-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لهم البيت الأبيض.. ولنا اليوم الأسود!

قادة بن عمار
  • 1909
  • 8
لهم البيت الأبيض.. ولنا اليوم الأسود!
ح.م

من يستمع إلى قائمة الاتهامات الخطيرة التي تحدَّث بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التزوير في بلاده، وفساد العملية الانتخابية، وسرقة منافسيه للأصوات، سيعتقد للوهلة الأولى أن “مسّا من العالم الثالث” قد أصاب الرجل، وأن كلامه يتعلق بدولة فاشلة من دولنا المتخلفة سياسيا وديمقراطيا، وليس عن دولة كبيرة مثل أمريكا، لها تقاليد ديمقراطية متجذرة وممارساتٌ راسخة ونخب قوية.

حالة غير مسبوقة عندهم، لكنها دائمة وعادية جدا عندنا، من حالات عدم اليقين والخوف لدى الناس من انزلاقات أمنية خطيرة، بل وتهديد مباشر من طرف الرئيس الحاكم، بعدم تسليم السلطة نتيجة التزوير، وبسبب حرق الأصوات، والاستعانة بالموتى في العملية الانتخابية… وهي كلها أمورٌ اعتدنا عليها في دولنا، وكنا نعتقد أنّها ميزات حصرية في “أعراسنا الانتخابية” فقط!

يحدث كل هذا، في ظلّ متابعة كبيرة وغير مسبوقة من طرف الإعلام العالمي وحتى العربي لهذا السباق نحو البيت الأبيض “في اليوم الأسود”، وعلى ذكر الإعلام العربي، فقد أهمل كلَّ أخبار العراق وفلسطين وسوريا واليمن والسودان وكل المنطقة، وأجّل الكلام عنها إلى غاية الفصل في انتخاب زعيم جديد لأمريكا وللعالم، زعيم سيتكفل بحلّ كل تلك المشاكل والأزمات أو سيتكفل بإطالتها والتمديد في عمرها.

بعض هذا الإعلام العربي أبدى، وحسب من يموّله، انحيازا كبيرا لترامب، بل واعتبر خسارته وخروجه من البيت الأبيض نكسة قوية تستدعي إعلان الحداد ثلاثة أيام.. مثل أيام الفرز!

في الوقت الذي انقلب فيه آخرون خلال ربع الساعة الأخير، فتحوّلوا من أحضان “الفيل الجمهوري” ترامب الى أحضان “الحمار الديمقراطي” بايدن، فليس مهمّا، من يحضن من، ولا هوية الحاضن إن كان فيلا أو حمارا، لكن المهمّ أن يكون راضيا وداعما وحاميا لهذه الأنظمة المفلسة أخلاقيا وسياسيا.. وعاطفيا!

وقد لا يكون سرّا القول أيضا إنه لا فرق بين ترامب وبايدن سوى في أسلوب الحُضن والاحتضان، فهما يتفقان على مبدأ واحد: “أخذ من لا يستحقّ ممن لا يملك”، لكن الطريقة تختلف؛ فترامب كان واضحا وصريحا ومباشرا، في حين أن بايدن يبدو مُداعبا وناعما ومهادنا!

الغريب أن الوضع الذي وصلت إليه انتخابات أمريكا من تراشق كبير بتهمة التزوير، ساهمت في دعم نظرية الاستبداد في العالم العربي، وفي تقوية حجج المستبدِّين القائمة على نفي وجود ديمقراطية “كاملة الدسم” في العالم ككل، وفي عدم وجود إعلام حرّ ومحايد بالمطلق، بدليل ما تفعله شبكات التلفزيون مع ترامب وما يمارسه تويتر وفايسبوك دفاعا عن مصالحهما، وليس عن الديمقراطية، وهي حججٌ وإن كانت حقيقية، لكنها تشبه ما نسميه “حقا يراد به باطل”.

الأمر يشبه ما وقع بين بوش الابن وآل غور قبل سنوات، حين فاز الأول بفارق ضئيل جدا، ومع تهم بالتزوير أيضا، إذ خرج بعض السياسيين في العالم العربي، وكلما طالبهم البعض بالشفافية، للاستدلال بالحالة الأمريكية، قائلين: لا شفافية حتى في أمريكا التي فاز رئيسُها بالتزوير!

وطبعا، لن نُجهد أنفسنا في الحديث هنا عن الفروق الشاسعة والواسعة بين تزوير أمريكا وتزويرنا، شفافيتهم وشفافيتنا، ديمقراطيتهم وديمقراطيتنا، إعلامهم وإعلامنا، لكن الحالة الترامبية تستدعي التوقف والتحليل؛ فلا يوجد رئيس أمريكي ساهم في تنفيذ وعود قطعها على نفسه مثل ترامب، اقتصاديا وسياسيا وحتى عسكريا، ولا يوجد رئيسٌ واجه الإعلام بشكل مباشر وصريح، ودعم الكيان الصهيوني بكل ما يملك مثل ترامب، ولأنه أخفق في امتحان واحد، هو كورونا، أسقطه الشعبُ الأمريكي عند أول فرصة انتخابية، وأعاده إلى بيته.

أما نحن، ويا أسفاه على “نحن”، فالرؤساء والملوك عندنا لا ينفذون وعودهم مطلقا، بل لا يعدون بشيء سوى بالبقاء في الحكم، وبالاستمرار فيه، جيلا بعد جيل، وأبا عن جدّ، تحت عناوين ومسميات مختلفة.. الرئيس الضرورة.. والزعيم الذي لا غنى عنه، والحاكم الخالد، هذا الحاكم الأبدي الذي قد يغيّر أي شيء، بما في ذلك الشعب، لكنه لا يتغير، وقد يرهن كل ما يملك، بما في ذلك الوطن، لكنه لا يفكر لحظة واحدة في الترجّل عن منصبه أو في التخلي عن نفوذه وسلطته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • قدور لنقري

    يا خويا قادة !
    ما بقى في هذا البلاد إلاّ البلوط إيصدره،
    معيينا نفهم ما فهمنا والو !
    لغة الخرشف تاع المسؤولين
    بالدِكسْيٌونار أٌو مقدرناش نفهموها،
    وعر بزاف !
    علذيك جاب عليهم قدور لنقري قصيدة:
    '''يا دزير ريب للواد وسرب لاتاي وشوي البلوط'''

  • nacer

    قهوة أمريكا ، وش جاب لجاب

  • رضوان

    "لكم دينكم ولي دين".
    العيب في نخبة المجتمع التي تقلد في الغرب مثل الغراب الذي يقلدمشية الحمامة وليس في الشعوب المغلوبة على أمرها .تركنا ديننا وأبتغينا العزة والعياذ بالله ورجعنا كما كنا قبل الإسلام ,من يخدم الفرس ومن يخدم الروم.فلن تقوم لنا قائمة إلا بدين الله. حتى لو هذا الكلام لا يعجب البعض من الغربان .
    نعيب زماننا والعيب فينا * وما لزماننا عيب سوانا
    ونهجو ذا الزمان بغير ذنب * ولو نطق الزمان بنا هجانا
    وليس الذئب يأكل لحم ذئب * ويأكل بعضنا بعضاً عيانا.

  • Adel

    انضمة عربية فاشلة و مفلسة

  • Omar

    LES USA SONT DIGNES DE REPRÉSENTER LA PLANÈTE TERRE LORS DE LA PROCHAINE CONFÉRENCE GALACTIQUE DES SYSTÈMES PLANÉTAIRES DE LA VOIE LACTÉE QUI RÉUNIRA LES PLANÈTES : GEA (TERRE), MARS, VULCANIA, AMBROSIA, FROSTIA ET NIBIRU... USA ! USA! USA!...

  • فيفي

    كلام في الصميم بارك الله فيك اخي قادة

  • ابن الجبل

    لقد قال كاتب خليجي هذه الايام .ان الفرق بين ديموقراطيتهم , هم ينتظرون صندوق الانتخاب ليعلن الرئيس الجديد ...اماعندنا فننتظر صندوق النعش لنعرف الرئيس الجديد

  • larbi

    انتخاباتنا و انتخاباتهم.
    رؤساؤنا و رؤساؤهم
    أحزابنا و أحزابهم
    نوابنا و نوابهم
    أغنياؤنا و أغنياؤهم