مادخل “الغالية” غزة في “الرخيسة” الكرة؟
إتصل مواطن فلسطيني يدعى “وائل خالد” قال إنه رئيس رابطة مشجعي نادي الأهلي المصري في قلب غزة بفضائية مصرية سهرة أول أمس وأغدقها بدعوات ربانية من “القلب” بالنصر لمصر في موقعة 14 نوفمبر القادم أمام الجزائر..
-
وكان الرجل الفلسطيني يتحدث أمام تهليلات سامعيه من محللين ونقاد رياضيين عن التزام اللاعبين المصريين بالتعاليم الدينية وهو ما يجعل الله إلى جانبهم، ووعد بالصلاة والدعاء رفقة كامل أبناء غزة لأجل فوز مصر بالفارق الذي يحلم به المصريون؟.. لسنا ندري ما دخل الشهيدة غزة في مثل هاته المواجهات الكروية التي من المفروض أن تكون آخر اهتمامات إخواننا في غزة بل دعونا نقولها صراحة أنها من المفروض أن تكون بالنسبة لنا جميعا آخر الاهتمامات؟.. ولسنا ندري لماذا نقحم اسمها الغالي على قلوبنا وسيبقى للأبد في”رخس” الكرة التي تمكنت من نسف علاقات الحب التاريخية مابين الكثير من الشعوب في العالم، وصار لها كوارث ومآسي وأحزان في كل المعمورة مثل مآسي الزلازل والحروب والفيضانات، ولها أكثر من ذلك الكثير من الفتن التي هي أشد من القتل.. فضائيات تقدم أغاني العبور وأناشيد تم كتابتها وتلحينها وغناءها لأجل هدف وطني وثوري في زمنه الحربي موازاة مع صور أهداف كروية سجلها منتخب مصر أمام أشقائه الجزائريين، ونقاد رياضيون من المفروض أن يتحدثوا عن جوانب تكتيكية، يشيدون بالتزام لاعبيهم الديني وإيمانهم الذي سيقودهم للفوز، وكأننا مقبلين على حرب أمام عدو غير مسلم يتطلب فيها شحن الوازعين الديني والوطني، وهو طعن صريح للوطنية وللدين لأنه في حالة الفشل في تحقيق الهدف فإن الوطن والدين سيكونان المستهدفان الأولين.. لكن أن نقحم الغالية غزة في إيهام الناس بأنها مع مصر في “موقعة” رياضية، فإننا نكون بذلك قد أهنّا غزة.. وأي عاقل في العالم حتى ولو كان من الكيان الصهيوني عندما يعلم أو يتوّهم أن رجلا بالغا في قلب غزة يصلي لأجل فوز مصر على الجزائر وليس فوز فلسطين على الكيان المغتصب سيدرك ببساطة لماذا انتصر اللقطاء على مدار ستين عاما على أمة التوحيد التي لم تتورط في تاريخها في رفع أيديها للسماء إلا من أجل نصر الشرفاء على حساب الأنذال، كما حدث في ثورة عرابي وثورة الجزائر، وكما حدث في كل الحروب العربية الإسرائيلية التي ساهم فيها الجزائريون كما ساهم المصريون.. لقد غنى عبد الحليم حافظ “خلي السلاح صاحي” بعد العدوان الثلاثي على مصر لأجل مواجهة إسرائيل وغنى محمد عبد الوهاب “أخي جاوز الظالمون المدى” لوقف العدوان.. والآن حذفت إسرائيل من “الكليب” المفروض أن يكون، وطابقته على حكايات كرة هي في أحسن الأحوال لن تشبعنا خبزا ولا علما فما بالك أن ترد لنا الأوطان المسلوبة، وأغلاها فلسطين.
-
لو خيّروا أي جزائري أو أي مسلم مابين الفوز في لقاء كروي ستتبخر نتيجته بعد دقائق من صافرة النهاية، وما بين استرداد الكرامة المسلوبة في لبنان وفلسطين والعراق لما تردد أن يقبل بالخسارة الكروية مدى الحياة مقابل أن نحقق الإنتصار في قضايانا الحقيقية.
-
لا يوجد منظر أبشع من أن تتصل فضائية مصرية بشاب فلسطيني من غزة الغالية وتقوّله أو تجبره على الدعاء الحماسي لنصرة فريق كروي على شقيق له دون ذكر حال غزة من السائل والسؤول.. وحتى لو حوّلت كل غزة مساجدها وكنائسها للدعاء بالنصر لمنتخب مصر على الجزائر – وهذا لن يكون في بلد مهموم أبطاله بالحرب المصيرية – فإننا سنظل ندعو بالنصر لغزة حتى تحقق النصر من دون قرعة ولا مباراة سد.