-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لما تتسبب السلة في انتشار الفوضى

عابد شارف
  • 4141
  • 1
لما تتسبب السلة في انتشار الفوضى

تحولت الجزائر من نظام عطلة نهاية الأسبوع إلى نظام آخر في منتصف الشهر الماضي. وبعد أن كانت عطلة نهاية الأسبوع تمتد من الخميس إلى الجمعة، أصبحت تشمل الجمعة والسبت. وأهم ما تميز به هذا التغيير لا يتعلق برفض تيارات سياسية أو دينية لهذا القرار، ولا بوجود أحزاب أو كتلة سياسية تعارضه، بل أهم ما أثار الجدل هو تصرف المسئولين الكبار في الدولة حول طريقة تطبيقه.

  • وكان الكثير يعتقد أن التيارات الدينية ستجعل من هذه القضية حجة لمحاربة السلطة. لكنه اتضح بسرعة أن الحجة الدينية ضعيفة لرفض القرار، كما أن الأحزاب التي من الممكن أن تعارض تغيير نهاية الأسبوع أصبحت تأكل في أيدي السلطة ولا تستطيع أن تحرك ساكنا. ولعل سكوت حماس أحسن دليل على ذلك، حيث أن السيد بوقرة سلطاني مثلا سكت سكوت السارق الذي يمر أمام المسجد.
  • أما طريقة تطبيق القرار فقد أدت إلى فوضى كبرى، وتحول نظام نهاية الأسبوع الذي قيل عنه إنه عالمي إلى نظام شبه قبلي أو شبه مهني، حيث أن كل فئة أو مهنة أو طائفة صنعت لنفسها عطلة حسب ما يرضيها.
  • وفي البريد مثلا، جاء القرار ليؤكد أن عطلة نهاية الأسبوع ستكون يوم الجمعة، بينما يعمل الجميع يوم السبت، وكأن القرار لا يؤثر على هذا القطاع. ولاحظنا أن عددا من المتاجر الكبرى مثل “الربيع ـ printemps” لا تشتغل الجمعة في حين تشتغل يوم السبت، واختارت نهاية الأسبوع التي تليق بها.
  • ولم تنج من هذه الظاهرة المؤسسات العمومية، وأبرزها المطابع. وقد بقيت هذه المؤسسات تعمل بطريقة غريبة، حيث أنها تشتغل يوم الجمعة بعد الظهر وتأخذ عطلة يوم الخميس، مما يفرض على الجرائد أن تصدر يوم السبت وتحتجب يوم الجمعة. وبطبيعة الحال فإن مثل هذا القرار يؤدي إلى سلسلة من النتائج منها أن شركات التوزيع والأكشاك التي تبيع الجرائد تجد نفسها مضطرة إلى العمل يوم السبت…
  • ولما اختلطت الأمور في بعض القطاعات، تدخل مسئولون في الدولة من أجل حل المشكل، فزادوا الوضع تعقيدا. ففي قطاع التعليم مثلا، قال مسئول كبير إن يوم الجمعة يبقى محرما، واقترحت الوزارة اللجوء إلى الدراسة يوم السبت صباحا، أو إلغاء راحة منتصف الأسبوع. ولا يليق مثل هذا الكلام بأناس في هذه المناصب، حيث لا يعقل أن العائلة تدخل عطلة نهاية الأسبوع الجمعة صباحا ثم تعود للنشاط السبت صباحا على أن يكون ظهر السبت مخصصا للراحة… ولا نعرف كيف ستتصرف إدارة قطاع التربية مع هذه القضية، لكن يبقى أسوأ حل محتمل… وأكد لنا عدد من عمال قطاع الصحة أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لاتباع هذا النظام الغريب، حيث أنهم لا يعملون يوم الجمعة لكنهم يعودون للعمل يوم السبت صباحا ثم يغادرون العمل بعد ظهر السبت…
  • وتشير هذه “الخالوطة” إلى انهيار المؤسسات، وغياب الانضباط في مختلف الأجهزة. ومن المفروض أن قرارا من هذا النوع يفرض نفسه على الفئات والهيئات، وأن الحكومة تدرس بدقة نتائجه على كل القطاعات قبل صدوره، وتحدد بدقة طريقة تطبيقه، حتى يبقى القانون سيدا يفرض نفسه على كل الناس.
  • أما إذا كانت السلطة نفسها لا تحترم قوانينها، أو تشجع على عدم احترامها، أو تتغافل أمام الاعتداء على القانون من طرف بعض الجهات، فإنها تقضي على أحد أهم أسباب وجود الدولة. وكانت السلطة في الماضي تشجع بعض المؤسسات على تغيير عطلة نهاية الأسبوع تحضيرا للقرار الجديد، لكنها اليوم تجد نفسها أمام فوضى كانت السلطة قد تسببت فيها بنفسها، وأصبحت اليوم عاجزة عن مواجهتها. وبغض النظر عن موقف هذا الطرف أو ذاك من قرار تغيير عطلة نهاية الأسبوع، فإنه يبقى على الدولة أن تتخذ قرارات تستطيع أن تطبقها، وتفرض احترامها من طرف الجميع. وإن لم تحترم هذه القواعد البسيطة، فإن السلطة تصبح خطرا على البلاد، لأنها تتحول إلى عامل لانتشار الفوضى.

 

 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جلول

    لم يكن تغيير العطلة شأنا وطنيا . والتخوف ان يكون شكلا من اشكال التطبيع مع العدو الاسرائلي و بشكل التفافي . و قبيل احتفالات الاستقلال كشر ساركوزي عن انيابه تجاه الجزائر و قاد حملة مركزة و شديدة في علنها قضية الرعية الفرنسية و مغني الراي و قضية تبحريين . اما في سرها قضايا اخري تتعلق بالهيمنة الاقتصادية علي السوق الجزائري و دفع الجزائر للتطبيع مع الكيان الاسرائلي بصفة ضمنية و بالتدريج .
    و ما يؤكد ذالك فجائية و سرعة تطبيق القرار الذي لم يحضي بكامل الدراسة المستفيضة .
    ففي التعليم علي سبيل المثال سوف يصبح التلميذ كالعامل يبذل مجهود لمدة ثماني ساعات طوال اليوم هذا في الثانوي و المتوسط اما في الابتدائي سوف يبذل ذالك الطفل الذي لم يتجاوز وزنه 20 كلغ ست 06 ساعات يوميا و بدون راحة .
    مع العلم ان المجهود الفكري و تلقي العلم فيه مشقة و يتطلب تغذية صحية ومتوازنة للحفاظ علي نمو الاطفال بشكل طبيعي . وهذا المجهود الفكري اخطر من المجهود العظلي .
    مع العلم ان معظم المدارس لا تتوفر علي المطاعم المدرسية لتعويض ذالك الحجم المكثف الذي يبذله خلال يوم كامل و بدون انقطاع . كما ان اغلب الاسر الجزائرية فقيرة و غير قادرة علي توفير الغذاء المتوازن و الصحي . وكذا عدم توفر اغلب المدارس علي السيارات النفعية . فالتلميذ يقضي ثماني ساعات بدون انقطاع في المدرسة ويتعرض للحوادث و غيرها . كما ان ذالك الطفل حرمته الحكومة من البراءة و حرمته حتي من فسحته اليومية في اللعب . فهو يتوجه للمدرسة ليلا و يعود الي البيت ليلا . و لا ننسي مخاطر الطرق من الاعتداء و الاختطاف و الاغتصاب و غيرها من الظواهر المنتشرة و التي سوف تزداد و خاصة في المساء عند خروج التلاميذ علي الساعة الخامسة مساءا و هي فترة بداية الليل في معظم ايام الدراسة .
    و هكذا اصبح بين عشية و ضحاها ذالك الجسم النحيف و الصغير و علي اثر قرار ارتجالي لارضاء فرنسا و غيرها او انه قرار انتقامي من باني الدولة الجزائرية الحديثة يتعرض للاعمال الشاقة و الصخرة .
    وماذا استفاد الاقتصاد الوطني قد يقول قائل يوم الخميس كاملا . ومن كان يجبر ادارة الموانئ و البنوك و التامينات و غيرها من المصالح التي لها علاقة بالاستراد فقط فالتصدير غير موجود ان تعمل تلك الهيئات يومي الخميس و حتي الجمعة نصف يوم ان امكن . وهذا ما كان مطبقا فعليا قبل التغيير المشؤوم . و الذي يزيد في تفكيك وحدة الشعب الجزائري فقطاع الدولة يعطل يوم السبت اما القطاع الحر فهو يعمل . و من يجبر هؤلاء علي تطبيق ذالك القرار الكارثي .