-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا بعد العاروري؟

وجيدة حافي
  • 351
  • 0
ماذا بعد العاروري؟

قبل العاروري، رحمة الله عليه، رحل الكثير من رجال الأمة الرافضين للذُل والخُنوع، والمُقاومين للعدو بكل شجاعة وقُوة، وأكيد سيموت بعده آخرون يحملون المبادئ والمُقومات ذاتها، مادام هناك “دولة” اسمها “إسرائيل”، تنتهك وتسرق حقُوق الغير من دون عقاب ولا جزاء، فلن يهنأ لهؤلاء وأمثالهم بال.
إسرائيل المُفتخرة باغتيال هذا البطل، دخلت النار برجليها ومن دون أن تشعر وسّعت من الصراع إلى حُدود لُبنان، وإستفزت قائد مُقاومتها الإسلامية في جنوبه السيد حسن نصر الله الذي لن تمر عليه عملية الإغتيال وهو الذي هدد أكثر من مرة بالإنتقام الفوري لقادة الحزب اللُّبنانيين، أو الفلسطينيين ضُيوفه على الأراضي اللبنانية، ومادامت إسرائيل وضعته في قائمة المُستهدَفين، يعني أنه دوّخهم وأصابهم في مقتل، فهو منذ الساعات الأولى من طوفان الأقصى كان إلى جانب المقاومة الفلسطنينية في غزة والضفة بالسلاح والتدريب وحتى التمويل.
وإذا كان “نتنياهو” يظن أن حركة حماس قد انتهت وضعُفت باستشهاد “العاروري” فقد أخطأ، فحماس وكل حركات المقاومة العربية الإسلامية “عاروري وطويل، والشيخ أبو ياسين، صلاح شحادة وأحمد الجعبري” وغيرهم ممن كانوا هدفا لإسرائيل المُحتلة التي ستدفع الثمن باهظا داخليا وخارجيا.
إنّ قتل شخصية لها وزن وثقل سياسي كبير داخل وخارج فلسطين، جُرأة كبيرة من رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي فقد البوصلة والعقل، وأصبح كل همّه ووزرائه إبعاد الضغط الداخلي، وإرضاء بعض الأعضاء الذي أصبح الكثيير منهم لا يحضر الجلسات الأمنية والحُكومية بسبب الخلافات والتناقضات التي طفت للسطح في الآونة الأخيرة، لكن كل الحسابات الضيقة لنتنياهو باءت بالفشل، والخيارات ضاقت وستضيق عليه مع الفشل الكبير في تحقيق أهداف الحرب الرئيسة، وإمكانية توسيع خلافاته مع “بايدن” الرافض لخروج الحرب عن مسارها المكاني المُحدد له، فنتنياهو يرغب في إطالتها وتوسُّعها ما دامت أمريكا خلفه ولن تتركه، وهي فُرصة ليتهرب من المُحاكمة التي تنتظره ، و”بايدن” لا يُريد التورط في جبهات جديدة خاصة مع المُظاهرات والأصوات الأمريكية الرافضة للحرب والمُطالِبة بوقفها، والحرب في أوكرانيا التي مازالت قائمة، والرئيس الأمريكي لا يُريد خسائر بشرية ومالية أُخرى، مع إمكانية ارتفاع أسعار النفط والتي ستُؤثر على اقتصاد أمريكا ووضعها الداخلي مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، والرجلان وإن كانا يتفقان في فكرة القضاء على المُقاومة، إلا أنهما يختلفان في وجهات النظر والأهداف، فهل سيرد “حسن نصر الله” كما وعد في خطابه؟ وكيف ومتى سيردّ؟ طبعا مادام الرجل توجه بخطاب نعى فيه ووعد بالثأر، فسيضطر للرد، أما الكيفية والزمان فهذا ما ننتظره جميعا.
موضوع الرد على عملية الإغتيال لن يكون محصورا لحزب الله ولُبنان رغم وُقوع الجريمة على الأراضي اللُبنانية، والردود ستأخذ عدة أشكال تقليدية كتصعيد الجبهات، وغير تقليدية كالقيام بعمليات إستشهادية كبيرة، وقد يذهب محور المُقاومة لتصعيد الضربات على المُدن الإسرائيلية، كذلك ضرب القواعد الأمريكية في مُختلف بقاع العالم وغيرها من الطُرق المُباشرة وغير المُباشرة للثأر من إسرائيل التي تعيش حالة من القلق والخشية، لأنها تعرف أن الرد الذي لا تستطيع تحديد زمانه ومكانه قادم لامحالة، ولهذا وبدلا من لعبها بالنار وإصرارها على حرب هي خاسرة فيها، لما لا تجنح للغة العقل والسلام، وتقتنع بأن الفلسطينيين جُزء لا يتجزأ من هذه الأرض؟ فالوعيد والتهديد، والقتل لم ولن تهزّ أرض المقدس وأبنائها، وهناك كثير من أبناء وأحفاد العاروري المُستعدون للتضحية بأنفسهم من أجل وطنهم وأرضهم المُغتصبة، فنظرة على تاريخ الرجل وحياته ستوضح كيف أنه فلسطيني قُح، رغم إبعاده عنها وعيشه مُتنقلا من بلد إلى آخر مُجاهدا بالتخطيط والسعي لمُساعدة كتائب القسام وكل إخوانه في الجهاد، حُبّه للشهادة التي كان يستبطئها دليل من دلائل قوة الإيمان، ختمُ حياته بحجة بعدما كان من زوار بيت الله السنة الماضية، وجهاد، ثم استشهاد، كُلها تدل على الإيمان الكبير ، فألف رحمة عليك يا عاروري وكل التقدير والإحترام لك ولأمثالك من رجال الأمة الحقيقيين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!