الرأي

لن تسقط هيبة الشعب المصري

محمد سليم قلالة
  • 3267
  • 4

لكي تعلو هيبة الدولة ينبغي أن تسقط هيبة الشعب، وينبغي أن يكون أداة طيّعة في يد الحاكم يأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه. هناك فهم غريب للولاء للدولة في العالم العربي اليوم، وهناك خلط واضح بين الولاء للدولة والولاء للسلطة والولاء لشخص الحاكم أو للعصبة الحاكمة، يتجسد ذلك اليوم بوضوح في مصر، حيث أصبح الحفاظ على هيبة الدولة هو المبرر الأول للإطاحة بهيبة الشعب، ولو كان جزءا من الشعب، ولو كان هذا الجزء هم الإخوان المسلمون.

الأمم التي تحترم نفسها تحترم إرادة كل مواطن فيها، وكل رأي يبديه، وإن خالفها في ذلك، تثنيه بالوسائل السلمية مهما انتظرت وصبرت، أما الحُكّام الذين لا يحترمون شعوبهم  فبمجرد الاختلاف في الرأي يتم استخدام العصا الغليظة، والسلاح والقتل، لسان حالهم يقول: ينبغي أن تقبل بي وأنت خائف لا وأنت مقتنع، ينبغي أن أتهمك بالخيانة والعمالة للأجنبي قبل أن أقضي عليك، ينبغي أن أعرف بأنك تقبل بي على مضض ويسعدني ذلك، بأنك تنافقني وتبدي الولاء لي وأنت غير راض ولا مقتنع ويُفرحني ذلك… يحلو لحاكم مصر اليوم أن يخافه شعبه، أن يختبئ من بوليسه وحرصه، أن ترتعد فرائصه خوفا من زوار الفجر، أن تخاف الزوجة على زوجها والأبناء على والدهم والأمهات على فلذات أكبادهم. ويسمي هذا: انتصارا لهيبة الدولة… يحلو له أن يتكلم الناس اليوم عن بطشه وجبروته وقدرته على فض الاعتصامات، ويزهو بأنه فعلها ولا يخاف، يزهو على الانتصار على شعبه بحد السيف ويُسمي ذلك انتصارا لهيبة الدولة، وهو في الواقع تحطيم لهيبة شعب وحضارة بأكملها.

 

سيضحك حاكم مصر بلا تأنيب ضمير وهو يرى أمهات تبكي، ونساء يترملن، وآباء مكلومين، وأطفال يتامى، وأملاك محروقة، وسجون ممتلئة عن آخرها، ومخافر شرطة لا تتوقف عن استقبال المعتقلين، ويسمي ذلك انتصارا وقدرة على فرض الهيبة، أية هيبة هذه التي لا يبكي حاكم مصر الأول فيه على من يموت من أبناء شعبه إنما يحس بنشوة الانتصار؟ أي خطاب رسمي هذا الذي يؤجج المصريين على المصريين، ويصب النار على الزيت، ويتهم من عارضه بممارسة العنف وبالعمالة للأجنبي وهو ينادي سلمية سلمية؟ أي خطاب هذا يشكك في وطنية المصري الذي يموت في حب بلده حتى النخاع، ويشكك في سماحة المصري الذي يرفض أن يقتل أخيه؟ بل ويشكك في قرون من الحضارة منعت هذا الشعب من أن يرفع السلاح ضد بعضه البعض؟ بل ويشكك العالم أجمع في مصر الحضارة والتاريخ والثقافة والأدب والفن؟ أي سياسة هذه التي تُحطّم كل هذا؟ وأي تبرير يمكن أن يقدم لها سواء حب البقاء في الحكم ورفض قبول سنة التغيير القادم لا محالة اليوم أو غدا؟. 

مقالات ذات صلة