-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا لا يدعو هؤلاء للمرابطين؟!

سلطان بركاني
  • 2438
  • 1
لماذا لا يدعو هؤلاء للمرابطين؟!

صليت الجمعة مرّة بأحد مساجد العاصمة، خلف إمام سلفيّ يلتزم الفقه السلفي المعاصر حذو القذة بالقذة، وكان لافتا أنّه تجنب الحديث أو الإشارة ولو على هامش خطبته إلى أحداث غزّة، واكتفى بدعاء مقتضب في آخر خطبته بالنصر للمستضعفين في فلسطين، ولم يذكر غزّة بكلمة، بل إنّه لم يدع للمرابطين والمجاهدين ولم يَجر ذكرهم على لسانه.. والحقّ أنّ هذا المنحى في التعامل مع أحداث غزّة هو ما عليه كثير من الأئمة السلفيين منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، حيث يتحاشون أيّ إشادة أو إشارة إلى البطولات التي تسطرها كتائب العزّ في غزّة، ولا يخصّونهم بأيّ دعوة! إنّما يتوجّهون بالدّعاء لـ”المستضعفين في فلسطين”، أو لـ”إخواننا في فلسطين”.

لا يُكثر هؤلاء الأئمّة من الحديث عن الهمّ الأكبر الذي يشغل الأمّة منذ أكثر من أربعة أشهر، وفي المرات القليلة التي يعرّجون فيها على موضوع السّاعة، تجدهم يركّزون على حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال الصهيونيّ على المدنيين في القطاع، دون ذكر لما يصيب الصهاينة من قرح وخيبة وما ينتابهم من خوف وذعر، وكأنّ هؤلاء الأئمّة لا يريدون أن يذكروا كتائب الرباط والجهاد بخير أو يتحدّثوا عن بطولاتها، لأنّها -حسب بعضهم- ليست هي الطائفة المنصورة ولا تأخذ عن “كبار العلماء”، بل إنّ بعض هؤلاء الخطباء يُشعر من يحضر خطبه بأنّه يريدن أن يبعث برسالة مفادها أنّ المسلمين في قطاع غزّة يدفعون ثمن تهوّر حماس الإخوانية! وهو ما صرّح به رموز التيار المدخليّ منذ بداية الأحداث!

كثير من إخواننا السلفيين أئمّة ودعاة جهروا بتأييدهم للمقاومة ودعوا لها بالنصر والظّفر، مع إبدائهم بعض الاختلاف معها، لكنّ أكثر السلفيين لم يجرؤوا عل ذلك، خوفا من التصنيفات الجاهزة التي يطلقها رعاع المدخلية! فتجد الإمام السلفيّ يتحاشى الدعاء للمرابطين حتّى لا ينفضّ عنه هواة التجريح وينقلوا عنه أنّه يدعو بالنّصر لأهل البدع!

هناك أئمة سلفيون يعيشون الأحداث بقلوبهم وألسنتهم، ويثنون خيرا على المرابطين ويجزلون لهم الدّعاء بالثّبات والنّصر، لكنّهم ربّما يمثّلون قلّة مقارنة بالأئمة السلفيين الذين ينكثون عن هذا الواجب مجاملة لأتباع الطّائفة المدخليّة المتمسّحة بالسلفية والمعادية لرايات المقاومة.

والأكثر غرابة من هذا، أنّ بعض سلفيي غزّة نفسها، وهم قلّة في القطاع، يكتبون على مواقع التواصل بلغة تشعرك أنّ ما يحدث هو عربدة صهيونيّة على المدنيين، لا تلقى أيّ مواجهة، وليس هناك أيّ مقاومة تربك الصهاينة وتفسد خططهم التي أعدوها لاستباحة الأقصى والانطلاق إلى ما بعده لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”! وقد تابعت أحد الدعاة المشهورين في غزة ممن يميل إلى تبنّي الأدبيات السلفية المعاصرة في قضايا الأمة، فألفيته -للأمانة- يكتب تغريدات مؤثّرة يتحدّث فيها عن مأساة المدنيين في القطاع، ويبعث برسائل موجعة للأمّة بأن تدرك من أنهكتهم الحرب والتشريد وآلمهم الجوع والقهر، وهذا سعي مشكور ومحمود لهذا الداعية جزاه الله خيرا، لكنّ ما يشدّ الانتباه في تغريداته أنّه ومنذ انطلاق شرارة طوفان الأقصى، لم يذكر المقاومة بكلمة واحدة، ولم يرفع لها دعوة واحدة!

لقد بلغت سطوة الفكر المدخليّ إلى حدّ جعل كثيرا من السلفيين يتنكّرون لأصل مهمّ أجمع عليه أئمّة الإسلام قديما والمعتدّ بهم حديثا، هو أنّ المسلم يتعيّن عليه أن يقف مع أخيه المسلم ولو كان من أصحاب البدع المغلّظة إذا كان في مواجهةٍ مع عدوّ كافر، لأنّ المبتدع يسعى إلى إدخال المسلمين إلى إسلام فيه دخن، بينما الكافر يريد لهم أن يخرجوا من الإسلام بالكلية، قال ابن تيمية -رحمه الله-: “وقد ذهب كثير من مبتدعة المسلمين من الرافضة والجهمية وغيرهم إلى بلاد الكفار، فأسلم على يديه خلق كثير، وانتفعوا بذلك، وصاروا مسلمين مبتدعين، وهو خير من أن يكونوا كفارا” (مجموع الفتاوى: 13/ 96).. بل إنّ أعلام الأمّة قد نصّوا على أنّ من تمنّى نصرة الكافر على المسلم ولو كان مبتدعا فقد ارتدّ عن دين الله.

هذا لو تماهينا مع دعاة التّجريح وسلّمنا لهم جدلا بأنّ المرابطين في أرض غزّة من المبتدعة (!) كيف والمجاهدون هناك هم صفوة أهل السنّة، بل هم الشامة البيضاء النّاصعة في جبين الأمّة، وهم الميزان الذي يعرف به الحقّ في هذا الزّمان، وهم من الطائفة المنصورة التي بشّر بها النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم-؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • نحن هنا

    جزاك الله خير الجزاء