-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا تركيا فقط؟!

لماذا تركيا فقط؟!

ليس تهوينا من المأساة التي أصابت الشّعب التّركي ولا استكثارا للجسور الجوية التي انطلقت من كل بقاع الدنيا فور وقوع كارثة الزلزال، فالشّعب التّركي فعلا يستحق هبَّة إنسانية من العالم أجمع. لكن لماذا تركيا فقط؟ ولماذا استُثني الشّعبُ السّوري الذي يعيش الويلات منذ سنة 2011 من هذه الهبّة التضامنية إذا استثنينا المبادرة الجزائرية وما صدر عن قطر والأردن ودول أخرى قليلة جدا؟

الإنسان هو الإنسان سواء في تركيا أو في سوريا، ومن يتغنّى بالإنسانية عليه أن لا يفرّق بين ضحايا الكوارث الطبيعية، طالما هذه الكوارث لا تفرّق بين البشر، ولا بين الأنظمة الحاكمة، فلماذا هذا التّجاهل القاتل لمأساة الشّعب السوري لمجرد أنّ المجتمع الدولي لا يزال يعادي النظام السوري؟

والأغرب أنّ المجتمع الدولي يفرّق كذلك بين ضحايا الزّلزال في الداخل السّوري؛ إذ أعلنت الكثير من الدول الغربية نيَّـتها توجيه مساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة التي لا تقع ضمن سيطرة النّظام السّوري، فيما لا زال الغرب في خضم هذه المأساة السورية يصر على “قانون قيصر” الذي يهدف إلى تجويع الشّعب السّوري تحت يافطة معاقبة النّظام.

 لقد فضحت كارثة الزلزال نفاق الغرب وإنسانيته الزائفة، وهو يهبُّ لمساعدة دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وإمكاناتها الاقتصادية وبناها التحتية، فيما يدخل في حسابات ضيقة عندما يتعلق الأمر بالشعب السوري الذي يعاني منذ مدة مآسي التهجير والفقر والحرمان.

ما فعلته الجزائر بإرسال أول شحنة مساعدات إلى سوريا خطوة جبارة فتحت الباب أمام تجاوز “قانون قيصر” الذي فُرض على الشّعب السوري قبل سنتين ونصف السنة بهدف شلّ مفاصل الاقتصاد باستهدافه البنية المالية له والشبكات المرتبطة به، بالإضافة إلى وضع قيود على حركة التبادل الاقتصادي بين سوريا والمتعاملين معها لجهة إمداده بالمواد والأموال، وكل ما يساعد على استمرارية الدولة السورية، وفي النتيجة تضاعفت معاناة السوريين وتراجعت العملة إلى مستويات قياسية، لتأتي كارثة الزلزال وتُضاعف معاناة السوريين.

وبذلك فتحت الجزائر الباب لغيرها من الدول لكي تُعيد خطوط التواصل مع سوريا، وتساهم في تخفيف آثار الكارثة على السّوريين، فقد اتصل ملك الأردن بالرئيس السوري بشار الأسد وأعرب عن تأثره بمأساة الشعب السوري، وطالبت قوى سياسية في الأردن بالإسراع في إرسال المساعدات الطبية والغذائية للمنكوبين السّوريين، كما فتح لبنان موانئه ومطاراته أمام المساعدات الإنسانية للسوريين.

ما فعلته الجزائر ينسجم تماما مع القيم الإنسانية الصّافية، ذلك أنها لم تفرِّق بين ضحايا الزلزال وأرسلت المساعدات وأطقم الإنقاذ إلى البلدين، معلنة بذلك أنّ التضامن ومساعدة المنكوبين قيمة إنسانية لا يمكن أن تحكمها السيّاسة وتعقيداتُها، فضلا على أن دين الشّعب السوري علينا نحن الجزائريين كبير، وهو يعود إلى أيام الثورة التحريرية حين كان كفاح الجزائريين على كل لسان في ربوع سوريا، ولم يكن الشعب السوري يبخل بالدّعم المالي والسّياسي، وكانت الفعاليات الجماهيرية تُنظم في كل المدن السورية لدعم جهاد الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي، لذلك من الطبيعي أن تنطلق التعبئة هذه الأيام في أوساط الجزائريين لجمع المساعدات وإرسالها إلى سوريا، وهو بالذات ما تفعله لجنة الإغاثة التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي تسابق الزمن من أجل إرسال أول قافلة تضامنية لمنكوبي الزلزال.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!