الجزائر
قال إن الغش والتحايل شوه سمعتها.. الباحث عمر صافي لـ"الشروق":

لهذه الأسباب تخلفت الجامعة الجزائرية عن نظيرتها الفرنسية والأوروبية

صالح سعودي
  • 2182
  • 9
أرشيف

أكد الباحث الجزائري عمر صافي الذي يشتغل في جامعة مرسيليا 3 (بول سيزان) بفرنسا، أنه لا مجال للمقارنة بين الجامعة الفرنسية ونظيرتها الجزائرية، مشيرا إلى أن الحقبة التاريخية الماضية وتداعياتها كان لها نصيب كبير في التأسيس لهذه الحقيقة، وقال إن أي متابع للتطور العلمي يلاحظ أنّ الإنتاج الأكاديمي الجزائري ظل ومنذ سنين يراوح مكانه، ولم يرقَ إلى مستوى الحركية العلمية والأدبية العالمية.

أوضح الدكتور عمر صافي لـ”الشروق” أن البحث العلمي في الجزائر بقى عقيماً مقارنة مع الإنتاج الأوروبي، رغم أنّ هذا الأخير حسب عمر صافي يبقى بعيدا عن نظيره في الولايات المتحدة الأمريكية، مرجعا ذلك إلى تفكك الذهنية العلمية في الجزائر واكتفائها بتحقيق القليل، في ظلّ سيطرة ثقافة التواكل داخل المجتمع، ما تسبب حسب قوله في تحطيم الإرادات والكفاءات، وعطلت الاجتهاد في تقديم البرامج والمشاريع المستقبلية وما لها من رؤى استراتيجية بناءة.

وقال الباحث عمر صافي لـ”الشروق”: “هناك غياب ثقافة البناء الجاد الهادف بعد أن حلّت مكانها ثقافة النهب والسلب، حيث هُمّش الباحث والأستاذ ليبقى دوره محصوراً في محاضرات لا يتعدى أثرها أسوار مدرجات الجامعة”، مؤكدا على إشكالية انخفاض الدعم المادي المقدم للبحث العلمي من طرف الحكومات المتعاقبة، فالبحث العلمي حسب قوله يظل أمرا ثانويا في المنظومة التربوية والقانونية والعلمية في الجزائر، بدليل عدم توفر أغلب المخابر الجامعية العلمية على الشروط الحقيقية المتوفرة في أوروبا وأمريكا، وكذا افتقاد الساحة الجامعية الجزائرية مؤتمرات علمية دولية تُعرض فيها زبدة الأبحاث العلمية التي تُقدّم فيها توصيات لتُطبّق ولو في حدّها الأدنى.

وانتقد ابن عنابة اعتماد سياسة الحكومات الجزائرية المتعاقبة على الكمّ على حساب الكيف، من خلال فتح الجامعة على مصراعيها لعدد كبير من الطلبة الذين لا تتوفر فيهم معايير المنظومة التربوية الحقيقية، وضعف البرنامج العلمي الوطني مقارنة بنظيره الأوروبي، وهذا بعد أن همشت الإطارات الحقيقية المتخصصة بإسناد المسؤوليات العلمية لطبقة من المرتشين والميكيافيليين والمصلحيين المرتبطين بأجندة سياسوية حزبية، فسادت حسب محدثنا الرداءة وقلّ الإنتاج، ما أدى إلى انكماش البحث العلمي وتقوقعه في درجة متأخرة من سُلم العالم. وأوضح الباحث عمر صافي لـ”الشروق” أن الجامعة الأوروبية عموما والفرنسية خصوصاً لا تزال تؤكد على النوعية، وكمثالٍ على ذلك، ظلت السنة التحضيرية في كليات الطب والصيدلة شرطا أساسيا للالتحاق بمدرجاتها، بل وللمشاركة في مسابقة الدخول إليها، حيث يتم انتقاء 10 بالمائة فقط من مجموع الطلبة الذين زاولوا السنة التحضيرية، يحدث ذلك حسب ابن عنابة رغم أنّ أغلب الدول الأوروبية ومنها فرنسا في حاجة ماسة إلى أطباء وصيادلة، وهذا لتفضيلهم النوعية على الكمّ.

ولم يخف الدكتور عمر صافي تأسفه بسبب تدني مستوى شهادة البكالوريا الجزائرية مقارنة بغيرها من البكالوريات الأوروبية، خصوصا أن البكالوريا الجزائرية كانت حسب قوله من أحسن البكالوريات في العالم، وهذا بشهادة منظمة اليونيسكو، مؤكدا أن الغش والتحايل أصبح أسلوبا ممتهنا ومعيشا خلال امتحان البكالوريا الحالي، دون أن ننسى- يضيف الباحث عمر صافي- غياب الإطار الأجنبي الكفء عن الجامعة الجزائرية، معتبرا أن مرحلة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات كانت من أخصب المراحل بوجود المتعاون الأجنبي الذي أضاف لبنة أساسية للجامعة الجزائرية، وهذا بوجود الأمريكيين في بومرداس والفرنسيين في قسنطينة ووهران والعاصمة دون أن ننسى الإطار الروسي أو السوفياتي سابقا في معاهد عنابة المختلفة.

مقالات ذات صلة