-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ما لا يقال

ماذا بعد تأشيرة “المونديال”؟

ماذا بعد تأشيرة “المونديال”؟

الكل يراهن على رد فعل جمهور الفريق الخاسر في مباراة الجزائر ومصر لنيل تأشيرة التأهل للمشاركة في منافسات كأس العالم التي ستجرى في العام القادم.

  • والكل يتساءل عن تداعيات ما بعد 14 نوفمبر الجاري؟ وهل تستطيع السلطة المصرية السيطرة على الشارع المصري؟ والكل معلق برد فعل الشارع الجزائري في حالتي الفوز أو فقدان التأشيرة؟
  • الحرب بين أنصار الفريقين انتقلت إلى “ساحة الحريات الإعلامية” بلغة أقل ما يقال عنها إنها تعبر عن الوجه الآخر للأزمة الشبانية في وطننا العربي، وهي فقدان لغة التواصل والحوار والنقاش. ولأن السلطة في البلدين تشجع المراقص الليلية وتكممّ أفواه السياسيين والمثقفين، فقد جاءت لغة التعبير في مستوى “المواخير والنوادي الليلية ودوريات المياه” على الأنترنت. وكأن شباب القطرين الشقيقين يتباهيان بأنهما يتقاتلان، في الدهاليز، بلغة من احتلهما ذات يوم، فقد عادوا إلى قاموس مفردات الاحتلال ليتراشقوا بها.
  • العلم وحّدهم و”الكرة هدفهم”!
  • أحاديث الشارع الجزائري والمصري هي حول تصريحات أعضاء طاقم كل فريق، فهو مصدر اعتزازهم، والوعود بالفوز هي الأمل الباقي لديهم.
  • إنها حرب حقيقية، بلغة لا تستطيع أن تدخل أي بيت جزائري أو مصري، إنها اللغة المستمدة من الثالث المحرم (الجنس والدين والسياسة)، فالمفردات الجنسية قاعدتها، وشرعية الفوز مرهونة بـ”مشيئة الله” فهو الذي سينتصر لـ”أنصار موسى على فرعون” أو “أنصار فرعون على موسى”. أما الإدانة فستكون للرئيس المحتمل، ولكنها مشتركة بين المجموعتين وهي ضد “توريث السلطة”.
  • تخوفات سلطات البلدين مشروعة ولكن التقارب بينهما قبيل الفوز مستبعد، إذ لا توجد “نار دون دخان” والتكهن بالنتيجة مستبعد، لأن منطلق الفكر العربي مبنية على القبيلة والعشيرة وليس على أساس الدولة.
  • فمن يقرأ تاريخ “الرجلة” في الجزائر وتاريخ “الفتوة” في مصر، يجد أنها مرتبطة بالأحياء الشعبية أو الأنصار، والكل يتكئ على “حائط المبكى”. ولهذا لم نحقق انتصارا واحدا في حربنا ضد الصهاينة خلال 60 سنة، وحين وقفنا مع إسرائيل جاء النصر من حزب الله، لأنه وقف وحده ضدالمنهزمين.
  • صحيح أن أولوية الفوز هي للفريق الجزائري، والعقلاء من الصحافيين الرياضيين المصريين يدركون ذلك، ولكن من يؤمنون بـ(المعجزات الافتراضية) يمثلون الأكثرية في وطننا العربي.
  • الحرب الحقيقية التي سنراهن عليها للانتصار ليست بين أنصار الفريقين وإنما يقودها كل من سعدان وشحاتة، ومن يستطيع أن يروّض “أبطاله” لأن ينفّذوا خطته هو الذي سيفوز بتأشيرة التأهل للمونديال. ولهذا فإن رأس أحدهما “مطلوبة” لأن نعلق عليها هزائمنا الرياضية، وفشلنا في تمكين رئيسنا من حضور حفل افتتاح كأس العالم في جنوب إفريقيا. لو كان يدرك أنصار الفريقين بأن الضغوط التي يمارسها رئيس كل دولة على رئيس فريقه الوطني، عبر الهاتف، هي التي “تحرق أعصابه” وليس اللقاء المنتظر، لغيّر الأنصار خطابهم، وربما اقترحوا وحدة بين البلدين يكون رئيسها هو رئيس الفريق الذي سيتأهل للمونديال.
  •  
  • العلم والله… شعارا التأهل؟
  • قبل منافسات كأس العالم 2010 كانت الأعلام التي تملأ الملاعب هي أعلام الفرق الرياضية، لكن المنافسة بين الجزائر ومصر عزّزت الالتفاف حول العلم كرمز للانتصار، إلى درجة أن “العائلات المنكوبة” في الجزائر التي كانت تضع أعلاما أمام بيوتها ضاعت مع موجة الإعلام الجديدة.
  • قبل بضع سنوات حاول مدير سابق لليتيمة أن يتاجر بالأعلام فحمل شعار: “علم في كل بيت”، ليصنع خمسة ملايين علم، ولكن حتى الآن لم ندخل أعلام الحكومة بيوتنا، لأن مالها نهب، ولكن دخلت أعلام الأنصار، وصارت تخيف “حزب فرنسا”. فكيف تحول الشباب الجزائري الذي حرق العلم وداسه وبعضهم متابع بسبب هذا السلوك في العدالة، إلى محب للعلم ومدافع عنه؟
  • إن أول من تنبّه إلى الاستخفاف بالعلم الوطني على مستوى الشباب هو السيد يحي قيدوم، وزير الشباب السابق، الذي وجّه مراسلة، بهذاالشأن، إلى مديري الشباب والرياضة بتاريخ 28 / 08 / 2005 يقول فيها:
  • “…وبالنظر لتهاون البعض، في أخذ الموضوع بجدية ومسؤولية كاملة، أطلب منكم اتخاذ كل الإجراءات المناسبة التي من شأنها تعليق ووضع العلم الوطني على مستوى كل المؤسسات والهياكل القاعدية لقطاعنا والسهر على إيلائه العناية والاهتمام الكامل”. واليوم، صار علمنا يتصدر العمارات والمحلات والأزقة والشوارع، بالرغم من أنه مايزال في مؤسسات السلطة يعلّق بطريقة خاطئة. ومادام العلم الوطني و”مشيئة الله” هما شعارا الشباب للفوز، فإننا نتساءل: “هل اليتيمة قناة غير جزائرية حتى لا تحمل انشغالات الشباب”؟
  • ومادام الكل يدعو الله، عز وجل، أن ينصر فريقه، فهل نحن في حاجة إلى “أولياء” على الإسلام والمسلمين في الجزائر أم إلى أحزاب إسلامية وجمعيات إسلامية لا تتقاتل من أجل تحويل الأمل لدى الشباب إلى “يأس” أو تعمل على “تضليل الرأي العام” باستخدام الإسلام وهي ضد رموزه، فقادة الأحزاب الإسلامية في الجزائر لم يبق منهم إلا الشيخان عبد الله جاب الله الذي أقصته السلطة وإسلاميو السلطة من ممارسة نشاطه، والشيخ علي بن حاج الذي مايزال يحمل “شعلة” البحث عن موقع في الخريطة السياسية.
  • أما بقية القيادات الإسلامية فالحديث عنها ذو شجون. والسؤال الجوهري: هل الإسلام الذي هو في قلوب أنصار الفريق الوطني موجود في قلوب من يتولون المسؤولية على مصير البلاد؟
  • لقد فقدت الأحزاب الجزائرية وجودها في الشارع و”شاخت” ولم تطعّم بالعناصر الشبانية، وفقدت السلطة وجودها لدى المواطن ولكن لم تجدد نفسها، وإنما تغير ثوبها مثل “الثعابين” في المواسم الانتخابية.
  • ماذا لو أن كل مسؤول في الجزائر اتّبع خطة سعدان في اختيار طاقم من الشباب ليدير به مؤسسته أو وزراءه أو حكومته أو رئاسته، ألا نكون قد فزنا جميعا. ليس بالتأهل لكأس العالم فحسب، وإنما للقيام بدور إقليمي ودولي، يعيد لجزائر بومدين سمعتها وكرامتها وعزتها.
  • لمن الفوز؟
  • في 2 جويلية 1834 صدر مرسوم فرنسي بإلحاق الجزائر بفرنسا واعتبارها مقاطعة فرنسية، وتشكل مجتمع جديد على الأراضي الجزائرية مكوّن من المسلمين وهم الأهالي أو الجزائريين، من اليهود، وهم التجار الذين وفّروا الظروف لغزو الجزائر، والأوروبيين وهم المنبوذون في أوطانهم والمغامرون، إلى جانب الجيوش الفرنسية. وحتى يتم الاندماج بين هذه الفئات الثلاث، شجعت السلطات الفرنسية الجميع على إنشاء مجتمع مدني وصل عدد الجمعيات فيه إلى 3924 جمعية منها 40 يهودية، و999 جمعية رياضية، بحيث شكلت الرياضة 26٪ من مجموع الجمعيات، كما ورد في أطروحة دكتوراه للأستاذ بوكابوس.
  • وهذا يؤكد أن الرياضة تؤدي مهمات أساسية في أوقات الحرب والاستقلال وتشكلت هذه الجمعيات خلال 62 سنة (1900 – 1962). كانت أهم جمعية هي الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بقيادة مصطفى كاتب، وتضم العديد من الفرق الفنية والرياضية التابعة للثورة.
  • واليوم، فإنه خلال العشرين سنة الأخيرة وصل عدد الجمعيات 80 ألف جمعية، معظمها شبيهة بـ”اتحاد الكتاب الجزائريين” فيها القاتل والمقتول والسارق والمسروق والسائق والسكرتير وحارس الوزير. والطالب والطالبة. وليس فيها كتاب وإنما كتبة. فهل بمثل هذه الجمعيات التي تتكاثر مثل الطحالب، مستمدة وجودها على حساب المال العام، نستطيع أن نحصل على أي عنصر محتمل؟
  • لا أشك مطلقا في أن تأشيرة التأهل ستكون لصالح الفريق الوطني، ولكنني أشك في “وجود فريق” وطني، وحتى يكون هذاالفريق “وطنيا” أدعو أعضاءه، بعد الانتصار، أن يطلبوا استرجاع الجنسية الجزائرية، مثلما فعل قادة الثورة الذين كانوا في المغرب دون جنسية جزائرية واسترجعوا بعد استرجاع السيادة. وليأخذوا العبرة من الرئيس أحمد بن بلة الذي لم يطلق الرياضة منذ الإطاحة به في 19 جوان 1965 لغاية اليوم، وهو من الحكماء الأفارقة الذين يمارسون الرياضة كل صباح ويقرأون الكتب يوميا، وبالتالي فهو يمارس رياضتين: جسمية وفكرية.
  • ومن يمارس الرياضتين لا يستطيع أن يمارس العنف، فإذا أردنا أن نتفادى تداعيات 14 نوفمبر الجاري، فعلينا أن نوحّد بين “شهداء الرياضة في البلدين” في نصب تذكاري يحمل “اسم الجزائر ومصر” ونكسة 5 جوان 1967، وانتصار 10 أكتوبر 1973، وأحداث 14 نوفمبر 2009. والذين أساءوا للدولتين ستبقى أسماءهم معلقة في سفارتي الجزائر ومصر، بحيث أنهم لن يجدوا ملجأ لهم خارج وطنهم، لأنهم سينبذون في القطرين. صحيح أن هناك “فعل ورد فعل” ولكن ما ذنب المواطن الجزائري أو المصري الذي يبحث عن موقع له خارج بلاده ليعيش كريما؟
  • لقد قامت الفضائيات العربية، مع الأسف الشديد، بتسخين البندير، مثلما تفعل حاليا ضد حماس وحزب الله والحوثيين وسكان دارفور، وكأنها تريد لهذه الأقطار العربية الأربعة أن تتحول إلى دويلات لتقتات من جحيم الحرب على أبنائها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!