-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مؤهلات الرئيس في جمهوريةٍ جديدة

مؤهلات الرئيس في جمهوريةٍ جديدة
ح.م

الجزائر على مشارف عصر جديد، تنهض فيه جمهورية جديدة، رسمت شرائح الشعب ملامحها، ديمقراطية شعبية، لها قدرة على النهوض الحضاري المتجدد، بعد نفض غبار عقود مضت، أضحى فيها العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، مجرد نص دستوري تتغير مواده حسب أهواء منظومة سياسية، ترسخ أسس بقائها، بغطاء تشريعي لا تطبق قوانينه، لم تجد رادعا وهي تُغرق البلاد في أسوا الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، قبل انطلاق انتفاضة شعبية كبرى بدأت تغيّر مسار التاريخ الوطني، أعادت السيادة للشعب، الذي قوّض أركان الفساد والانحراف، وجعل القضاءَ حاكما مستقلا في أكبر حملة تطهير لم تشهدها نظم العالم من قبل.

حملة تطهير تقطع مساراتها بانتظام، قصمت ظهور فئة ضالة، عزلها الشعب في سجن تأديبي، بانتظار إنزال القصاص العادل بها، تتماشى بالتوازي مع إطلاق منبر حوار وطني ينهي الانسداد السياسي، الذي كاد يخنق عمل المؤسسات السيادية، لولا المرونة في توظيف قوانين دستورية في مرحلة الانتقال إلى عهد جمهوري جديد، يفرز رئيسا توافقيا جديدا، وجيلا قياديا جديدا، يتبوأ مراكز القرار السياسي، يعيد للجزائر ازدهارها الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي في مسار تنموي متقدم بلا عراقيل.

سيحمل الرئيس خصائص القدرة على تجسيد طموحات شعبية كبرى، له الرؤى الثاقبة وإمكانات التحكُّم بالآليات المتاحة، في إدارة شؤون البلاد المالكة لكل عناصر التقدُّم الحضاري، والمهيأة كليا لاستثمار الطاقات البشرية التي عطلت عهودٌ سابقة قدرتها على الحركة والعطاء، وأغرقتها في أزمات خانقة.

يدرك الرئيس في جمهورية منتظرة إرادة الشعب في “قائد” يحاصر المشاكل بكل أبعادها، دون تركها للصدفة أو الاحتمالات، واضعا خطط علاجها في زمن قياسي، مستثمرا القدرات المتاحة من ثروات طبيعية وطاقات ومؤهلات أكاديمية وعملية.

كما يدرك الجيل القيادي الجديد، في وقت انتقالي عصيب، وفي أي وقت كان، أن الأصعب في التحديات، هو اتخاذ القرار والبدء في تفكيك عُقدها، مستندا إلى قاعدة جماهيرية عريضة، يضحى فيها الشعب المؤهل في مرحلة البناء هو الغاية والوسيلة معا.

والقائد الحق يفتح كل الآفاق أمام شرائح الشعب، ويحيي دورها، بلا محاذير أو عُقد تخشاها النظم الدكتاتورية المتهاوية.

يأخذ القائد مجتمعه في طريق تحقيق المثل الأعلى، ألذي لا يتحقق دون وجوده “قائدا” امتلك المهارة والمعرفة في استثمار أدوات القيادة الحديثة، وصاغ فنونها فعلا إنسانيا مبدعا في مرحلة ترتقي بطموحات حضارية معاصرة لا تخلو من مجابهة التحديات الكبرى.

ويؤمن المجتمع الذي يمارس دوره في اختيار قائده عبر صناديق الاقتراع تجسيدا لواجب وطني يعزز مبادئ الانتماء الذي تتأصل به مضامين الهوية. إن خصائص القائد هي التي تبسط القاعدة التي تبنى عليها فنون القيادة الحديثة، المدركة لمدى التطور في مفاهيم المواطن وتطلعاته في ظل متغيرات الظروف المحيطة به.

وتتحدد اتجاهات المجتمع في الممارسة الديمقراطية انطلاقا من وعي إنساني متكامل بخصال القائد الجدير بحصد أصوات الأغلبية المؤمنة بقدرته على تحقيق طموحاتها واحتواء التحديات التي تعترض مسيرة البناء المتعاظم في عصر التسابق الحضاري.

ويدرك “الناخب” الذي اكتسب وعيا حضاريا معاصرا إن القيادة في العصر الحديث أضحت علماً قائماً بذاته، وارتبط ارتباطا وثيقاً بعلم النفس، باعتباره العلم الذي يتناول العلاقات الإنسانية، ويفسر سر تأثير القائد على مجتمعه المتنوع بأطيافه وشرائحه وتوجهاته، وقدرته في إرساء قواعد التوحد حوله رمزا وطنيا يحمل باقتدار أعباء القيادة، والإدارة بأخلاقيات العمل الجماعي التي تنبذ أخلاقيات الزعيم الأوحد.

والقائد الجدير بصوت الناخب الجزائري الفاعل في حركة مجتمعه هو ذلك القائد الآتي من رحم هذه الأمة والمؤمن بأصالتها والمتطلع لبناء مستقبلها والمتميز بتلك الخصال:

*القائد الشجاع في مواجهة الخطر والأزمات بهدوء محسوب بمقادير الحكمة، والوقوف مع الحق ضد أي إجماع مخالِف.

والقائدُ الذي يتمتع بالشجاعة الروحية هو القادر دون غيره على مجابهة التحديات، ويتخذ قراراته إيمانا بصوابها وضرورتها. واكتساب الشجاعة، يتأتى من قدرات ذاتية على مواجهة المصاعب وتحمُّل أعبائها، والحفاظ على التماسك عند الأزمات، ولا يميل إلى تضخيم المواقف.

* القائد الذي يضع نفسه في آخر سلم الأولويات في الأوقات الصعبة والأخطار.

* القائد الذي يحافظ على معرفة التطور الحالي للعلوم السياسية والعسكرية والاقتصادية التي يمارسها في عمله، وأن يكون على صلة بكل تطور يحدث في المجالات المحلية والعالمية، بما يساهم في إثراء معارفه وتوسيع مداركه وتعزيز خبراته.

* القائد القادر على إنجاز القرارات الفورية، التي تتميز بالوضوح والفعالية، لاسيما في المواقف التي تستدعي أكثر من حل واحد.

* حكمة القائد في “فرز” الحلول ومقارنتها ببعضها قبل اختيار القرار الأفضل.

* اكتساب القائد صفة الحسم من الممارسة والخبرة المتراكمة التي اكتسبها في مراحل تاريخية مختلفة.

*القائد الهادئ والثابت والمهذَّب في أسلوب تواصله مع أبناء شعبه الذين يحسُّون بالثقة والأمان.

ويرى الناخب الذي يحمل صوتا صادقا ذلك القائد الذي بنى نفسه، من صبره وجلده وعلو همته، ودراسته، وخبرته وتجاربه، ونجاحه، ومقارعته للأحداث، ووقف على أسس عصاميته ومعطيات تفوّقه ونبوغه، ودعائم نجاحه وتوفيقه.. بما يجعله قادرا على انجاز المهمة القومية الكبرى واكتساب حب الشعب في ظل عقد اجتماعي يبعث المصالحة بين الحاكم والمحكوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جلال

    إن الرقي والازدهار هما عمل كل أفراد الأمة وهما عمل جماعي منظم ومنسق ومقنن يسير وفق شروط موضوعية وأخري مادية وهو عمل أفقي وعمودي وفي العمق وليس من شيم شخص أو حتى عدة أشخاص أن يرقوا الأمة إذا لم يكن هناك هاجس التقدم والدوافع الذاتية والعوامل والمحفزات النفسية والمعنوية متوفرة في تلك الأمة.يجب أن تكون الإنتخابات على جميع المستويات من القمة الى القاعدة وأن تنتهي سياسة التعيينات فمجالس الإدارة مثلا في الشركات تسند لها تعيين المدراء من نفس المجالس بالإقتراع وفق الكفاءة والنزاهة وقس على ذلك في مجالس القضاء والبرلمان والمجلس الدستوري الى آخره

  • دوادي

    كلام جميل جدا فهل يمكن لمجتمعنا الحالي أن ينبعث منه قائد بهذه المواصفات و الأصح هل يمكن لمجتمعنا ان يبعث بقائد بهذه المميزات إلى القيادة ؟