الرأي

لِنَسْتبِق الإساءات القادمة…

محمد سليم قلالة
  • 682
  • 4
ح.م

إذا انطلقنا من فرضية تقول أن الإساءات للرسول عليه الصلاة والسلام لن تتوقف في قادم العقود نتيجة تنامي التطرف الإلحادي الرافض للدين في المجتمعات الغربية، وغيرها من الأسباب، فإنه علينا أن نُعيد تقييم ردود أفعالنا لأجل التفكير في بدائل أخرى للتعامل مع هذا الاتجاه في المستقبل.

لنبدأ بتقييم عينات من الأفعال المسيئة:

ـ  في 2 سبتمبر 1988 كتب سلمان رشدي “آيات شيطانية”. فكان الرد على هذا الفعل المشين، مسيرات ضخمة من جاكرتا ودكا وإسلام آباد وطهران شرقا إلى اسطنبول والقاهرة والخرطوم  والرباط غربا… إضافة إلى تهديدات بالقتل بالآلاف وفتوى للإمام الخميني بهدر دم سلمان رشدي… الخ، والنتيجة أصدر سلمان رشدي بعدها أكثر من 10 روايات وتمت ترقيته في أعلى المناصب الأدبية في لندن ونيويورك وغيرها من العواصم، وغُمِر بالجوائز العالمية، ومازال إلى اليوم يفعل.

ـ في سنة 2004 تم تصوير فيلم “الخضوع”  المسيء للإسلام للمخرج الهولندي “ثيو فان غوخ”… وكان الرد مسيرات حاشدة، تنديد وتهديد، أنتهى بقتل المخرج في نوفمبر من نفس السنة، على يد محمد بويري (الهولندي من أصل مغربي)، وبالزج به مدى الحياة في السجن …

ـ في 30 سبتمبر 2005 نشرت صحيفة (يولاندس بوستن) الدانماركية رسوما كاريكاتورية مسيئة… وكانت ردة الفعل مشابهة: مسيرات ضخمة، بيانات تنديد، سحب سفير المملكة السعودية من الدانمارك، دعوات لمقاطعة المنتجات الدانمركية، إحراق السفارة الدانمركية بلبنان، سحب السفير الليبي من الدانمرك، طرد البعثة السياسية الدانمركية من إيران… وبعد أكثر من سنة وتضامن الصحف الغربية مع بعضها البعض، اعتذرت الصحيفة الدانماركية وأُغلق الملف.

ـ  في 2012 تم نشر الفيلم المسيء “براءة المسلمين” وعُرف أيضا “ببراءة ابن لادن” وبـ”محاربي الصحراء” (حتى نكون في الصورة)… وكانت ردة الفعل مسيرات ضخمة، دعوات للمقاطعة، أعمال عنف… من بين ما أسفرت عنه مقتل السفير الأمريكي ببنغازي و3 دبلوماسيين…

والأمثلة كثيرة…

ماذا نستنتج؟

نستنتج أن الفعل استمر ذاته وردة الفعل استمرت ذاتها، بنتائج لا تُذكَر، في الوقت الذي يُفتَرَض من المسلمين التحول إلى الفعل واستحداثه ضمن نظرة استباقية تكون في عظمة الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية.

وذلك لن يتم في تقديري، إلا من خلال طرح الأسئلة الصحيحة عن المستقبل: ماذا ينبغي أن نُنتج إعلاميا عن الإسلام لكي ننشره؟ ما الذي يحتاج الغرب أن يعرفه عن الإسلام، وكيف نتعامل معه؟ ما هي النخب الغربية التي اهتدت إلى الإسلام، وكيف نُروِّج لأفكارها؟ ما الفعل الإيجابي الذي ينبغي أن نتعامل به مع ما يَحدث من تحولات سلبية في حضارة العلم والتكنولوجيا؟ وما الذي ينبغي تكريسه للتأثير فيها إيجابا؟ كم من الجامعات ومراكز البحث ينبغي أن نستحدث في العالم دفاعا عن الإسلام… الخ؟

فضلا عن عشرات الأسئلة التي ينبغي طرحها عن مجتمعاتنا التي مافتئت مظاهر التغريب تتفشى بداخلها، وبعض نخبها تسيء للإسلام أكثر من الغربيين أنفسهم. فضلا عما تعرفه من تبعية لغيرها في غذائها ودوائها وملبسها وعلمها وتقنيتها وأغلب ضروريات الحياة…

هل الإجابة عن هذه الأسئلة لاستباق الفعل أهم لصناعة مستقبل لهذا الدين، أم انتظار فعل الآخرين والعودة إلى أسلوب ردة الفعل هو الأهم…؟

لا أتصور أن الآخرين سيتوقفون عن أفعالهم.. حدثت الإساءة في القرون الماضية، وتحدث اليوم وستحدث في المستقبل… لنصنع الفرق باستباقنا لهم…

كم أنتج المسلمون من فيلم عالمي عن الإسلام بعد فيلم “الرسالة”؟

مقالات ذات صلة