-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا يدعّم الغرب اللاشرعية في فلسطين؟

لماذا يدعّم الغرب اللاشرعية في فلسطين؟

لطالما أوجع الغرب رؤوس الشعوب العربية والإسلامية بضرورة الحلول الديمقراطية، وبالبديل الديمقراطي القائم على أساس الانتخابات الحرة والنزيهة، لإحداث ما يسميه التغيير الجذري نحو التقدّم والعصرنة وإقامة الشرعية.. بل ولطالما وضع ذلك كشرط من دونه لن يتم الرضا على أي نظام سياسي قائم! لماذا لا يتم اليوم الدعوة إلى ذلك في فلسطين؟

لماذا يتم فرض الحلول بقوة السلاح ويجري تعزيز جيش الإبادة الصهيوني لكي ينتصر سياسيا؟ لماذا لا يقول الغرب اليوم إنه ينبغي انتخاب حكومة ديمقراطيا في غزة وفي الضفة الغربية؟ لماذا لا ترفع راية حرية الاختيار للشعوب عندما يتعلق الأمر بفلسطين أو بأي شعب آخر بلغ درجة من الوعي أصبح فيها قادرا على اختيار حكّامه؟ بل لماذا تزكّي المتغلب من جهة والمفروض شعبيا من جهة أخرى؟ ولماذا تسعى القوى الغربية الكبرى وعلى رأسها أمريكا اليوم لفرض حكومة غير منتخبة ديمقراطيا وغير شرعية على الشعب الفلسطيني؟ أين هي المبادئ العالمية التي ما فتئت القوى الغربية مجتمعة تنصّب نفسها مدعّمة لها وحارسة عليها وحريصة على أن تعمّ العالم…؟ أليس هذا سقوطا آخر للقيم الديمقراطية الغربية أمام تحدّيات الواقع وحقيقة ما تريده الشعوب؟
إنهم يدركون اليوم، كما أدركوا من قبل بالنسبة للقوى الوطنية المعارضة للنموذج الغربي لدى الشعوب العربية والإسلامية، أن الفلسطينيين لو سمح لهم باختيار من يمثّلهم في الحكم، بعد التضحيات الجسّام التي قدّموها في قطاع غزة، وفي الضفة الغربية والشتات، لاختاروا رموز المقاومة تقودهم بكل شفافية وبكل نزاهة.. بل لو خيّرت كل الأمة الإسلامية اليوم، وسمح لها بإجراء انتخابات حرة ونزيهة كما يسمّونها، لاختارت رموز المقاومة والنضال الوطني المناهض للتغريب والمسخ والتبعية للقوى الاستعمارية الظالمة من بين كافة البدائل… لماذا يهرب الغرب من هذا الخيار في فلسطين بالخصوص ويعمل على مناصرة ودعم اللاشرعية في قمة تجلّياتها؟
يبدو أن اللعبة باتت واضحة أكثر اليوم بشأن الدعوة إلى الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، إنها وسيلة لمنع التيارات الوطنية الرافضة للهيمنة الغربية والتغريب من الوصول إلى الحكم في أي بلد من البلدان، وليست أبدا وسيلة لإقامة الشرعية، رأينا ذلك يتجلى في أكثر من بلد عربي ومسلم، ونراه  يتجلى اليوم في فلسطين بوضوح أكبر: لا أحد من القادة الغربيين يتجرأ ويطالب بانتخابات ديمقراطية في الضفة الغربية والقطاع لحل مشكلة من يحكم في اليوم التالي بعد حرب الإبادة التي مازال يدعمها في القطاع، ولا أحد منهم يدعو إلى ذلك، بل هناك شبه اتفاق جماعي أن القيادة الفلسطينية ينبغي أن تصنع صناعة غربية على أيديهم ويتم فرضها فرضا خارج الاختيارات الحرة للشعوب على يد الأمريكان الغربيين ومن والاهم.. وإذا اقتضى الأمر تفرض عبر الإبادة الجماعية إن أصرّ الشعب الفلسطيني على خيار الكفاح المسلح.. لذلك بات اليوم من الضروري إدراج مثل هذا المطلب ضمن شروط التفاوض بالنسبة للمقاومة..  أن يحكم الشعب الفلسطيني من يرضاه هذا الشعب لا من تفرضه القوى الدولية والمحلية، أن يحترم العالم إرادة الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسّام، ألا يصادر هذه التضحيات بفرض اللاشرعية عليه بحجة أنها تستطيع توفير الغذاء والدواء.. وإن لم يفعل، على الأقل أن يتوقف عن دعوتنا إلى تبني النظام الديمقراطي، وأن يأمر أتباعه ممن يعتبرهم رموز العمل الديمقراطي في بلداننا أن يكفوا عن تذكيرنا بأن الديمقراطية على طريقتهم هي الحل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!