن تواطأت مع أهواء المتربّصين من ملل ونحل مختلفة.. كما تبدو أمارات بطلان التشيّع واضحة -كذلك- في اعتباره رأسا للمذاهب التي يراد لها أن تسلب دين الإسلام أسّ الأسس التي تميّزه وتُظهر بهاءه وموافقته للفطرة، عقيدة التوحيد، لصالح طقوس الأضرحة والمراقد والمزارات وعقائد الاستغاثة بالمخلوقين، فضلا عن طقوس اللطم والتطبير ومشتقاتها.. ويبدو بطلان المذهب الشيعي واضحا -كذلك- في اعتماده على التقليل من الطّاعات والتوسّع في الشّهوات؛ ففي مقابل التوسّع في نكاح المتعة، نجد المذهب يقلّل في العبادات، فيجعل للصلواتِ الخمس أوقاتا ثلاثة: الفجر والظهرين والعشاءين، ويفرض المسح على الرجلين بدل غسلهما في الوضوء، ويقصر التيمّم على مسح جزء من الوجه مع الكفين والرسغين! والأنكى من هذا أنّه يبيح التخلّف عن الجمعة في زمن غيبة الإمام!

الطائفة المدخلية الإرجائية، بدورها، يبدو بطلان منهجها واضحا في دفاعها المستميت عن الحكام والأمراء الذين تسببوا في وهن وتخلف الأمّة وأشاعوا الظلم والفساد، في مقابل جرأة أتباعها على الطعن في العلماء والدعاة الربانيين وتصنيفهم والتحريض عليهم، وهو ما يمثّل مخالفة واضحة لأمر الله جلّ وعلا: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ (ص: 28).. كما يبدو بطلان منهج هذه الطائفة جليا في تناغمها مع الطائفة الشيعية في الولاء المطلق للمراجع والشّيوخ المتبوعين والتعصّب لأقوالهم واختياراتهم وحتى طعونهم في أولياء الله، مهما بدت مخالفة لكتاب الله وسنّة نبيّه.. وفي جنوحها في مسائل الفقه إلى الاختصار في العبادات؛ فترى أتباع هذه الطّائفة يتحمّسون حماسا منقطع النّظير لقصر الصّلوات والجمع بينها من دون مراعاة لمسافة القصر ولا لمدّته، حتّى أنّك تسمع عمّن يقصرون الصّلاة في الأحياء الجامعية مع أنّهم يمكثون فيها -مقيمين- ما لا يقلّ عن 5 أيام! ويقصرون في مسافات لا تتعدّى 30 كم بحجّة أنّ قطعها يعتبر سفرا في العرف.. وفي باب قضاء المسبوق صلاته تراهم يأخذون بما يقلّل عليهم القراءة، ويحرصون على حضور الصلوات متأخرين حتى يطبّقوا هذا المبدأ، فتلحظ الواحد منهم -مثلا- يصلّي العشاء أربع ركعات بالفاتحة سرا؛ يدرك الركعتين الأخيرتين مع الإمام، ثمّ يقوم فيتمّ ركعتين بالفاتحة سريعا، ليتفرّغ بعدها للجلوس إلى أتباع الطّائفة..

كما تراهم يتعمّدون حضور الجمعات في آخر ساعة عندما يجلس الخطيب على المنبر وتطوي الملائكة صحائفها، تحرزا من حضور درس الجمعة الذي يرونه بدعة ضلالة! أمّا في باب الوضوء فتراهم يتوسّعون في المسح على الجوارب والأحذية من غير حرج ولا ضرورة، ويكتفون في التيمّم بضربة واحدة يمسحون بها الوجه والكفين، مع إصرارهم على أنّ الضّربة الثانية ومسح الذراعين مخالف للسنّة!

نعم، الله -سبحانه- يحبّ أن تؤخذ رخصه كما يحبّ أن تؤخذ عزائمه، لكنّ الرّخص استثناءٌ وليست أصلا، وشرعت للضّرورة والحاجة وليس للأحوال العادية، والإصرار على العمل بها في كلّ الأحوال ليس إحياءً للسنّة، إنّما هو تتبّع للرّخص وتساهل في الدّين.. فمتى يعقل شبابنا هذه الحقيقة؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • استفسار،

    هل تجيبنا من فضلك متى يكون الشخص مدخليا.