ماذا تنتظرون؟
غريب أمر المسؤولين في بلادنا الذين التزموا الصمت أمام الانزلاق الخطير دون أن يتحرك واحد منهم ويقول كلمة واحدة لعلها تطفئ نار الغضب، كل البلدان التي تشهد توترات اجتماعية تدخّل المسؤولون فيها وتحمّلوا مسؤولياتهم وكثّفوا الإجراءات لحماية الأشخاص والممتلكات إلا في الجزائر التي توارى المسؤولون فيها عن الأنظار وتركوا الشعب يواجه مصيره مع المنحرفين الذين حولوا الاحتجاجات المشروعة على غلاء الأسعار إلى أعمال نهب وتخريب وسرقة واعتداءات على الآمنين.
-
مسؤولونا تفنّنوا في صناعة الفشل رغم الوفرة المالية التي تتمتع عبها الجزائر.. فشلوا في إدارة أموال البترول، وفشلوا في إقامة نظام مصرفي كما فعلت كل دول العالم، وعندما اختلط الحابل بالنابل اتهموا تجار الجملة بالتسبب في أزمة غلاء الأسعار.
-
مسؤولونا فشلوا في إقامة نظام تربوي ناجح، رغم أنهم ملأوا الدنيا ضجيجا عن الإصلاحات التربوية دون أن يعلموا أنهم خلقوا مدرسة مشوهة أنتجت جيلا يتظاهر بالسلب والنّهب والتخريب والاعتداء على الآمنين.
-
مسؤولونا تعاملوا بمنتهى الغباء مع الانفلات الاجتماعي، وعوض أن يسارعوا إلى اتخاذ إجراءات لامتصاص حالة الغضب والاحتقان راحوا يوزّعون الاتهامات يمينا وشمالا، ويجتهدون في البحث عن الأطراف الخفية التي تحرك الشارع، فلا هم وجدوا الأطراف الخفية ولا هم أوقفوا الانحراف الموجود.
-
حتى المؤسسات الإعلامية الرسمية تم خنقها، ولم يسمح لها بنقل نبض الشارع، وعوض أن تكون هذه المؤسسات متنفسا للفئات المسحوقة مارست نوعا من التعتيم الغبي، بالتركيز على تشييد المشاريع ومعاصر الزيتون، بينما الجزائر تحترق شرقا وغربا.
-
عوض أن تجتمع الحكومة قبل يوم الجمعة المشهود وتتخذ الإجراءات المناسبة للحيلولة دون تعفن الأوضاع انتظرت إلى أن وقعت الواقعة واشتعلت البلاد شرقا وغربا وسقط ضحايا، ثم دعت إلى لقاء وزاري مشترك.
-
إن المواطنين الذين نظموا أنفسهم في خلايا لحماية المؤسسات الرسمية بما فيها المقرات الأمنية، تحركوا بعد أن شعروا بفشل المسؤولين في إدارة الأزمة، على ما في هذا التحرك من خطورة، لأنه يفتح الباب أمام متاهات أخرى من المواجهات بين المواطنين… من واجبكم حماية المواطن وحماية مؤسساته الرسمية من مدارس ومستشفيات وإدارات ومقرات أمنية.. فماذا تنتظرون؟