-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كتّاب ومهتمون يتفحّصون رفوف المكتبات ويتساءلون

لماذا غابت المؤلفات الرياضية وانتشرت الرواية وكتب الدين والتاريخ

صالح سعودي
  • 1327
  • 0
لماذا غابت المؤلفات الرياضية وانتشرت الرواية وكتب الدين والتاريخ
ح.م

تساءل الكثير من المتتبعين والمهتمين، عن الأسباب التي تقف وراء غياب المؤلفات الرياضية، وفي مقدمة ذلك كرة القدم التي تعد الأكثر شعبية في الجزائر والعالم، يحدث هذا في الوقت الذي تعرف المكتبات الجزائرية تواجدا مكثفا للرواية ومختلف الأجناس الأدبية، ناهيك عن كتب الدين والتاريخ.

إذا كان الكثير يجمع على توفر المجتمع الجزائري على شريحة واسعة مولعة بمتابعة الأخبار الرياضية ومباريات كرة القدم، فإنه في المقابل يطرحون تساؤلات حول أسباب عدم مواكبة هذه الظاهرة بثقافة القراءة وتأليف كتب تصب في الشق التاريخي والفني والإبداعي، أو في إطار إبداء تحاليل وآراء وانطباعات في مقالات تُجمع في كتب ومؤلفات، لتكريس ثقافة المقروئية في المحيط الكروي. وفي الوقت الذي عرفت ساحة النشر بروز عدة أسماء، مثل حميد قرين وعزالدين ميهوبي وحميد سلحاني وحسين صديقي وغيرهم من الكتّاب الذين اهتموا بالتأليف الرياضي، إلا أن العديد من الباحثين والمهتمين اختلفوا حول الأسباب الحقيقية التي تقف وراء غياب ثقافة التأليف، وثقافة قراءة الكتاب الرياضي أيضا، في زمن ارتفاع تكاليف الطبع، وطغيان الصورة والانترنيت على تقاليد النشر الورقي.

قرين وسلحاني اجتهدا في التوثيق لمسار الرياضة والكرة

وقف الكثير من زوار النسخة الأخير من المعرض الدولي للكتاب على الغياب الفعلي للمؤلفات الرياضية، إلا أنه في المقابل لا يخفي اجتهادات عديد الأسماء التي كرّست جهودها في التوثيق لتاريخ الحركة الرياضية في الجزائر، على غرار وزير الإعلام والاتصال السابق حميد قرين، الذي أثرى المكتبة الرياضية خلال فترة الثمانينيات بعديد المؤلفات، وفي مقدمة ذلك موسوعة حول تاريخ الرياضة الجزائرية بلغة النتائج والأرقام، وكتاب حول جوهرة كرة القدم الجزائرية لخضر بلومي، كما خصص كتابا حول وفاق سطيف، موازاة مع تتويجه الإفريقي نهاية الثمانينات، في الوقت الذي حظي فريق جبهة التحرير الوطني بمؤلف ساهم فيه رابح سعد الله وجمال بن فارس، وآخر ألفه مؤخرا الصحفي المغترب فيصل شحات، فيما أصدر حسين صديقي نهاية الثمانينيات كتابا حول رشيد مخلوفي، ووثّق لهواري لمسيرة اللاعبين الذين تقصموا ألوان المنتخب الوطني منذ الاستقلال إلى نهاية الثمانينيات، فيما بذل الكاتب الإعلامي سعيد سلحاني خلال السنوات الأخيرة سلحاني جهودا كبيرة لنفض الغبار عن تاريخ كرة القدم الجزائرية، حيث ألف موسوعة شاملة حول تاريخ ونتائج جميع مباريات المنتخب الوطني منذ الاستقلال إلى غاية 2013، وعززها بموسوعة أخرى بنفس المنهج حول تاريخ ونتائج مباريات البطولة الجزائرية وكأس الجمهورية على مدار 52 سنة كاملة. في الوقت الذي صدر للكاتب ناصر بن عيسي حول مسيرة الجزائر في المونديال (نصف قرن من الذاكرة)، عن دار الشروق للإعلام والنشر.

عزالدين ميهوبي: الكرة تلعب في أمريكا كالشعر وفي أوربا كالنثر

وفي الشق الإبداعي، فقد برز وزير الثقافة الحالي عزالدين ميهوبي بمؤلفات يراها البعض بمثابة لبنة لتأسيس ما يصطلح عليه ب”الأدب الرياضي”، بلغة إبداعية أكثر منها إعلامية، حيث ألف 3 كتب هي (ومع ذلك فإنها تدور، كتاب جابولاني، ميسي والآخرون)، واعتبر عزالدين ميهوبي في حديث سابق ل”الشروق” بأن لعبة كرة القدم تحوّلت إلى ما يشبه الثّابت في أيّ مجتمع، لما تتسم به من متعة وإثارة وإبداع.. وعن العلاقة الموجودة بين الكرة والفن والأدب يلخص عزالدين ميهوبي وجهة نظره ل”الشروق” فيما يلي: “..يقول سيزار مينوتي، إنّ الكرة في أمريكا اللاتينيّة تُلعب كالشعر، أمّا في أوروبّا فيلعبونها كالنثر.. لهذا يحبّ النّاس لاعبي الأرجنتين والبرازيل والأورغواي وغيرهم من نجوم أمريكا الجنوبيّة.. لأنّهم يتعاطون الكرة كمتعة عالية، لهذا يطلقون على البرازيل منتخب السّامبا، والأرجنتين منتخب التانغو.. في حين تأخذ منتخبات العالم الأخرى أسماء الشياطين والمحاربين والطواحين والفراعنة والديكة.. ثمّ إنّ الإنسان يصفّق للكرة الجميلة مثلما يصفق لمقطوعة موسيقيّة أو مشهد مسرحيّ أو قصيدة شعر.. كلّ ذلك من إبداع الإنسان للإنسان..”. وفي هذا السياق، سبق لعزالدين ميهوبي أن ساهم في نشر عدة مؤلفات تصب في التوثيق لتاريخ الرياضة في الجزائر، حين كان مديرا لأسبوعية صدى الملاعب، من ذلك مؤلف حول بلومي وآخر حول ماجر، إضافة إلى كتاب حول تاريخ كأس العالم، وكذا “طرائف الملاعب”، وغيرها من المؤلفات التي رأت النور نهاية التسعينيات.

حفيظ دراجي: “الثقافة الرياضية غائبة وغالبية عشاق الرياضة لا يقرأون”

يعد المعلق الجزائري في قناة بين سبورت حفيظ دراجي من الأسماء التي خاضت مؤخرا تجربة الكتابة والتأليف موازاة مع مهنة التعليق والتحليل، بدليل الإصدار الذي نشر له منذ 4 سنوات، يضم مجموعة مقالات وآراء في الكرة ومجالات أخرى، ناهيك عن حضوره شبه المنتظم في وقت سابق بأعمدة وآراء على صفحات الجرائد. وفي هذا الإطار يؤكد دراجي لـ”الشروق” على غياب الثقافة الرياضية في الجزائر، معتبرا بأن غالبية عشاق الرياضة لا يقرأون المؤلفات كثيرا، وهذا على الرغم من ثراء الحركة الرياضية حسبه قوله بالأحداث وأبرز المحطات منذ الاستقلال، فيما حمّل الكاتب الإعلامي نجم الدين سيدي عثمان (صاحب رحلات جزائري في ربوع إفريقيا) المسؤولية للإعلاميين أنفسهم، بسبب اكتفائهم بتحرير الأخبار وعم اهتمامهم بخوض تجربة تأليف الكتب، مؤكدا على وجود القراء، وقلة اليوم حسب رأيه من تهتم بأمور غير الرياضة..

ناصر بن عيسى: “الأمية ساهمت في غياب ثقافة القراءة والتأليف”

على صعيد آخر، يرى مدير الأخبار المركزي في قناة الشروق ناصر بن عيسى، بأن هناك عدة عوامل ساهمت في ندرة المؤلفات الرياضية، من ذلك مشكل المقروئية في زمن الفايسبوك والانترنيت واليوتوب، وعليه حسب الإعلامي ناصر بن عيسى من الأفضل مثلا متابعة فيديو حول ميسي بدلا من مطالعة كتاب حول سيرته ومسيرته، وأعاب ناصر بن عيسى طغيان الأمية وسط النجوم الكروية، متسائلا عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء غياب مذكرات اللاعبين والمدربين القدامى، وكذا ظاهرة اعتزال البعض منهم للصحافة، مثل نجم وفاق سطيف في الثمانينيات نورالدين عجيسة، واللاعب السابق للمنتخب الوطني وترجي قالمة سريدي، وذهب ناصر بن عيسى بعيدا، حين استدل بعجز قناة بين سبورت في إيجاد محلل رياضي جزائري يتقن العربية، وهو المشكل نفسه الذي تتخبط فيه مختلف القنوات الجزائرية، أما في الشق التاريخي، فقد ذهب إلى قناعة بغياب الموضوعية، في ظل إصرار كل طرف على منطق “فولي طياب”

سعيد سلحاني: “اهتمام الجزائريين بالأرشيف حفزني على النشر رغم العراقيل”

يرى الكاتب الإعلامي سعيد سلحاني يعد مشكلة كبيرة تحول دون تطوير آليات التأليف بشكل عام، وفي الشق الرياضي على الخصوص، وهذا بسبب غلاء تكاليف الطبع، ناهيك عن صعوبة العثور على دار نشر تقبل بطبع المؤلفات الرياضية، كما أشار المدير السابق لجريدة “الشباك” إلى غياب كتّاب متخصصين، حيث قال في هذا الجانب “إذا لم يكتب الصحافيين فلا احد يكتب أو يؤلف في الشق الرياضي”، كما تطرق سلحاني إلى منافسة الانترنيت لكل ما هو ورقي وهذا بصرف النظر عن نوعية وصحة المعلومة، وكذا عدم امتلاك مختلف الهيئات لتقاليد في مجال الأرشيف، بما في ذلك الاتحاديات والرابطات وحتى المؤسسات الإعلامية، وعن تجربته في مجال التأليف الرياضي يقول سعيد سلحاني لـ”الشروق” بأنها كانت متعبة، وتطلبت منه الكثير من التضحيات، بغية التوثيق لتاريخ الحركة الرياضية منذ الاستقلال، ما جعله يستغل الذاكرة الشفوية والأرشيف المتاح لتأليف موسوعتين بطبعتين مكلفتين، من منطلق قناعته بان الكتاب الجيد ستطول مدته، ولو أنه أعاب على الهيئات الكروية عدم تكليف نفسها عناء اقتناء كتبه التي اعتبرها مرجعا هاما للحركة الرياضية على مدار 55 سنة كاملة. من جانب آخر سعيد سلحاني تجربته مع التأليف الرياضي بالمهمة، خاصة وأنها سمحت له باكتشاف شريحة مهمة من المواطنين في ربوع، هوايتهم جمع الأرشيف والاعتناء به (كتب ومجلات قديمة وغيرها)، ما جعله يفكر جديا في تأسيس جمعية لتوحيد جهودهم، في الوقت الذي يطمح في تأليف كتب أخرى في الرياضة تضاف إلى موسوعته حول تاريخ المنتخب الوطني بلغة الأرقام، وموسوعة أخرى حول تاريخ البطولة والوطنية وكأس الجمهورية منذ الاستقلال، وكتابه الأخير حول تاريخ ومسار شباب بلوزداد على مدار 55 سنة، في الوقت يضع آخر اللمسات لإصدار كتاب حول وفاق سطيف، إضافة إلى مشاريع أخرى فضّل تأجيل الكشف عنها.

عياش سنوسي: “لا شيء يُغري.. وسعيد بتأليف كتابين حول بلومي ومرسلي”

أكد الإعلامي عياش سنوسي، بأنه لا شيء يغري في الساحة الرياضية، ولا أحد بإمكانه جلب الأنظار كما في زمن بلومي وعصاد وماجر وغيرهم، أو في زمن رشيد مخلوفي، حيث نجوم فريق الجبهة ورجالاتها، مضيفا بالقول “لو اتجهنا لألعاب القوى لوجدنا عمالقة اللعبة في صورة الأخوين مرسلي وبولمرقة وبوطمين وغيرهم، وفي كرة اليد عمالقة أيضا في صورة درواز وبن جميل وعمر عازب وبلحسين وغيرهم، على خلاف ما هو سائد في الوقت الحالي”، كما أرجع محدثنا السبب إلى عامل آخر، وهو محدودية مستوى قاري الرياضة مقارنة بقارئ كتب الأدب والسياسة والتاريخ، فضلا عن عدم استعداده لاقتناء كتاب بقيمة 1000 دينار مثلا، وهو الذي يشقى من أجل متابعة مباراة، وخلص عياش سنوسي إلى القول بأن أغلب المهتمين بالرياضة لا يمتلكون ثقافة القراءة في الجزائر. على صعيد آخر، بدا عياش سنوسي مرتاحا لتجربته في مجال التأليف الرياضي، والتي وصفها بالمفيدة، بحكم أنها سمحت له بخوض مجال كان يطمح في خوضه مند مدة، ومكنته حسب محدثنا من التعريف بنجمين بارزين في رياضتين مختلفتين (بلومي ومرسلي)، خصوصا تجربة مذكرات نورالدين مرسلي التي فتحت له حسب عياش سنوسي فرصة للتعرف على الأسطورة مرسلي الإنسان قبل العداء”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!